بلدي نيوز - (خاص)
تعيش العاصمة دمشق أسوأ حالة اقتصادية منذ سنوات، وسط شلل في حركة السير، جراء عدم توفر الوقود وغلاء أسعاره، مما جعل الناس تلتزم بيوتها، إضافة لتوقف عمل الدوائر الحكومية لعدم تمكن الموظفين من الوصول إلى عملهم، مما دفع بأحد الأشخاص للتبرع بعدة ليترات من المازوت لدائرة حكومية لتسيير معاملته المستعجلة.
وقود
ويكاد الوقود ينعدم تماما وبات مفقودا في العاصمة دمشق، ولم يعد بإمكان الموظفين الوصول إلى أماكن عملهم لعدم توفر المواصلات، وتغيب طلاب المدارس والجامعات عن الحضور، وبات واضحا أن العاصمة مشلولة وتفتقد لمواد الطاقة والوقود وكل ما يلزم لمتابعة سير الحياة.
وبعد تخفيض حكومة النظام قبل أسبوع توزيع حصص الوقود على السيارات والباصات، تراجعت أعداد الحافلات العامة وسيارات التاكسي بشوارع العاصمة. وأصدرت الحكومة الأسبوع الماضي قرارا بتخفيض كميات تعبئة مادة البنزين للسيارات السياحية الخاصة والعامة لتصبح 20 ليترا كل سبعة أيام للسيارات الخاصة، و20 ليترا كل أربعة أيام للسيارات العامة، و20 ليترا للسيارات العاملة على الخطوط الخارجية لبنان والأردن كل 4 أيام، بالإضافة إلى إيقاف تزويد الحافلات العاملة بالمازوت بكميات المخصصة لها كل يوم جمعة حتى إشعار آخر، والاكتفاء بعمل باصات الشركة العامة للنقل الداخلي.
وقالت مدرسة لغة عربية في معضمية الشام بريف العاصمة، إنها تسير كل يوم لمدة ساعة من بيتها للوصول للمدرسة وكذلك العودة، وأضافت أنها لا تفكر باستخدام سيارة التاكسي لارتفاع أجورها التي تتراوح بين 7 و10 آلاف، حيث أن دخلها الشهري 50 ألف ليرة سورية فقط لا غير، وعندما لا يكون باستطاعتها المشي لا تذهب للمدرسة!
وقال "أحمد" القادم من الإمارات في زيارة لدمشق لبلدي نيوز، إنه وصل العاصمة قبل أسبوع بزيارة اضطرارية لوالده المتعب صحيا وتفاجأ بما رآه -الحياة مشلولة تماما لا مواصلات- وإن توفرت فالأجر غالٍ جدا، وطوابير الوقوف على محطات البنزين تفوق الاحتمال حيث تقف السيارة لمدة ٩ ساعات لتعبئتها، وتابع بأن الناس بدمشق متعبة جدا والواضح أن الوضع أصبح أكبر من قدرتهم على التحمل والاستمرار بالعيش بهذه الطريقة، البلد مشلول تماما.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط"، عن أحد سكان العاصمة قوله إن الأزمات المعيشية في سوريا وصلت إلى حد غير مسبوق حتى الحلول البديلة لم تعد ممكنة حيث تذهب للمؤسسة الحكومية لتسديد فواتير أو رسوم فيقولون لك الشبكة معطلة أو لا يوجد كهرباء ولا مازوت لتشغيل المولدات.
وأدى التقنين إلى إغلاق عشرات من محطات الوقود وشل الحركة المرورية في أغلب المناطق الحيوية وارتفاع أجور النقل عدة أضعاف، كما ساهم ازدياد ساعات تقنين الكهرباء إلى تعطل العمل في المستشفيات والعيادات والمخابر.
وانتقد طبيب أسنان، حسب المصدر نفسه، عدم القدرة على معالجة المرضى لانقطاع الكهرباء لساعات طويلة وعدم توفر وقود لتشغيل المحطات.
ويلجأ الركاب إلى ركوب شاحنات نقل البضائع، كما يتبرع بعضا من أصحاب السيارات بنقل من يقصدون ذات وجهتهم من المنتظرين. وتقول سيدة إنها جاءت من جنوب دمشق بواسطة ثلاثة باصات، وتضيف "بالأمس ركبت مع عشرين شخصا في صندوق سيارة شحن من جرمانا إلى باب توما ومن هناك إلى جسر الرئيس ركبت في سيارة مدنية، ومن جسر الرئيس إلى مكان عملي في المزة تابعت سيرا على الأقدام، استغرق ذلك أربع ساعات وصلت بعدها منهكة لا طاقة لي على العمل ولا الكلام".
وهذه الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها العاصمة دمشق دفعت العديد من السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي للتندر على النظام وحكومته بإطلاقهم وسما للعاصمة باسم "دمشق مدينة البائسين" في إشارة إلى تغير للاسم التي اشتهرت به سابقا "بمدينة الياسمين".
كورونا
وتشهد مستشفيات دمشق أعدادا كبيرة من المصابين بفايروس كورونا حيث لم يعد باستطاعة المستشفيات استقبال المزيد من الحالات لقلة الإمكانيات وسوء الوضع الصحي.
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية تصريحا لطبيبة في مستشفى المواساة، أشارت فيه إلى أن هناك الكثير من الحالات بحاجة لجهاز تنفس صناعي وللعناية المركزة وهناك حالات لا نستطيع أن نفعل لها شيئا لضعف الإمكانات ونراها نموت أمامنا، حسب تعبيرها.
وأضافت الطبيبة أنه في منتصف الشهر الفائت بلغت نسبة إشغال أسرّة العناية المركزة المخصصة لمرضى كورونا في مستشفيات العاصمة مئة بالمئة، حيث أعلنت حينها وزارة الصحة إعلان رسمي منذ بدء تفشي الوباء، وتم نقل مرضى من أقسام العناية إلى مستشفيات خارج العاصمة.
وذكرت الطبيبة أنه يأتي باليوم أكثر من أربعين حالة وهذا أكبر من القدرة الاستيعابية، وللأسف مع تجدد أزمة الوقود مذ شهر ارتفعت الحالات أكثر بسبب التجمعات الكبيرة عند مواقف الحافلات العمومية.