"اللجنة الدستورية".. انقلاب على "بيان جنيف1" واستفتاء تحت إشراف "الأسد"! - It's Over 9000!

"اللجنة الدستورية".. انقلاب على "بيان جنيف1" واستفتاء تحت إشراف "الأسد"!

بلدي نيوز – (خاص) 

يعيش السوريون اليوم حالة من الذهول والاندهاش إزاء ما جرى في الأيام الماضية، من إعلان تشكيل اللجنة الدستورية، التي وصفها رئيس الهيئة العليا للمفاوضات نصر الحريري، بأنه "إنجاز حقيقي وانتصار للشعب السوري وجزء من القرار 2254، ولا أحد يستطيع أن يُنكر ذلك"، وأبدى طيف واسع من السياسيين والقانونيين السوريين، موقفهم من اللجنة  الدستورية ومخاوفهم منها ومن مخرجاتها، معتبرين أنها إجهاض كامل لمقررات جنيف1 عام 2012 التي تصر على تشكيل هيئة حكم انتقالي تتولى السلطة في سوريا وتعد لانتخابات.

انقلاب حقيقي

يقول رئيس اتحاد السوريين في المهجر الأستاذ ثابت عبارة، إنه ورغم إعلان الأمين العام أن تسيير الاتفاق على اللجنة الدستورية العتيدة، التي ولدت فكرتها خلال ما سمي بـ"مؤتمر الحوار الوطني السوري" بمدينة سوتشي الروسية، أتى وفقا للقرار 2254، وأن تشكيلها سيكون بداية المسار السياسي للخروج من المأساة بما يتماشى مع القرار ذاته، إلا أنه لا يخفى على مطلّع أنّ ما جرى هو انقلاب حقيقي على بيان جنيف 1والقرار 2254، وتجاوز لإحدى أهم السلال والملفات التي تبنتها الأمم المتحدة في مسارها لحل القضية السورية، وهي سلة الحكم الانتقالي، المتضمنة هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات تنفيذية واسعة، تشرف فيما بعد على صياغة دستور جديد والإعداد لانتخابات بإشراف الأمم المتحدة.

ويضيف السيد عبارة في تصريحات لبلدي نيوز "كما هو معلوم؛ العملية السياسية التي يناط بالأمم المتحدة تيسيرها وتقييمها يجب أن تشمل حكما ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية، وتحدد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد، تقام بموجبه انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، بما يستجيب لمتطلبات الحوكمة وأعلى المعايير الدولية من حيث الشفافية والمساءلة، وتشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركة، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المهجر. لذا فإن القرار ينصّ صراحة على أن العملية الدستورية هي من وظيفة الحكم الانتقالي المنصوص عليها في بيان جنيف1 وليس الأمم المتحدة".

تساؤلات جوهرية

ويطرح رئيس اتحاد السوريين في المهجر، عددا من التساؤلات المتعلقة باللجنة الدستورية، بالقول "لن نكون ممن يضعون العصي في العجلات، على فرض أن عجلات هذه اللجنة ستؤدي في نهاية المطاف إلى حصول التغيير السياسي المنشود كما يروج البعض، ولن نكون متشائمين، بل واقعيين، والواقعية تستدعي أن نتساءل عن الآلية القانونية التي سيتم العمل بها لتجسير عملية الانتقال من الوضع الحالي في سوريا للوضع الجديد، بحيث تصبح مخرجات اللجنة الدستورية ومشروع الدستور الجديد ساريا في المستقبل؟".

وينوه الأستاذ عبارة أنه وفق ما رشح من معلومات عن ولاية اللجنة وصلاحياتها؛ فإن عملية التجسير هذه ستتم عبر الاستفتاء، ومن البديهي القول إن الاستفتاء هنا سيتم تنظيمه عبر الدستور القائم (دستور 2012)، مع العلم أنّ كل من شارك وأيّد مشروع اللجنة الدستورية يخشى من الفراغ الدستوري، لذا فهو موافق –بمعزل عن النوايا- على أن يتم الاستفتاء وفق الآليات الدستورية الواردة في دستور 2012، باعتبار سوريا ليست تحت الوصاية القانونية ولا الانتداب كمفهومين قانونين تجعل من الأمم المتحدة صاحبة حق في أمر سيادي سوري.

ويضيف "وبالعودة إلى الدستور القائم نجد أنه يخضع في تعديله إلى نص المادة 150 منه، التي تنص على أن "اللجنة الدستورية بمجلس الشعب السوري هي التي تقدم مقترح تعديل الدستور، ويكون مقترحا نافذا بعد موافقة ثلثي أصوات أعضاء المجلس وموافقة رئيس الجمهورية". لذلك فإن قرارات اللجنة الدستورية الوليدة ستصطدم بهذه المادة، والقول بغير ذلك يعرض رئيس الجمهورية إلى مخالفة دستورية، إذ لا يوجد في الدستور المعمول به حاليا آلية أخرى لإجراء الاستفتاء، وهنا مربط الفرس، وما سيتذرع به النظام لسنوات وسنوات!".

