الغارديان: يجب إعادة تشكيل العمل الإنساني في المنظمات الدولية - It's Over 9000!

الغارديان: يجب إعادة تشكيل العمل الإنساني في المنظمات الدولية

ترجمة بلدي نيوز
مقالة للأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين ومنسق الإغاثة السابق في حالات الطوارئ للأمم المتحدة "يان إيجلاند" و"ستيفن أوبراين" وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ.
في عام 1945، عندما التزم زعماء العالم بكل جرأة بإنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، أدى تعهدهم إلى تأسيس الأمم المتحدة والقانون الإنساني الدولي الحديث، ولكن الاضطراب الذي أعقب ذلك، كان بعيداً كل البعد عن صورة السلام والدبلوماسية التي كانت في اعتبارهم، ففي العقود التي تلت ذلك، شهد المدنيون دماراً كبيراً ناجماً عن الصراعات التي نشأت عن الحربين العالميتين الأولى والثانية، وتميزت بوجود وكلاء لها في مناطق الصراع، ومعارك أيدولوجية باسم الدين، ولكن عواقب هذه الصراعات كانت مألوفة جداً: المدنيون أصيبوا أو قتلوا، الأطفال والنساء تعرضوا للاغتصاب والقتل وسوء المعاملة، المدن والبلدات دمرت تماماً وسويت على الأرض، ومجتمعات بأكملها أجبرت على هجر منازلهم، وتشريد جماعي لما يزيد على 60 مليون شخص، وفقاً لسجلات التاريخ المتعلقة بالحرب العالمية الثانية.
وتشمل الحروب الأهلية اليوم عدد أكبر من الفصائل مما يجعلها أكثر تعقيداً لتحقيق حل سلمي، فهي تتميز بمستويات مروعة من القسوة والعنف التي يعامل بها المدنيين، كما أن مرتكبيها غالباً ما يفلتون من العقاب، فيتم تجويع الناس في المناطق المحاصرة عمداً، كما في سورية، ويحرمون من السلع الأساسية والمواد الغذائية، وأحياناً لسنوات، وتقصف المنازل والمدارس والمستشفيات ودور العبادة بمستويات مثيرة للقلق، وفي كثير من الأحيان، يكون المرضى والموظفين والعائلات والمصلين والطلاب لا يزالون في الداخل.
كما أن أي من صراعات اليوم تفتقر إلى جبهة واضحة للقتال، والمرجح هو أن تحصل هذه الاشتباكات في المناطق المدنية المكتظة بالسكان، ويتعرض السكان لتبادل إطلاق النار، وعندما يتم استهداف منطقة مدنية بالقنابل المتفجرة والبراميل ، فإن 90% من الأشخاص الذين يقتلون او يجرحون هم من المدنيين.
اليوم نقف عند منعطف حرج: 150 عاماً من الإنجازات في توقيع القوانين والموافقة على المعايير الدولية لحماية المدنيين في مناطق الصراع، ولكن الحقيقة التي تتكشف الآن أمام أعيننا -هو أن علينا إعادة تشكيل النظام الدولي الإنساني برمته- لتلبية احتياجات الملايين من الناس الذي مزقت حياتهم بسبب العنف، ويجب على وجه السرعة معالجة المبادئ الأساسية للحماية، والتي هي صلب المؤسسة الإنسانية –وتتضمن وصول المساعدات للمتضررين، وتأمين الحماية لهم ، وفي شهر أيار من هذا العام ستعقد قمة إنسانية تجتمع فيها دول العالم في اسطنبول، حيث سيكون لدينا فرصة فريدة لإجراء تغييرات ملموسة في كل هذه المجالات.
أولاً: وصول المساعدات، وإلى جميع انحاء العالم، ففي سورية مثلاً، يتم إعاقة وصول المساعدات إلى درجة صاعقة، فيمنع النظام السوري أو يعرقل منظمات الاغاثة التي تحاول الوصول إلى المجتمعات المحتاجة، بالإضافة إلى مهاجمة وقتل عمال الاغاثة ونهب إمداداتهم، وكل تلك الأساليب هي عبارة عن تدابير بيروقراطية مرهقة.
