الملف السوري.. عندما يتحول الثابت إلى متغير - It's Over 9000!

الملف السوري.. عندما يتحول الثابت إلى متغير

بلدي نيوز - (فراس عزالدين)

مقدمة

يتعقد المشهد السوري، وسط غياب التفاؤل باقتراب حل جذري ﻷزمة بقاء رأس النظام بشار اﻷسد في السلطة، والثابت الوحيد في المعادلة اليوم هو أنّ صراع الأطراف الفاعلة في القضية السورية لم ينضج بعد.

مصداقية غائبة

رغم مرور الكثير من اﻻجتماعات واللقاءات والمشاورات والصيغ التي تمخضت عن تلك المؤتمرات، إﻻ أن "غياب المصداقية" في التعامل مع الملف السوري لدى "الضامنين" هو الغائب، والجميع يطبق قاعدة "مصلحتي فوق الجميع".

وبات واضحا أنّ "الجمود العسكري" حسم الملف لصالح الدبلوماسية الناعمة وتأجيل "لعبة المخالب" على اﻷقل في الوقت الراهن، وترك ملف الشمال العالق لـ"هيئة تحرير الشام" ورمي الكرة في ملعب الجار التركي، فيما يخص ملف "التيار الجهادي" واستئصاله، وهو أهم ملف وعقبة تواجه أي تسوية مستقبلية.

جمود متعمد

جميع اﻷطراف لديها رغبة في إبقاء حالة "الجمود" أطول فترة ممكنة وفق بعض التحليلات، ويحدد مدى هذا الجمود أو تبدل تلك الحالة مناقشة الدور الأساسي في سياسة الدول اللاعبة في الملف كل على حدا، وما إن كانت رؤية تلك الدول أو مصالحها تتطلب تفاعلا أكبر أم لا في الملف السوري.

الدور الأمريكي

ومن المنطلق السابق؛ فإن النظرة المنطقية على دور الوﻻيات المتحدة اﻷمريكية، يجد أن لها مصلحة حاليا في فرض الجمود، وتهتم إدارة الرئيس الجديد جو بايدن، بـ"الوضع الداخلي المتأزم" كأولوية، رغم أنّ أمنها القومي عادة يأتي في المقام اﻷول، لكن هناك عدة اعتبارات تؤكد أن المسرح السوري لم يصل إلى تهديد أمن واشنطن القومي.

وبما أنّ واشنطن مطمئنة لحماية أمن إسرائيل، عبر تطمينات روسية في الجنوب، فهي غير مستعدة اﻵن، للتدخل بشكل فعلي.

وينطبق اﻷمر على ملف "شرق الفرات" إذ ﻻ يوجد ما يهدد المصالح الأمريكية، ويمثل مصالح واشنطن حليف قوي هو "قوات سورية الديمقراطية". ويؤكد تمسك واشنطن وتعزيز نفوذ حليفها، تعيين اﻹدراة الأمريكية الجديدة لـ"بريت ماكغورك" مستشارا في مجلس الأمن القومي الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو يُعرف بدعمه المطلق لقوات "قسد" شرقي سوريا.

بالمقابل؛ فإن السياسة الأمريكية، ستكون مضطربة، من جهة العلاقة مع تركيا حول مقاربة جادة بين الطرفين للحل السوري، وإيجاد صيغة ﻹبعاد أنقرة عن موسكو، وتأثير روسيا على القرار التركي في سوريا؛ ما يهم واشنطن تفاعل كل من موسكو وأنقرة في إبعاد أو تقليص الدور اﻹيراني في المنطقة.

الثابت الروسي

بدورها روسيا، فإنها اﻵن تمتلك سياسة ثابتة تتلخص في إعادة تأهيل / تدوير نظام اﻷسد، بغية تحويله "ورقة ضغط" على المجتمع الدولي، في سوق مزاد التسويات الدولية القائمة وتحقيق أعلى مدى من المكاسب فيما يخص ملف "الغاز والوصول إلى أوروبا عبر تركيا".

وقد يتغير هذا الثابت، شريطة تغيير ظاهري في بنية نظام اﻷسد، وجعله مقبول دوليا، وهذا مع تدجينه وتسويقه بعد حفل المفاوضات والحصول على أعلى قدر من الأرباح.

