بلدي نيوز – (ناصر علي)
لقيت دراسة لطالبين جزائريين في جامعة "الجيلاني بو نعامة" - قسم علم الاجتماع، استهجاناً من السوريين على مختلف مستوياتهم، وخصوصاً العاملين بالحقل العلمي، كونها اعتداء على كرامة السوريات في بلد عربي شقيق، وحملت الدراسة عنواناً استفزازياً: (تسول المرأة السورية اللاجئة في المجتمع الجزائري)، مما حدا ببعض الناشطين لوصفها بـ"الوقحة وقليلة الأدب"، وأنها استخدمت معاناة بعض السوريات للبحث الخاطئ وغير العلمي بدل أن يكنّ موضع اهتمام الحكومة الجزائرية لكونهن مهجرات وبدون أزواج أو أنهن أرامل.
الدراسة المذكورة أعدت كما عنون الطالبان لها بأنها: (دراسة ميدانية لعينة من اللاجئات السوريات في كل من ولاية الجزائر العاصمة وعين الدفلى... لنيل شهادة الماستر في سوسيولوجيا العنف والعلم الجنائي لعام 2015- 2016).
أما ردود الأفعال فجاءت ساخطة مستغربة لما يتم استثماره من مغالطات واقعية لصالح دراسة عابرة كان لا بد من التريث في نشرها، وتعديلها لتكون دراسة عن واقع التسول في الجزائر وليس تخصيصها لعينة عشوائية من السوريات التي يشك أصلاً في كونهن ينتمين إلى الوسط السوري المهاجر للجزائر.
ومن أهم الردود هو ما كتبه الباحث والمحامي السوري (عبد الناصر الحوشان) تحت عنوان (سوريون ولسنا جواطنة) حيث حفل الرد بأرقام عن عدد السوريين المتواجدين على الأراضي الجزائرية، وهم بحدود 12 ألف لاجئ، وهو رقم بسيط قياساً لعدد المهجرين الأفارقة الذين يتجاوز عددهم 100 ألف لاجئ.
وبحسب الدكتور الحوشان؛ فإن الدراسات تؤكد أن أكثر من ثلثي اللاجئين السوريين يعيشون في منازل مستأجرة وأن أغلبهم من ذوي الإمكانيات المادية التي ساعدتهم على الاندماج مع المجتمع الجزائري والدخول في سوق العمل والتجارة الجزائري، وأما باقي العائلات فتقيم ضمن مجمع "سيدي فرج"، أما الشباب العزّاب فيقيمون في مجمعين آخرين وتقدم لهم كفايتهم من الحاجات الأساسية.
أما عن التسول؛ فيشير "الحوشان" إلى أن ظاهرة التسول قديمة في الجزائر تمتهنها قبائل "الجواطنة" في غرب البلاد والمنتشرة على عموم التراب الجزائري وتشكل تجمعات عشوائية في عدد من المدن الجزائرية الكبرى، وأورد "الحوشان" دراسة للبروفيسور مصطفى خياطي تفيد أن 20000 طفل جزائري يعيشون في الشوارع، وأن منهم 7000 طفل يمتهن التسول وسيلة لكسب النقود.
وفي معرض الرد على ادعاءات الدراسة الجزائرية، أكد "الحوشان" أن ما يؤخذ على هذه الدراسة وبما أنها دراسة ميدانية استقصائية كان من المفترض بمن قام بها تحديد نسبة العينة إلى الفئة المستهدفة موضوع الدراسة، لأنه من الإجحاف تعميم الحكم على السوريات اللاجئات من خلال رصد 8 حالات فقط!.. دون تحديد العدد الكلي التقريبي ممن يتسولون من السوريات.
ومن المآخذ التي أوردها "الحوشان" كذلك؛ أن الدراسة استهدفت فئة تكاد لا تذكر من السوريات قامت بهذا العمل من بين 100000 من الأفارقة وأكثر منهم من الجزائريين (المشردين وقبائل الجواطنة والأطفال المتسولين..) وهي ظاهرة عابرة وطارئة بدليل خلاصة الدراسة إلى أن أغلبهم ترك هذا العمل لما تحسن وضعه وتحققت لديه سبل الكفاية.
كما تناول "الحوشان" بالنقد اعتماد الدراسة على عينة أقرت أنها من "الغجر" السوريين، ومن المعروف أن الغجر في كل أنحاء العالم يمتهنون هذه الوسيلة للكسب، وأن عنوانها فيه قدر كبير من الإهانة لفئة من اللاجئين السوريين لم تأخذ سوى 10 صفحات من أصل 139 صفحة، ثمان منها نموذج مقابلة مع 8 نساء.
وينتهي الباحث "الحوشان" إلى المقارنة مع تحمل تركيا لأعباء 3.5 مليون سوري تم احتضانهم واقتسمت معهم لقمة الخبز وفرص العمل، "ولم نسمع أو نرَ عن دراسات تشبه هذه الدراسة، وأنها -أي الدراسة- تصلح لأن تكون تقريرا حقوقيا أو إعلاميا ليس أكثر يرصد ظاهرة عابرة يمكن حلها بأبسط الإمكانيات من الحكومة الجزائرية أو منظمات المجتمع المدني أو المنظمات الدولية أو بالتعاون مع هيئات المعارضة السورية".
وتمنى "الحوشان" في النهاية من رئاسة جامعة "الجيلاني بو نعامة" إعادة النظر بالدراسة وتغيير موضوعها لأنها أقرب لدراسة ظاهرة التسول بشكل عام، وأن عنوانها لا يتفق مع مضمونها.