الحصار، وهو تكتيك همجي يستخدم في حرب ليس لها مكان في القرن الـ21، فقد تأثر العالم بشدة بالصور المؤلمة لأطفال يتضورون جوعاً في البلدة السورية "مضايا" والمحاصرة من قبل النظام السوري وحزب الله الشيعي، ولكن هناك أيضاً مئات "المضايا"، في السودان، اليمن، في ميانمار، في نيجيريا -حيث يحرم الناس من الوصول إلى المساعدات، في حين يشارك عمال الإغاثة في مفاوضات صعبة وخطرة ومعقدة مع الأطراف المتحاربة، وأحياناً ينجحون، وغالباً ما يفشلون.
ثانياً: يجب على القادة أن يكونوا مستعدين لتجديد التزاماتهم بالمبادئ الإنسانية الأساسية –بعدم التحيز والحيادية والاستقلالية في عملنا- بحيث نرفض اتخاذ جانب في الصراع، فضلاً عن استقلالنا عن الأجندات السياسية من أجل تحقيق مهمتنا في حماية وتقديم المساعدة للسكان المتضررين .
إن التزامنا بهذه المبادئ سيسمح لنا ببناء القبول لدى الأطراف المتحاربة والمجتمعات المحلية والوصول إلى الخطوط الأمامية للأزمة، لأن تسيييس المساعدات يؤدي إلى الاشتباه في مهمتنا، ويعرض حياة موظفينا والشعب الذي من المفترض ان نحميه للخطر.
ثالثاً: الحماية، وهي حجر الزاوية في العمل الإنساني، فعلى مدى السنوات الـ 150 الماضية، وخلال العقدين الماضيين على وجه الخصوص، بذلنا جهوداً دؤوبة لتعزيز الأطر القانونية الدولية التي تنظم قواعد الحرب، ومع ذلك، نشهد عدم احترام وقح، بل ووحشي لهذه القواعد، والتي على الأطراف المتحاربة الالتزام بها.
لذلك، لم يعد بإمكاننا الوقوف على الجانب، فيما تقصف الأسر عمداً وبشكل عشوائي في منازلهم، و يفلت المهاجمين من دون عقاب، ومن المفطر للقلب أن نوفر الغذاء والمياه للعائلات المتضررة، وحين يأتون للحصول على مساعدات، يتعرضون لخطر إطلاق النار، أو أن يستهدف العاملين في المجال الإنساني، كما أن من الميؤوس منه أن نبني المشافي، إذا كنا لا نستطيع ضمان سلامة المرضى والعاملين في الرعاية الصحية.
إن مكافحة الإرهاب والحروب الغير متكافئة لا تبرر تخفيف أو إزالة القواعد والقوانين التي تهدف لحماية المدنيين في الصراعات.... لقد طفح الكيل.. فحتى الحروب لها قوانين.
وفي تقريره" إنسانية واحدة" دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون قادة العالم لمنع ووضع حد للنزاعات، وأن يدعم قادة العالم القواعد التي تحمي الإنسانية، وتلتزم الحكومات بإنشاء هيئة مراقبة لتتبع وجمع البيانات والإبلاغ عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي، كما دعا إلى مزيد من الدعم للعدالة الوطنية والهيئات القضائية الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية، لوضع حد لإفلات مجرمي الحرب من العقاب، ولذلك نحن نتطلع إلى التزامات بهذه المبادئ وغيرها من المبادرات الأخرى في القمة العالمية للعمل الإنساني .
ولا تزال الرؤية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية ذات صلة، ولكن يجب على قادة العالم الآن تعزيز الأسس التي تشكل النظام الإنساني، والقمة العالمية للعمل الإنساني ستكون نقطة تحول للدول والمنظمات الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والقادة الفرديين لمواجهة التحديات الكبرى في عصرنا.

مقالات ذات صلة

اجتماع بين وزير الخارجية الأردني وبيدرسن لمناقشة الحل في سوريا

النظام يستغل أزمة الوافدين من لبنان

ماذا قدم نظام الأسد للاجئين اللبنانيين؟

نظام الأسد يتجاهل تقارير المنظمات الحقوقية وينفي اعتقال العائدين إلى سوريا

طائرات أمريكية توصل مساعدات إنسانية لمخيم الركبان

في اليوم العالمي للاجئين.. استجابة سوريا: النظام سبب عودة اللاجئين