بلدي نيوز - حلب (عبد القادر محمد)
انتشرت ظاهرة عمالة الأطفال مؤخرا في معظم المناطق المحررة في الشمال السوري، حيث تترك عمالة الأطفال آثاراً سلبية على المجتمع عامّة وعلى الأطفال خاصّة، يتفرع عن ذلك مشكلات كثيرة تخل بالتوازن المجتمعي في المنطقة.
"أم عادل" إحدى النساء النازحات بريف حلب، تقول لبلدي نيوز: "أنه بعد غياب زوجي في سجون تنظيم داعش منذ أربع سنوات، لا يوجد لي معيل سوى ابني البالغ 13 عاماً، الذي يعمل في محل صيانة لف المحركات، بعدما ترك تعليمه.
من جانبها تقول "أم أنور" إحدى السيدات القاطنات في مخيمات النازحين بريف حلب: "أولادي الثلاثة يعملون هنا في المخيم، لأن زوجي استشهد بقصف لطائرات النظام على مدينة حلب في وقت سابق، وأعتمد عليهم في تلبية احتياجات العائلة" تضيف "عملهم يفيد الجميع، بينما لو قررت أن أجعلهم يتعلمون فلا يوجد مدارس جيدة ومؤهلة لتعليم الأطفال في المنطقة".
وأردفت: "مئات العائلات هنا في المخيم اضطرت لتشغيل أولادها وبناتها، حيث تراهم يتجولون في المخيم يعملون ويبيعون كل شيء.. لا يوجد خيارات مناسبة، نريد أن نعيش".
المستشارة النفسية والمجتمعية "رجاء ديري" تعّلق على ظاهرة عمالة الأطفال، في حديثها لبلدي نيوز: "إن أهم أسباب توجه الأطفال في سن مبكر للعمل، هو غياب الأب المعيل، حيث أنه إمّا قتل في القصف أو تم تغييبه في الاعتقال، وأيضاً الحاجة والعوز المادي الملحوظ للعائلات المهجرة، والتأثير السلبي الذي ينعكس على شخصية الطفل بعد اقامته لفترة من الزمن في المخيمات".
وعن التأثير النفسي الذي يتركه العمل المبكر في نفوس الأطفال قالت "ديري" إن "تواصل المعارك والقصف طيلة سبع سنوات، كان كفيلاً في تغيير طباع الأطفال، فأصبحوا يستمتعون أكثر عندما يلعبون بالألعاب النارية والأسلحة البلاستيكية، وزاد على ذلك توجههم للعمل، وهذا ينمي فيهم نوع من العناد والعنف والعدوانية".
وأضافت "ديري" أن "النتائج أيضاً تنعكس على كافة المجتمع بسبب المشاكل التي يُحدثها هذا الطفل في العمل والشارع" مشيرةً إلى أن "ترك التعليم وتوجه الأطفال للعمل يُقلّل من فرصةٍ أن يصبحوا مثقفين ومتعلمين.. نحن بحاجة للكفاءات والخبرات الآن أكثر من أي وقت مضى".
وأشارت "ديري" إلى أنه "يجب أن يتم توعية الناس وتحفيزهم على عدم إرسال أطفالهم لسوق العمل، وضرورة فتح مدارس ومراكز تأهيل أكثر فاعلية، وتأمين رواتب للنساء الأرامل والمعاقين، لتجنيب أطفالهم العمل".
وشهد سوق العمل في الريف الشمالي لمدينة حلب، عمالة كبيرة من قبل الأطفال نتيجة الوضع المعيشي السيء وغلاء الأسعار وتدني الأجور العمالية.