سوريا تحترق.. وعلى أوروبا التصرف بسرعة - It's Over 9000!

سوريا تحترق.. وعلى أوروبا التصرف بسرعة

theguardian– ترجمة بلدي نيوز
فيما ينصب اهتمام أوروبا على الاستفتاء في المملكة المتحدة، يتم تجاهل الأزمة التي أحدثت الضرر الأكبر بالقارة بلا هوادة: الحرب في سوريا، والتي وصلت أصداءها إلى أعتاب أوروبا، بينما لا تزال سوريا تحترق بنيران الحرب.
لقد حان الوقت للاعتراف بأن جهود السلام التي تبذلها الولايات المتحدة وروسيا قد فشلت فشلاً ذريعاً، وإذا كانت هنالك أي فرصة للتغيير من هذه السياسات، قد يكون ذلك بعد تولي الرئيس الأمريكي الجديد مهام منصبه في أوائل 2017، بينما يبقى ذلك محض تخمين، ولكن الآن هو بالضبط الوقت المناسب لنداء للأوروبيين للبدء في التحضير وأخذ إجراءات اللازمة، إن الوقت المناسب لذلك هو الآن.
يجب على الجميع النظر ملياً بما يحدث في سوريا، فالآن تنفذ ضربات جوية واسعة النطاق من قبل روسيا والقوات الحكومية السورية، بالإضافة لاستخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً، وإسقاط القنابل البرميلية على السكان العزل، واستخدام سلاح التجويع الوحشي، وقد التقطت لمرة أخرى صور لمدينة حلب المحاصرة، تظهر معاناة سكان تلك المدينة، وكيف يتم تدمير المزيد من المستشفيات وقتل الأطفال: هنالك صور كثيرة موثقة لما يحدث على الانترنت ولكنها لا تلقى الكثير من الاهتمام، لذا دعونا نواجه الأمر: لقد أصبحنا ببطء غير مبالين لمعاناة السوريين.
إننا نتجاهل بأن الوضع في سوريا سيعرضنا للخطر، بالإضافة لأن الأجيال العربية في المستقبل، إن لم يكن اليوم، ستسأل الأوروبيين عن سبب وقوفهم مكتوفي الأيدي، وعدم تقديم المزيد من المساعدة لأمة تذبح من قبل جيش الدكتاتور "الأسد" وحلفائه الأجانب، إذ أن مصير أوروبا يتشابك مع الأحداث في محيطه العربي بطريقة أو بأخرى، بينما الولايات المتحدة ليست كذلك، مقابل كل لاجئ سوري استطاع الوصول إلى أوروبا ليلقى المعاملة اللائقة، هنالك آلاف من الذين رفضوا أو علقوا في منطقة الحرب، والذين من المؤكد أن يشعروا بالاستياء اتجاه أولئك في الغرب الذين فضلوا إقامة أسلاك شائكة والوقوف مكتوفي الأيدي.
وبينما نحن منشغلون بخطر الإرهاب وأزمة اللاجئين، نحن قلقون أيضاً من الآثار الجانبية للحرب السورية، ولكننا توقفنا عن التفكير في الأسباب الجذرية لهذه الحرب، إن هذه الأسباب ليست في الرقة، عاصمة "خلافة" تنظيم "داعش" الإرهابي، بل إنها في القصر الرئاسي في دمشق.
إن معظم الناس في أوروبا الآن ينظرون إلى سوريا كما لو كانت مشكلتها تكمن في مكافحة الإرهاب، ويقومون بتشجيع حكوماتهم لإرسال المزيد من الطائرات الحربية، إن هذا في الواقع نظرة أبسط بكثير من واقع كارثة معقدة- أسوأ كارثة إنسانية في عصرنا، إذ أن مكافحة تنظيم "داعش" تقدمت مؤخراً في سوريا والعراق، وإلى حد ما وضعت هذه المجموعة الجهادية في موقف دفاعي، بينما تبدو القوات المدعومة من قبل الغرب لاستعادة السيطرة على المزيد من المناطق على الأرض، جزء صغير من الصورة الكاملة، ولكن السياسيين الغربيين يفضلون تسليط الضوء على هذا الجزء الوحيد فقط.
أما الجزء الآخر من الصورة الحقيقية هو ما خلق الجزء الأكبر من تحركات اللاجئين إلى أوروبا من سوريا في عام 2015: إذ أن الحرب في سوريا بدأت منذ عام 2011 عندما أمر الديكتاتور السوري بشار الأسد قواته الأمنية بفتح النار على المتظاهرين السلميين الذين كانوا يطالبون بثورة ديمقراطية تدعو للحرية، كما هو الحال في تونس.. إن الأسد، والذي كان قد تلقى الدعم المكثف في مسيرته الدامية من كل من روسيا وإيران، قام بإطلاق سراح المتشددين الاسلاميين من سجونه التي كانت مملوءة بهم، والتأكد بأن العالم بدأ يرى الأمر في سوريا من مبدأ ثنائي فقط: الأسد.. ضد الجهاديين السنة.
إن التطرف نما في بعض صفوف المعارضة المسلحة في سوريا، تلك الظاهرة التي تم تشجيعها بلا شك من قبل بعض الرعاة في الخليج، ولكن هذا لا يعني أن يتم رفض المعارضة السورية.. إذ أن المتطرفين لا يزيدون عن حفنة من الأشخاص، والذي لن يتمكنوا مطلقاً من الحصول على الاعتراف الدولي، أو أن يكونوا متواجدين في المحادثات التي تنطوي على الاعتراف الدولي، ومكافحة الأسد، "لجنة المفاوضات السورية العليا". لقد كانت روسيا ملتزمة بتلك المحادثات، وحتى بعد أن بدأت التدخل عسكري المباشر في سبتمبر من عام 2015، وكان من المفترض لتلك المحادثات أن توقف الحرب في سوريا، ولكنها وللأسف لم تستطع ذلك.
