عندما يلجأ السوري للغناء والموسيقى لتعويض الحرمان - It's Over 9000!

عندما يلجأ السوري للغناء والموسيقى لتعويض الحرمان

بلدي نيوز- (فراس عزالدين)
اعتادت المجتمعات البشرية على استخدام الغناء والموسيقى في التعبير عن حالةٍ ما، يتفاوت فيها حجم الألم والأمل، أو الحزن والفرح، والسوري شأنه في ذلك كباقي أفراد المجتمعات، يلجأ إلى الموسيقى كنوع من التعويض.
ولعل الحرب فرضت إيقاعها على تفاصل حياة الناس وقراراتهم في اتخاذ اللونٍ الموسيقي والغنائي المناسب، في ظل ظروف اجتماعية وإنسانية متباينة بالرغم من تشابهها.
"عمار الديري" من الشبان الذين استقر بهم الحال في إدلب بعد فراره من دير الزور إبان سيطرة "داعش"، يلجأ إلى المولية (وهي أحد أشكال الغناء التراثي في منطقة الفرات) فيقول: "استذكر الأمس، الجسر المعلّق، العشيرة، الطرقات في مدينتي، فضلا عن أغنية يا طيور الطايرة للمطرب العراقي سعدون جابر التي لا تفارق ذاكرتي".
أما "محمود" في العقد الثالث فيقول؛ "معادلة الموت فرضت نفسها، فعن أي غناءٍ نتحدث، ونحن نرثي أنفسنا كل يومٍ".
نظرةٌ سوداويةٌ يقابلها أخرى تعكس وجهة نظرٍ مغايرةٍ تماماً؛ إذ يرفض "حسام" فكرة الاستسلام ويصرّ أنّ الأغنية لها مكانتها في قلوب السوريين، ويبرهن على ذلك بالإشارة إلى أنّ الكثير من أغنيات الثورة مستمدة من بعض التراث الغنائي الشعبي.
ويضيف حسام قائلاً؛ "لستُ من هواة رفع الصوت بالغناء احتراماً لدماء الشهداء، لكنني بين الحين والآخر أردد ما تجود به ذاكرتي".
معظم الأغاني التي تنتشر اليوم في إدلب وريفها، تتماهى مع الواقع وتجسده، فتجد من يدندن بأغاني الثورية الأولى مثل "سكابا يا دموع العين"، وغيرها، لكن قلما تسمع صوت "فيروز" في صباحات ريفها الهادئ، حتى أغنيات "أم كلثوم" ما عادت ترافق الناس وسهراتهم، التي أغلقت على حزنٍ عميق، نتيجة القصف والقهر والموت.
في أحد بيوت آل البيطار ثمة أشرطةٌ وأسطوانات مضغوطة، أخذت ركناً قصياً في خزائن مغلقة، بحسب ما يقول أحد أفراد العائلة الذي فضل عدم ذكر اسمه.
ويعلل البعض ابتعادهم عن الغناء بانشغالهم في تتبع الواقع العسكري والسياسي، الذي أصبح طقساً يومياً يرافق فنجان قهوة الصباح الذي اعتادوا عليه.
تروي إحدى السيدات لبلدي نيوز فضلت عدم ذكر اسمها؛ أنها تحن إلى أولادها الذين شتتتهم الحرب، وكلما طرقت بابها الذكرى تعود لسماع أغنية "ست الحبايب" بصوت "فايزة أحمد".
الدكتور محمد الشيخ، الباحث الاجتماعي يقول لبلدي نيوز مفسراً لتلك الظاهرة؛ "إنّ ما يحدث حين نصغي السمع لأغنيةٍ أو لحنٍ ما، أننا نقوم باستدعاء ذكرياتنا، الأمر الذي يؤدي إلى تضخم مشاعرنا تجاه المعزوفة أو الكلمات، فتتأثر أدمغتنا سلباً أو إيجاباً، وتحدث حالة الطرب، وباختصار؛ اللحن والغناء ثنائية متكاملة تشبعت بها ذواتنا، وهي تجربة إنسانية فريدة".
وأردف؛ "تجد بعض النفوس راحتها وسكينتها في الغناء، وبدقةٍ أكبر حيث تطرب الروح، وهذا ما يجعل الناس تميل للصوت الحسن، الذي يلامس أشجانهم ويعبر عن فرحهم أو حزنهم بصدق فيميلون ميلاً مع الصوت".
ويختم بالقول: "الغناء والموسيقى لغةٌ فنية ﻻ ترتقي إلا حين تحاكي واقع الناس"، ويقول الفيلسوف فريدريك نيتشه "دون موسيقى ستكون الحياة غلطة فماذا عنك؟.

مقالات ذات صلة

رئيس حكومة لبنان يدعو فرنسا لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد

"مجلس الشعب" التابع للنظام يشارك باجتماعات البرلمان العربي في مصر

تحديد موعد مؤتمر بروكسل الثامن من أجل مستقبل سوريا

مقتل نحو 20 عنصرا لميليشيات إيران بريف حمص

قبل انطلاقة "بروكسل".. الاتحاد الأوربي يؤكد دعمه للشعب السوري

أمريكا تعلق على تقرير "العفو الدولية" الذي يتهمها بارتكاب انتهاكات في سوريا