بلدي نيوز - (غزل سالم)
تشهد حالات الإصابة بفيروس كورونا زيادة في الأعداد بشكل مستمر، ومنذ بدء انتشار الوباء وبات يخيم على حياة السوريين لم تكن الإجراءات الوقائية أو العلاجية في سوريا كافية بالحد المطلوب للسيطرة على هذه الجائحة التي غزت العالم بأكمله، ومع نهاية هذه السنة لا تزال العديد من المدن والمحافظات السورية تعاني من تفاقم الإصابات وحالات الوفاة بسببه.
مصدر طبي من محافظة حماة أكد في تصريح خاص لبلدي نيوز أنه "في مناوبة واحدة في المشفى يصادف أن شاهدا على موت أربع أو خمس حالات بسبب كوفيد 19، وما أن تنتهي المناوبة وتخرج بعيدا تجد العالم الخارجي غير المبالي وغير الملتزم بالإجراءات الوقائية، عندها تشعر أن المشافي وما يحدث بداخلها في كوكب، والعالم الخارجي في كوكب آخر تماما، وجه يكشف مدى العجز عن مواجهة الوباء، وآخر تجد أن الناس يعيشون حياتهم بشكل طبيعي دون أن يكترثوا للوباء.
ويضيف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته ويعمل في إحدى المشافي الخاصة في محافظة حماة، أنه جرى تعيينه في قسم العزل بظل جائحة انتشار كورونا، ويوري تجربته من خلال مرافقة العديد من المصابين والحاملين للفيروس، يشير أنه في الأشهر الأولى من هذه السنة تم تشخيص العديد من حالات الوفيات بـ "ذات الرئة" قبل معرفتهم بانتشار كوفيد 19 في العالم، ومع تفاقم الأعداد بعد انتشار هذا الفيروس امتلأت المشافي وعددها 4 وجميعها خاصة في حماة إضافة إلى المشفى الوطني، وذلك مع فتح أكثر من قسم في كل مشفى لحالات العزل ليضم أصغر قسم في تلك المشافي حوالي 40 حالة إصابة، وفي الشهور الثلاثة الماضية ومع بدء الموجة الشديدة من انتشار الفيروس المستمرة حتى الآن، أصبح تأمين الأسرّة والأوكسجين يشبه المنافسة في المستشفيات، فمن لديه معارف أو أقارب في المشافي قد يكون له الأفضلية في الحصول على دور، وذلك ما كان يجعل الموقف أكثر صعوبة.
ويضيف المصدر، "مررت بالعديد من اللحظات القاسية والمؤلمة، وفي إحدى المرات أصيب مريض كبير في السن ولم نستطع توفير الأوكسجين له، ورغم محاولة أولاده دفع كل ما لديهم بأي ثمن لتوفير لهم جهاز تنفس اصطناعي "منفسة"، إلا أن ذلك الأمر مرفوض بشكل قاطع أن يسحب الأوكسجين من مريض ويعطى لآخر مهما بلغت قساوة الموقف، إلى أن توفى المسن أمام أبنائه لعدم توفر الأوكسجين بكل سوريا وليس فقط في حماة.
وعن تأمين الدواء وارتفاع سعره يقول المصدر، "بحكم عملي في مستشفى خاص جميع من يدخلونه كانوا بأوضاع مادية جيدة، ولكن ليس بمقدور جميع الناس الدخول إلى هذه المستشفيات وتأمين ما يلزمهم من دواء وغذاء، وبسبب الوضع المادي المتردي لعامة الناس كانت ومازالت الأعداد التي تدخل إلى المستشفيات العامة كبيرة ومرعبة، وتأخذ فقط الدواء المتوفر في المستشفى لضعف المقدرة على شراء جميع ما تطلبه أجسامهم المصابة".
وختم بالقول: "الأعداد الحقيقة لا يتم ذكرها وقد يعود سبب ذلك لرفض الجهات المعنية في سوريا إقرار حظر التجول لما يسببه من تراجع اقتصادي في بلاد تنهار ماديا يوما بعد يوم، إضافة إلى أن الأطباء ومن يدركون أهميته يسعون إلى عدم نشره بين عامة الناس، وهو الخوف الذي يساهم بشكل كبير في نقص المناعة الجسدية عن الفرد".
وعزا قلة الالتزام في الوقاية عند الشباب اليوم وخصوصاً من تعرض للحصار أو التهجير أو النزوح أو مر بظروف مؤلمة، إلى قلة الرغبة في الحياة والنجاة من هذا الوباء".
إلى ذلك، أفاد مصدر طبي من فريق البحث والتقصي في حماة عن الإصابات التي بدأت في الظهور منذ الشهر الثالث من هذا العام، لكنها وأخذت بالتصاعد وبدأت بالارتفاع في أيلول، أي تزامنت مع افتتاح المدارس وبدء الدوام الرسمي وتفاقمت في شهر تشرين الثاني، والأعداد بازدياد إلى حد الآن علماً أن هذا الانفجار الأخير في انتشار الفيروس متوقع لتزامنه مع فصل الشتاء أي مع نزلات البرد والإنفلونزا، ويضيف أن المساعدات التي تم تقديمها في ظل انتشار الفيروس كانت بعضها من مؤسسة الآغا خان وبعضها الآخر من شخصيات فردية موجودة ضمن المدنية .
وفي الحديث مع اخصائي طب الأسرة في عيادته الخاصة في مدينة سلمية عن أسباب الارتفاع في أعداد الإصابات، أشار إلى أن ذلك بسبب فشل السياسية الطبية في التعامل مع الفيروس ولفت إلى أهمية وضرورة فرض حظر تجول بشكل جزئي وفي فترات معينة لتفادي حدوث هذا الانفجار السريع في الإصابات وتقليل الخسائر والذي قد ينقذ بعض الأفراد أصحاب الاجساد الضعيفة في حال تم اعتماد الحظر ضمن الخطة الدائمة للعلاج، حيث يعتبر الطبيب أن عودة المدارس منذ شهر أيلول كانت السبب الأكبر للانتشار الأخير للفايروس، إضافة إلى الاختلاط ما بين الفيروس ونزلات البرد التي تصيب معظم الناس في فصل الشتاء، وانتهى إلى القول إن استمرار هذه السياسة في التعامل مع الفيروس وعدم اتخاذ ما يلزم من إجراءات جدية ووقائية سوف تستمر البلاد بأكملها في الخسائر البشرية والمادية.