بلدي نيوز – تحليل (راني جابر)
القصف الذي حدث اليوم على معرة النعمان، والذي تسبب بمجزرة كبيرة، راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح ومشاهد دمار مروعة في السوق الشعبي في المدينة، هو تعبير واضح عن رأي الأسد بالعملية السياسية ككل في سوريا .
الأسد هو المستفيد الأكبر من الهدنة في سوريا، وهو الطرف الوحيد الذي كسب عشرات الكيلومترات من الأراضي، نتيجة لإعادة توزيع قواته في بادية حمص، متوجاً مكاسبه بالسيطرة على مدينة تدمر، ليبدأ بتوطين المقاتلين الأفغان الذين قاتلوا معه، فيها.
فالهجوم الذي حدث اليوم على السوق الشعبي هو الأكبر منذ بدء الهدنة، والتي قيدت الثوار لحد كبير، في حين أعطت النظام اليد العليا في نقل قواته وتركيزها وحشدها في عدة محاور تجهيزا لهجوم حلب المرتقب .
ولا يوجد أي سبب يبرر المجزرة التي حدثت اليوم في معرة النعمان، فقصف السوق بالقنابل الفراغية وقت الذروة، ليس له مبرر عسكري على الإطلاق، فالمدينة بعيدة عن خطوط التماس ما لا يقل عن 20 كم، لكنها تعتبر المفتاح الجنوبي لإدلب .
ولكن بعد فشل النظام في مد لسان من تل العيس باتجاه "كفريا و الفوعة" في محاولة لفصل حلب عن إدلب، ثم الامتداد باتجاه الحدود التركية، ثم فصل إدلب عن تركيا بالاتجاه جنوبا، بالسيطرة على الشريط الحدودي في ريف إدلب الغربي (وفصل حلب عن تركيا بالاتجاه شمالاً)، في تمثيل للعقيدة التي استخدمها الروس في الشيشان، والمتمثلة بتجزئة المناطق وعزلها عن بعض، والتركيز عليها منطقة فمنطقة، يبدو أن النظام ينوي الضغط في عدة اتجاهات لتحقيق أهدافه في معركة حلب، ومن بينها الضغط على إدلب وريفها، وربما فتح معركة ما لتشتيت جهود الثوار على أكثر من جبهة، ومن بينها ريف إدلب الجنوبي .
إضافة للضغط على الثوار في المنطقة باستهداف المدنيين، وارتكاب مجازر ينجم عنها موجات نزوح من المناطق التي تقصف باتجاه الحدود التركية تحديداً، بهدف الضغط على تركيا ومتابعة عملية التغيير الديموغرافي .
فمدن المعرة وخان شيخون وإدلب تضم عدداً هائلاً من النازحين من باقي المناطق السورية، بسبب احتلالها من قبل النظام وتهجير أهلها، وآخر الوافدين هم سكان تدمر، الذين منح النظام قسماً من بيوتهم للأفغان والإيرانيين .
يضاف إلى الأسباب الضغط على الوفد المفاوض في جنيف والذي أعلن تعليق المفاوضات، حيث يسعى الأسد لتحميل الثوار مسؤولية انهيار "الهدنة"، فقصف معرة النعمان اليوم هو إحدى الخطوات التي تسبق الهجوم الذي ستقوم به قوات النظام على حلب، والذي تسعى من خلاله لاستعادة السيطرة على المدينة، بعد أن أثبتت نفسها كمحارب للإرهاب .