بلدي نيوز - (خاص)
أتت الحملة العسكرية الأخيرة من القصف الجوي والمدفعي والصاروخي من طائرات النظام الحربية والمروحية والطائرات الروسية ومعسكرات النظام على مفاصل الحياة في ريفي حماة وإدلب.
وتركز القصف على البنى التحتية والمساكن، كما طال بكثافة الأراضي الزراعية في ريف حماة، واستهدف حقولها وبساتينها، الأمر الذي عاد بالضرر الكبير على عدة مواسم تشتهر فيها المنطقة وأبرزها الذهب الأحمر السوري (الفستق الحلبي) الذي استغل مزارعوه فترة الهدوء النسبية بالمقارنة مع الأيام السابقة، وعادوا لحقولهم ليتفقدوا ما نجا منها من القصف وجني ما تيسر من مواسمهم.
وتشتهر مدن وقرى الريف الشمالي "مورك وكفرزيتا واللطامنة وعطشان" في المناطق المحررة بكثرة بساتين الفستق الحلبي، إلا أن عدة عوامل كضعف العناية والإهمال نتيجة القصف والحرائق ومئات الغارات التي طالتها خفضت نسبة الإنتاج في العام الحالي والتي لم تصل إلى نسبة ما يقارب 10% مقارنة بالعام بإنتاج العام الماضي.
المزارع مصطفى عبود من مدينة كفرزيتا، يقول لبلدي نيوز إن "الإنتاج الحالي من الفستق الحلبي كان متدنياً بشكل كبير نتيجة الظروف التي عانت منها منطقة ريف حماة والتي تمثلت بالقصف الجوي والمدفعي من قبل النظام وروسيا على الحقول، والذي أعاق عملية العناية بالفستق الحلبي لهذا العام، بالإضافة إلى تلف مئات الدونمات من حقول الفستق، نتيجة تعرضها للغارات الجوية المباشرة والتي تحولت إلى أراضٍ أشبه بالصحارى".
وأضاف عبود؛ "مع الهدوء النسبي الذي حدث مؤخرا تمكنت من زيارة حقلي وقطاف الموسم، إلّا أن هنالك خطورة كبيرة رافقتنا في قطاف الموسم، حيث لازالت مدفعية النظام تستهدف الأراضي والحقول والورش الزراعية التي تقوم بجني المحاصيل.
عوامل الخسارة
أكثر الأمور التي ضاعفت خسائر المزارعين هي التكاليف المالية الكبيرة لعملية جني المحصول المحفوفة بالخطر، حيث تتراوح آجار اليد العاملة بين 1000 و2500 ليرة سورية للعامل الواحد خلال ساعة من العمل، فضلا عن غياب أسواق الفستق الحلبي وانتقالها إلى مناطق بعيدة بريف إدلب، ما يزيد من تكاليف الشحن، إضافة إلى انتشار ظاهرة سرقة المحاصيل من قبل بعض اللصوص التي ضربت المنطقة في غياب مالكي الحقول، بحسب ما أشار "العبود".
معاناة الفلاحين
لم تقتصر معاناة الفلاحين على جني للمحاصيل، فثمة عشرات المزارعين لم يتمكنوا حتى اللحظة من الوصول لأراضيهم لوقوعها تحت نيران حواجز النظام منذ أعوام.
يقول أحمد الياسين، وهو أحد مالكي حقول الفستق الحلبي في قرية عطشان بريف حماة الشرقي لبلدي نيوز "تعتبر قرية عطشان من القرى اللي تشتهر بزراعة الفستق الحلبي، حيث تقدر المساحة المزروعة بأكثر من 11000 دونم متفاوتة الأعمار".
وأضاف "حوالي نصف مزارعي عطشان تقع حقولهم خارج سيطرة النظام وضمن منطقة التماس، وكل من يحاول الاقتراب من هذه المنطقة تقوم قوات النظام باستهدافه بشكل مباشر، وفي بعض الأحيان يمنع المرابطون المدنيين من الاقتراب من أراضيهم بسبب وجود الألغام".
وتابع؛ "بالنسبة لي كمزارع يبعد حقلي عن قوات النظام مسافة 400 متر، لم أستطع قطاف الموسم العام الماضي وأيضا هذا العام لم أستطع، علما أن الفستق الحلبي يعتبر الدخل الوحيد لي ولمعظم أهالي قريتي".
وأشار الياسين إلى أن العام الحالي والعام الماضي نشبت عدة حرائق في كروم الفستق الحلبي نتيجة انتشار الأعشاب والأشواك التي اشتعلت بسبب قصف النظام وتسببت بخسائر فادحة ولم يحصل المزارعون على أي تعويض من أي جهة كانت.
ارتفاع الأسعار
يقول "أبو حسين" أحد تجار الفستق الحلبي بريف حماة الشمالي لبلدي نيوز: إن "الأسعار لهذا العام في الأسواق المتفرقة شهدت ارتفاعا في السعر مقارنة بالعام الماضي، حيث وصل سعر الكيلو الواحد إلى 1500 و 1650 ل.س، إلا أن الكميات التي وصلت للتجار لا تعادل عشر ما وصل للأسواق العام الماضي، كما أشار إلى أن جميع المزارعين جنوا محاصيلهم قبل نضجها والتي تسمى محلياً "البوظة"، مرجحا انعدام الفستق الناضج والذي يسمى محليا "السحب" بسبب استعجال المزارعين بالقطاف خوفا من القصف والسرقة.
يذكر أن المنطقة الوسطى في سوريا تعتبر من أكثر المناطق السورية إنتاجاً للفستق الحلبي كَـ (كفرزيتا، وطيبة الإمام، ومورك، وصوران، والتمانعة، وعطشان) وبمعظم أنواعه، "العاشوري، والبياضي، وناب الجمل، والقراحي، والعليمي" وغيرها من أفضل أنواع الفستق في السوق العالمية.
وكانت مدينة مورك من أشهر مناطق إنتاجه فضلا عن سوقها الذي كان من أكبر أسواق الفستق على المستوى المحلي والعالمي.