بلدي نيوز – (ياسر الأطرش)
لطالما كان الشمال السوري، وشمال حلب تحديداً، مفتاح سوريا عبر التاريخ، فمعظم الاحتلالات وقوافل الغزاة مرت من هذا المعبر الذي يبدو إجبارياً أو أنه الأكثر إغراء للقادة العسكريين.
واليوم، تبدو جبهة ريف حلب الشمالي أكثر الجبهات سخونة وتقلباً على طول المشهد السوري المشتعل، فمع جمود بعض الجبهات وحصول تغيرات ليست ذا أثر يذكر في معظم الجبهات الأخرى، تفرض معارك ريف حلب الشمالي بإيقاعها المتسارع وسرعة تبدل السيطرة وتبادل الانتصارات والهزائم، تفرض أسئلة تتعلق بأهمية المنطقة وأسرارها القديمة المتجددة.
وخلال الأشهر القليلة الماضية شهدت الجبهة معارك اشتبكت فيها أطراف الحرب جميعاً، ففي ريف حلب الشمالي تحديداً يحرص الجميع على الحضور، النظام والتنظيم والجيش الحر والميلشيات الكردية، ومن ورائهم تحضر القوى الدولية الكبرى المتحكمة بالملف والمتصارعة على فرض رؤيتها وحلولها.
هذا ما يؤكده المحلل العسكري لبلدي نيوز، راني جابر، إذ يرى أن منطقة شمال حلب منطقة مفتاحية ومهمة لأربعة جهات متصارعة ترتبط فيما بينها بعلاقة متبادلة معقدة من التصعيد والمواجهة، وهدوء الجبهات يكون حسب الحاجة والمتطلبات لكل مرحلة.
ويوضح "أنه بعد نجاح النظام في التمدد بشكل لسان نحو نبل والزهراء أصبحت المنطقة محاصرة بشكل كامل، وانعزلت عن باقي مناطق الثوار في ريف حلب، ما جعلها مطمعاً مهماً وهدفاً استراتيجياً، فالمنطقة مهمة لكسر امتداد الشريط الكردي باتجاه عفرين ومنع اتصاله جغرافيا". وبالنسبة للنظام فيرى جابر أن السيطرة على الريف الشمالي جزء مهم من مشروع النظام لحصار حلب والسيطرة على الحدود التركية، أما بالنسبة للثوار فهو مسألة حياة أو موت، فسيطرة النظام عليه تعني إنهاء الثورة في ريف حلب الشمالي.
وفيما يخص تبادل السيطرة والتغير السريع في الموقف العسكري، فيرجعه الجابر إلى عدم وجود قوة كافية لدى أي طرف للحشد للسيطرة على المنطقة بسبب انشغالهم بجبهات أخرى.
المحلل العسكري المقدم المنشق محمد حمادو يتحدث عما وراء القوى المحلية المتصارعة على المنطقة، ويراها معركة كسر عظم بين أطراف دولية متصارعة، وحسب رؤيته، فإن لريف حلب الشمالي أهمية استراتيجية بالنسبة لتركيا، وهو في الوقت عينه منطقة استراتيجية للأكراد.
وحدد المقدم حمادو المنطقة الممتدة من الراعي حتى جرابلس على أنها الأهم في الريف الشمالي لحلب، وهي منطقة نزاع بين تركيا وروسيا، الأدوات فيها الميلشيات الكردية وتنظيم داعش والجيش الحر. ويضيف لبلدي نيوز مفسراً: "هذه المنطقة تفصل عفرين عن تل أبيض، وبالتالي من مصلحة تركيا دعم الجيش الحر للسيطرة عليها، ومن مصلحة روسيا دعم الأكراد من أجل الضغط على تركيا، وشماعة الجميع هي مقاتلة داعش".
ولا يغفل المحلل حمادو دور الولايات المتحدة حيث يراها متحكمة في الملف بأسره، من خلال الحفاظ على ميزان القوى بين المتصارعين بما يضمن استمرار الحرب الآن، لتنهيها أخيراً وفق مصالحها.