لم يكن من المفترض لتلك المحادثات أن تكون بهذه الطريقة، تذكروا كيف في ديسمبر الماضي، صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرار لإنهاء الحرب في سوريا، والتوصل لسوريا بحكومة جديدة.. وأشاد الاتفاق بخطوة رئيسية نحو السلام، وقال جون كيري حينها بأن "الوقت قد حان الآن لوقف القتل في سوريا"، وكلفت رسمياً مجموعة دعم سورية الدولية والمؤلفة من 17 دولة بعملية تؤدي بمجملها إلى التغيير السياسي في سوريا، ودعت إلى "حكم موثوق وشامل وغير طائفي" في غضون ستة أشهر، و"انتخابات حرة ونزيهة، وفقاً للدستور الجديد" في غضون 18 شهراً.
أما الآن فتبدو الأمم المتحدة بمجملها غير قادرة على القيام بأي شيء سوى الانتظار لنظام الأسد ليسمح بإيصال المساعدات الإغاثية إلى المدن ذاتها والمناطق تلك التي تحاصرها قواته، فيما يقوم بعرقلة ذلك باستمرار، وفي وقت سابق من هذا الشهر وفي إذلال آخر للأمم المتحدة، فإن نظام الأسد تأكد من وصول "شامبو مضاد للقمل" فقط، بينما منع وصول اللقاحات إلى بلدة داريا، والتي تقع تحت الحصار منذ عام 2012، وهذا الأسبوع تم وصول بعض مواد الغذائية في نهاية المطاف، والتي تصدرت عناوين الصحف كما لو كان إنجازاً كبيراً وعظيماً، بينما لا تزال داريا محاصرة حتى الآن بأكثر من 600،000 شخص من المدنيين السوريين.
لقد قيل الكثير عن القوة المفترضة والاحتمالات الشحيحة للولايات المتحدة، وأنه من الصعب أن تختلف على أن الحل في سوريا لا يمكن أن يوجد إلا إذا كان هناك قدر من التعاون مع روسيا، وعلى الرغم من إعلانها في اذار بأنها ستقوم بالانسحاب، إلا أن روسيا قامت بترسيخ نفسها في الصراع، والاستفادة من اليقين التام بأن إدارة أوباما لا تريد الانخراط بأي قدر ممكن في المسألة السورية.
وعن طريق نشرها للطائرات وأنظمة الدفاع الجوي، أنشأت روسيا منطقة حظر الطيران التي تناسب مصالحها الخاصة ومصالح نظام الأسد لكي تحميه - وليس لحماية المدنيين بالتأكيد، وبعد شهور من الجمود الدبلوماسي، فمن الواضح بأن الشيء الوحيد الذي قامت روسيا بتقديمه في سوريا هو المزيد من الهجمات الدامية والوحشية على السكان المدنيين- كما هو الحال في حلب، حيث تركزت الغارات الجوية الروسية في الأسابيع الأخيرة، وليس على معاقل تنظيم "داعش" في الشرق.
إن القوة الأوروبية هي بطبيعة الحال، متضائلة لربما بسبب الولايات المتحدة، ولكنها ليست غير موجود، فإذا كان لا يمكن إلا أن يتم إنجاز العمل المطلوب، فإن أوروبا لديها مسائل على المحك اتجاه سوريا أكثر من الولايات المتحدة ، كون الطرق التي تتم بها السياسة والأمن الداخلي تتأثر مباشرة من جراء هذه الحرب، بالإضافة إلى أن الحصول على السيطرة على هذه الحقيقة يجب أن يكون أولوية بالنسبة للأوروبيين قبل فوات الاوان، إن روسيا هي جارة أوروبا، وينبغي على أوروبا أن توجد العضلات لممارسة الضغط على بوتين، إذ أنه لن ينحني إجلالاً وإكباراً لمن يبتسم له، ولكننا يجب أن لا ننسى بأن لديه معضلة الوضع الاقتصادي الصعب الذي يجب الاستفادة منه.
ربما ينفع الحديث عن عقوبات أوروبية جديدة وصارمة، وهذه المرة تركز على الموقف الروسي في سوريا.. حيث لا توجد أي حلول سهلة، ولكن ولطالما أن الولايات المتحدة وروسيا هم وحدهم المتواجدون على طاولة المفاوضات، فإن المصالح الأوروبية ستعاني، ناهيك عن الملايين من المدنيين السوريين.

مقالات ذات صلة

روسيا تنشئ تسع نقاط مراقبة بمحافظتي درعا والقنيطرة

باحث بمعهد واشنطن يدعو "قسد" لمراجعة علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية

روسيا تكشف عن أربع دول عربية عرضت استقبال اللجنة الدستورية بشأن سوريا

"حكومة الإنقاذ" ترد على المزاعم الروسية بوجود استخبارات أوكرانية في إدلب

روسيا تبدي استعدادها للتفاوض مع ترمب بشأن سوريا

بدء اجتماعات مؤتمر أستانا 22 في كازاخستان