استفتاء تحت إشراف الأسد!

ويرى عبارة أنه سواء أتمّ الاتفاق على وضع دستور جديد لسوريا، أم على تعديل دستور 2012 الجاري العمل به حاليا؛ فإن من سيقوم بإجراء الاستفتاء على النتائج -المفترضة- الناتجة عن اللجنة الدستورية هو النظام نفسه الذي لايزال شعاره "سوريا الأسد إلى الأبد"، وسيجري تحت سلطته وبإشرافه، وتحت أنظار أجهزته الأمنية التي مهما مارست الأمم المتحدة من رقابة عليها فإنها لن تنجح في منعها من التدخل في الاستفتاء، ترهيبا وترغيبا، بالقوة والقسر أو بالتهديد والوعيد أو بالرشوة والإغراءات للمستفتين؛ وعليه فإنه يمكن الجزم سلفا بأن نتائج الاستفتاء ستكون مزيفة وغير واقعية ولا تعكس رغبة السوريين الحقيقية.

ولاءات إقليمية

وينوه عبارة أنه في حال تجاوز مسألة الشرعية القانونية للجنة، ومحاولة التمحيص في بنيتها، سنجد أنّ غالبية أعضاء قائمة المعارضة في اللجنة الدستورية غير مؤهلين لكتابة دساتير، خصوصا أنهم منبثقون عن تكتلات سياسية محسوبة ضمن استقطابات الولاء الإقليمية. في مقابل انتقاء النظام لمختصين وأكفاء (غير سياسيين بالغالب) ليكونوا ضمن باقته المعتمدة في اللجنة.

ويضيف "كما يُلاحظ رجحان كفة النظام في تشكيل اللجنة الدستورية، إذ يحظى إضافة إلى حصته المتمثلة بخمسين عضوا، بنفوذ على ثلث الأعضاء الذين تعينهم الأمم المتحدة، فضلا عن قرب بعض الأعضاء المحسوبين على المعارضة من أطروحاته".

ويشير الأستاذ عبارة إلى إشكالية طغيان الخطاب الديني لدى المعارضة وغياب الرؤية الموحدة نتيجة خلافاتها وضعفها وارتهانها الخارجي، وانزياح معظمها بدفع من جماعة الإخوان المسلمين نحو خطابات الفصائل الدينية والمتطرفة، الأمر الذي سيجعلها غير قادرة على طرح وجهة نظر ناضجة وواضحة بشأن فرض قيم الحرية والكرامة والمواطنة في مواد الدستور المقترح، بل إن للنظام هنا الأفضلية مقابل الطروحات التقليدية لممثلي المعارضة، والتي لاتزال تشعر بالحساسية من مجرد ذكر كلمة "علمانية"!.

كسب الوقت

ويشدد عبارة على أنّ غرض تشكيل اللجنة الدستورية الإطاحة بفكرة هيئة الحكم الانتقالي الواردة في القرار 2254 والإجهاز على مبدأ "الانتقال السياسي"، ويقول "إذ لا معنى لأي عملية إصلاح دستوري دون وجود تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية، تحقق الحد الأدنى من العدالة الانتقالية، وتُحدث تغييرا حقيقيا في سوريا، وهذا مرتبط بوقف العمليات العسكرية على الأرض، وتحقيق توافقات بين القوى الدولية الفاعلة".

ويتوقع أن تتعثر أعمال اللجنة وتصل إلى طريق مسدود عند أول عقبة جدية أو خلاف حقيقي. ذلك أن اللجنة بتركيبتها الحالية وفقدانها للصلاحيات وخضوعها للتوازنات الإقليمية والدولية، لم توجد من أجل تشكيل دستور جديد يكون الأساس لتحوّل سياسي ذي معنى، وإنما لترحيل الخلافات وللتغطية على غياب الاتفاق الإقليمي والدولي حول مستقبل النظام السياسي في سوريا، وأغلب الظن أن يقوم النظام السوري ومن خلفه الروس باستثمار هذه اللجنة لكسب الوقت حتى يحين موعد انتخابات 2021، حيث النتيجة المضمونة!.

مقالات ذات صلة

خسائر لقوات "قسد" بقصف تركي على الحسكة

توثيق مقتل 89 مدنيا في سوريا خلال تشرين الثاني الماضي

قائد "قسد": الهجمات التركية تجاوزت حدود الرد وأضرت بالاقتصاد المحلي

لمناقشة العملية السياسية في سوريا.. "هيئة التفاوض" تلتقي مسعود البرازاني

"رجال الكرامة" تعلن إحباط محاولة لتصفية قاداتها

تقرير يوثق مقتل 27 شخصا خلال تشرين الأول الماضي في درعا