بلدي نيوز - (نجم الدين النجم)
قررت روسيا تزويد نظام الأسد بمنظومة صواريخ "إس 300"، وذلك عقب تصريحات رسمية روسية حمّلت إسرائيل مسؤولية سقوط الطائرة الروسية "إيل – 20" ومقتل طاقمها المكون من 15 عسكرياً، بعد إصابتها بصواريخ مضادة للطائرات من قبل كتيبة الدفاع الجوي التابعة لقوات النظام في اللاذقية.
وفتح قرار روسيا الأخير الأبواب أمام تحليلات سياسية وتنبؤات لمستقبل المنطقة على الصعيدين الأمني والعسكري، ومدى إمكانية نشوب حرب كبرياء ومصالح بين الدول العظمى المتواجدة في حلبة الصراع السورية، التي باتت مهيأة لمعركة نفوذ بين الأطراف ذات المصالح المتباينة التي تصل بعض وجوهها إلى درجة التعارض الصريح.
ورغم محاولة "دميتري بيسكوف" المتحدث الرسمي باسم الكرملين، تخفيف وطأة الخبر على الإسرائيليين، من خلال تصريحاته التي قال فيها إن "قرار تسليم منظومات الدفاع الجوي الصاروخية إس-300 لنظام الأسد في سوريا، ليس موجها ضد دول ثالثة، وإنما الهدف منه هو حماية العسكريين الروس في سوريا"، إلا أن الاستفزاز يبدو أنه حصل فعلاً في دوائر القرار الإسرائيلية.
ودعا رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، لعد اجتماع طارئ، لمناقشة وبحث القرار الروسي الأخير.
من جانبها، اعتبرت بعض الصحف الإسرائيلية، اليوم، أن الإعلان الروسي أمس هو مكسب معنوي لنظام بشار الأسد، شكك رئيس مركز أبحاث الأمن القومي "عاموس يادلين"، بأن تتجه روسيا إلى تسليم سوريا منظومات "إس 300" لاعتراض الطائرات الإسرائيلية فوق الأجواء السورية، وقال إن "حرية النشاط الإسرائيلي فوق الأجواء السورية لا تزال قائمة"، لافتاً إلى أن "القوات الروسية في سوريا تمتلك منظومات إس 400 الأكثر تطوراً، لكن لم يتم حتى الآن استخدامها وتفعيلها ضد المقاتلات الإسرائيلية".
وفي هذا السياق، لفتت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الشهيرة إلى أن منظومات "إس 300" موجودة في سوريا منذ العام 2016، وأن الترجمة العملية لإعلان روسيا هي في سياق مستقبل العلاقات الإسرائيلية الروسية، أكثر من القدرات العملياتية والميدانية لهذه المنظومات.
وأشارت الصحيفة إلى أن المنظومات الأكثر تطوراً من طراز "إس 400" تستخدم في سوريا فقط لحماية القوات الروسية، وأن تدريب القوات السورية على استخدامها يستغرق بين ثلاثة إلى ستة أشهر.
من جهة ثانية، قالت صحيفة "كوميرسانت" الروسية أن موسكو سترسل في غضون أسبوعين حوالي 4 كتائب من منظومة صواريخ "إس-300" إلى سوريا، ونقلت الصحيفة عن المصدر أن منظومة صواريخ الدفاع الجوي "إس-300" التي أعلنت موسكو أمس الاثنين أنها سترسلها إلى سوريا، ستغطي المنشآت الموجودة في الساحل السوري، وستراقب الحدود السورية مع إسرائيل، والأردن والعراق ولبنان.
ابتزاز سياسي أو كبرياء روسي أو تغيّر جذري في موازين القوى، تتعدد الأُطر التي وضع فيها قرار روسيا بتسليم جيش "الأسد" المهترئ منظومة صواريخ متطورة، يحتاج جيشه لفترة طويلة لتعلم كيفية استخدامها، إلا أن الهدف الأول من هذا القرار تحقق وهو حفظ ماء وجه روسيا أمام شعبها وحلفائها.
الكاتب الصحافي "عمار حمو" يقول لبلدي نيوز إن "وصول منظومة إس 300 إلى سوريا، قد يحصل فعلاً، ولكن علينا أن نقرأ ما بين سطور التصريحات الروسية، حيث أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو تحدث عن تحسين منظومة الدفاع الجوي في سوريا حفاظاً على مقاتليه الروس".
وأضاف: "أود لفت الانتباه إلى نقطة مهمة جداً، وهي أن دمشق مسلوبة القرار السياسي والعسكري، وروسيا قد تجلب منظومة إس 300 إلى سوريا لحماية قاعدتها الجوية في حميميم وطيرانها الحربي، ولكن لن تتهور في علاقتها مع أمريكا وإسرائيل، حتى وإن كانت في المعسكر المقابل لهم.. باعتقادي أي سلاح روسي متطور لن يقع بأيدي نظام الأسد وضباطه، ولن يكون دفاعاً عن أهداف النظام وإيران وإنما حفاظا على أمن القواعد الروسية، ونلاحظ أن التصعيد في اللهجة السياسية الروسية بدأ بعد إسقاط الطائرة الروسية، فيما كل الضربات الإسرائيلية على مواقع النظام وإيران، كانت التصريحات الروسية مجرد رفع عتب".
فيما يرى محللون أن قرار روسيا بتسليم منظومة إس 300 للنظام، على أنه موجه لخدمة إيران في سوريا وحمايتها من القصف الإسرائيلي بعد اشتراطها على موسكو وقف القصف الإسرائيلي على مواقع ميليشياتها في سوريا مقابل المشاركة في معركة إدلب، وبالتالي فإن تسريع موسكو بعملية تسليم المنظومة للأسد خلال 15 يوما تعني أنها ستصل قبيل بدء تنفيذ اتفاق إدلب بين موسكو وأنقرة المزمع في الـ15 من شهر تشرين الأول المقبل، في محاولة لإنهاء الاتفاق والبدء بشن عمل عسكري بمشاركة إيران -التي حصلت على ما تريد- في إدلب.