الدور التركي والأمن القومي

أمّا الدور التركي وهو أحد أبرز وأقوى اللاعبين في الملف السوري، فإنه يستند إلى ركيزة أساسية، هي "الأمن القومي التركي"، والذي من خلاله تقوم السياسة الخارجية التركية بناء عليها "خطوطها الحمراء"، وتعمل للحفاظ عليها وصيانتها، وتبدو حتى هذا الوقت سياسة ثابتة هي اﻷخرى، بدليل المساعي التي تقوم بها أنقرة لـ"تثبيت نفوذها العسكري"، ويؤكد ذلك الكم الكبير من العتاد العسكري الذي دخل إلى عمق الشمال السوري، منذ مطلع العام الفائت (2020).

والثابت في السياسة التركية الرسمية تلتقي فيها المعارضة والمواﻻة تتعلق بمنطقة شرق الفرات، حيث يتلخص الأمر بمنع قيام كيان "كردي" قرب الحدود.

وﻻ يعني ذلك تمسك أنقرة بالجمود الحالي، فهي مستعدة للتنازل بعد حصولها كغيرها على مكاسب جيوسياسية واقتصادية في المنطقة، وهذا مستبعد حتى الوصول إلى تفاهم "روسي - أمريكي".

الوجود اﻹيراني

وعلى الطرف اﻵخر، فإن دبلوماسية طهران ثابتة في اﻷخرى في سوريا، وقائمة على بناء عقدي شيعي في أساسه قومي توسعي فارسي، حيث تسعى إيران ﻹطباق سيطرتها على بعض دول الجوار "بغداد وبيروت ودمشق" ومن المستبعد الحياد عن هذه الرؤية التاريخية لها.

لكن لا يمكن استبعاد قبول أو موافقة طهران على إحداث تغيير في رأس النظام دون المساس بـ"جسده" وهذا اﻷمر مرتبط بملف "اﻻتفاق النووي" و"وجودها أو قواعد القبول به في سوريا".

الرؤية الغربية ودول الخليج

تبدو الدول اﻷوروبية إما بعيدة نسبيا عن الملف السوري، وما هو ثابت فقط عنوانه: "مسألة اللاجئين"، وضمان عدم تدفق موجة جديدة إلى أوروبا.

في حين تعلن دول الخليج محاربة الوجود اﻹيراني "الشيعي"، لكن هذا البعد العقدي له رؤية اقتصادية أخرى، فهذه الدول تسعى إلى استقرار ملف "أسعار النفط"، وﻻ يشترط حسم ملف التوسع اﻹيراني وبالتالي المتحول يأتي بعد ضمانات دبلوماسية من واشنطن وموسكو.

كل هذه المتغيرات والمصالح، تفرض على إدارة بايدن فرض استقرار الوضع السوري، وتسريع وتيرة الوصول إلى حل على اﻷقل لقطع الطريق على تنظيم داعش، فالمعروف أنّ مثل هذه التيارات قادرة على امتصاص الصدمة والعودة مجددا لساحة القتال، وجمود الوضع مؤقتا يعطي مساحة للتفكير في الحسم وتفويت الفرصة على إنشاء خلايا قادرة على التمدد والعودة.

إﻻ أن بعض التحليلات ترجح اتباع بايدن سياسة الرئيس الأسبق، أوباما، ووضع الملف النووي اﻹيراني في قائمة المساومة مع الملف السوري، بالتالي المزيد من التعقيد، والمزيد من معاناة السوريين.

موقف المعارضة

يجمع المحللون على عدم وجود رؤية ثابتة واضحة للمعارضة، بل يعتريها الانقسام، والحديث هنا عن رأي السياسيين وليس الشارع المناهض للأسد، وعلى الضفة اﻷخرى، فإن المتتبع للمشهد الداخلي في مناطق نفوذ اﻷسد، لا يجد سوى هاجس "لقمة العيش" و"تحقيق قدر من المستوى اللائق للحياة"، وبالتالي فإن الثابت الوحيد هو "السخط والتذمر".

مقالات ذات صلة

خلافات التطبيع تطفو على السطح.. "فيدان" يكشف تفاصيل جديدة بشأن علاقة بلاده مع النظام

اختلاس بالمليارات.. الكشف عن فساد كبير في "تربية دمشق"

محافظ اللاذقية: بعض الحرائق التي حدثت مفتعلة

النظام يحدد موعد انتخابات لتعويض الأعضاء المفصولين من مجلس الشعب

لافروف"اختلاف المواقف بين دمشق وأنقرة أدى إلى توقف عملية التفاوض"

قائد "قسد": الهجمات التركية تجاوزت حدود الرد وأضرت بالاقتصاد المحلي