بلدي نيوز – (عبدالعزيز الخليفة)
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه سوف يعيد القوات الأمريكية ببطئ إلى بلادها من سوريا، دون تحديد جدول زمني لذلك، ما اعتبره البعض تراجعا من ترامب عن نية الانسحاب الفوري التي أعلن عنها الشهر الماضي.
قرار ترامب بالانسحاب من سوريا جاء بعد مكالمة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان. المكالمة التي قال فيها ترامب مخاطبا أردوغان: "سوريا كلها لك.. لقد انتهينا"، معطيا مهمة القضاء على ما بقي من تنظيم "داعش" إلى تركيا، وكان وقتها يشرح أردوغان المشاكل الناجمة عن الوجود الأمريكي في العراق وسوريا، ويثير غضب ترامب.
المكالمة ذاتها حصلت بعد وعيد تركي باجتياح منطقة شرقي الفرات في سوريا، التي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بقوات "قسد" والتي تقودها الوحدات الكردية وتتهمها أنقرة بأنها امتداد لحزب العمال الكردستاني "ب ك ك" الذي تحاربه، بينما تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية بحجة محاربة الإرهاب.
لماذا جدولت أمريكا انسحابها؟
لا تريد واشنطن التخلي عن شرقي سوريا، الغني بالموارد لصالح نظام الأسد وبالتالي إيران، خاصة أن هذه الموارد من نفط وغاز ومحاصيل استراتيجية يمكن أن يستثمرها بشار الأسد في إعادة الإعمار، وبالتالي تفقد واشنطن والدول الغربية ورقة مهمة جدا تستخدمها ضد الروس للمشاركة في إعادة الإعمار.
كما أن سرعة ارتماء قوات "قسد" في حضن النظام بعيد قرار الانسحاب الأمريكي، أظهرت لواشنطن حجم الارتباط العضوي بين "قسد" والنظام وبالتالي إيران.
وذكرت مصادر متقاطعة من منبج بريف حلب الشرقي، أن القوات الأمريكية هي من منعت قوات النظام من دخول منبج المدينة الخاضعة لسيطرة "قسد" والتي من المفترض أنها ضمن خارطة طريق تركية - أمريكية تقضي بخروج الوحدات الكردية منها وتسليمها لإدارة مدينة من أهلها وليس لنظام الأسد، على هذا فالوجود الأمريكي كان الضامن بوجه عودة المدينة لنظام الأسد.
وشكل قرار الانسحاب الأمريكي مفاجأة بالنسبة لأنقرة التي لم تكن مستعدة ولا تمتلك العدد الكافي من القوات على الحدود التي تمكنها من دخول شرقي الفرات، كما أن قرار الدخول إلى شرقي الفرات يحتاج لموافقة من موسكو التي تدعم سيطرة النظام على المنطقة.
وهذا ما دفع تركيا إلى إرسال وفد رفيع المستوى مكون من وزيري الخارجية والدفاع إلى موسكو، للتباحث مع نظيريهما الروسيين بخصوص العملية العسكرية التركية شرقي الفرات.
وهنا قد يبدو أن سيطرة تركيا عبر فصائل مدعومة منها على شرقي الفرات أفضل للروس من سيطرة النظام وبالتالي توسع إيران عبر الميليشيات التي تدعمها في شرقي سوريا، خاصة وأن التمدد الإيراني مرفوض من قبل دول الإقليم وخاصة "إسرائيل" والدول العربية التي يمكن أن تساهم في إعادة الإعمار بسوريا.
إضافة إلى ما سبق فإن إسرائيل تعول على الوجود الأمريكي بالمنطقة بشكل كبير لمنع تمدد إيران في سوريا، وخاصة من جهة سيطرة الميليشيات الإيرانية على معبر التنف، وبالتالي فتح طريق الإمداد العسكري بين طهران وبيروت عبر دمشق.
كما أنه لدى زيارة ترامب لقوات بلاده في العراق، فإن قيادات عسكرية أمريكية أبدت خشيتها من انعكاس تسريع الانسحاب على داخل العراق في مكافحة تنظيم "داعش".