بلدي نيوز - (متابعات)
قالت صحيفة نيزافيسيمايا الروسية، أمس الاثنين، إن الاتصالات بين الأكراد والروس، تثير قلق دمشق، حيث أن النظام يخشى "من تطور العلاقات الكردية الروسية إلى تعاون عسكري"، مشيرة إلى أن الأكراد قد يدخلون في اتفاق أستانا عن طريق ضم عفرين إلى مناطق خفض التصعيد.
وفي 25أيلول/سبتمبر 2017، قال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إن بلاده تعمل إلى جانب كل من روسيا وإيران على إنشاء منطقة وقف تصعيد في مدينة عفرين شمال حلب، التي يسكنها الأكراد بشكل رئيسي، لكن، السؤال المطروح هو ما الذي سيحدث إذا ظهرت منطقة وقف تصعيد خامسة في منطقة عفرين؟.
ولفت إلى أن ذلك سيؤدي ذلك إلى إدراج الأكراد تلقائياً في مفاوضات أستانا، كما سيتم إشراكهم في الحوار مع موسكو. في كل الحالات، سيكون ذلك في خدمة المصالح الروسية.
وتقول الصحيفة، إنه بالنسبة لواشنطن فإن ذلك يمثل فرصة لخدمة مصالح التحالف الكردي-العربي "قوات سوريا الديمقراطية"، وسيسهم في ظهور وسائل ضغط جديدة على نظام الأسد، في سبيل إضفاء شرعية لوجود هذه القوات، أما بالنسبة لتركيا فهذا دليل على المرونة السياسية الروسية.
وفي السادس من أيلول، ذكرت الصحف أن رئيس مديرية العمليات الرئيسية لهيئة الأركان العامة الروسي، سيرغي رودوسكي، أكد أنه "في سبيل منع الاستفزازات والاشتباكات بين قوات الجيش السوري الحر المتمركز في شمالي سوريا والميليشيات الكردية في مدينة تل رفعت السورية، تم خلق منطقة لفضِّ الاشتباك. كما حلت الجماعات المسلحة الكردية محل القوات الحكومية السورية والشرطة العسكرية الروسية هناك".
ولكن، لا ينبغي الخلط بين مناطق فض الاشتباك وبين مناطق وقف التصعيد الأربع التي اقترحتها روسيا في محادثات أستانا، حيث تم تحديد مواقعها بمشاركة العديد من الأطراف الفاعلة في المنطقة. خلال هذه السنة، تم خلق منطقة لفض الاشتباك في شمالي سوريا في مدينة منبج.
وفي شباط/ فبراير دخلت القوات الخاصة الأميركية لمنع توسع عملية "درع الفرات" في قرى شمالي وغربي المدينة. ولكن بعد بضعة أيام من موافقة روسيا والمجلس العسكري في منبج، تم إرسال مجموعة من القوات الروسية مع مساعدات إنسانية هناك، كما تم نشر حرس الحدود السوريين الذين تم سحبهم من هناك في يونيو/حزيران.
فضلاً عن ذلك، كانت هناك حدود لمناطق فض الاشتباك تم وضعها بين روسيا وتركيا على الطريق السريع آم-4، خلال القتال بالقرب من مدينة الباب السورية. كما عملت كل من روسيا والولايات المتحدة الأميركية على رسم الحدود بين الميليشيات الكردية والنظام السوري في محافظة الرقة لمنع النزاع بينها.
وفي هذا الصدد، من الواضح أن مناطق فض الاشتباك تختلف عن مناطق وقف التصعيد من الناحية الزمنية. فعلى سبيل المثال، في حال تم تحويل منطقة عفرين إلى منطقة وقف تصعيد فإنه سيتم تشكيل منطقة عازلة في تل رفعت، في إطار محاولة وضع سلسلة واضحة من الإجراءات.
وترى الصحيفة أن العملية التركية بالتالي، ستكون موجَّهة نحو محاولة إضعاف الجماعات الكردية في مدينة عفرين.
وتقول إن ذلك قد ينعكس على الولايات المتحدة، وإنه في حال قامت تركيا بالدخول إلى إدلب من مقاطعة هاتاي، فإن ذلك سيُسهم في تشكيل منطقة عازلة جديدة. كما أن ذلك قد يحول منطقة تل رفعت إلى ممر يربط بين منطقتي نفوذ تركيتين (إدلب وشمالي حلب)، حسب قولها.
في الحقيقة، لا يكلف انسحاب القوات الكردية من منطقة فض الاشتباك في تل رفعت الأكراد خسائر إقليمية حقيقية. وفي وقت سابق، تم عقد مفاوضات بين التحالف الدولي و"لواء المعتصم" التابع للجيش السوري الحر، بهدف تسليم "قوات سوريا الديمقراطية" لعدد من المدن والقرى بريف حلب الشمالي؛ أبرزها مدينة تل رفعت إلى "اللواء"، لكن لم تبدِ القوات الكردية أيَّ تفاعل مع الجيش السوري الحر.
من ناحية أخرى، وفي خضم الخسائر التي طالت تنظيم الدولة في الشرق وسباق القوى الإقليمية للسيطرة على حقول النفط هناك؛ أي بين الميليشيات الموالية للحكومة والقوات التي تحظى بدعم الولايات المتحدة الأميركية وأهمها الأكراد.
وفي هذا السياق، يكتسب "السباق" السوري المقبل من وجهة نظر روسية دلالات سياسية واضحة، ومن المتوقع أن تنجح روسيا على المدى المتوسط في تحقيق النجاح على الضفة اليسرى من نهر الفرات، في المنطقة الحدودية السورية. وهي مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لموسكو، كما أن طهران تعتزم خلق جسر في هذه المنطقة يمر من خلال العراق وسوريا إلى لبنان.
فماذا تريد موسكو في خضم هذا؟ في حقيقة الأمر، من الواضح أن روسيا تسعى لإشراك الأكراد في العملية السياسية لتسوية الأزمة السورية، حتى تجعلهم أكثر تقبلاً لإقامة حوار مع نظام بشار الأسد، في ظل وجود الولايات المتحدة في مناطق سيطرتهم شرق سوريا وبالتالي.
في المستقبل، من الممكن إبرام اتفاقات، بل وإقامة مناطق وقف تصعيد في الأراضي التي يسيطر عليها التحالف، وفي مثل هذه الحالة، سيتمكن تيار "الغد السوري"، الذي اتخذ دور الوسيط في المفاوضات بين روسيا والمعارضة السورية في القاهرة، من الاضطلاع بدور هام. والجدير بالذكر أن زعيم التيار أحمد الجربا، هو ممثل عن قبيلة شمر العربية، كما يرأس الجناح العسكري لتيار "الغد السوري".
وعلى الرغم من أن القامشلي تعتبر القلب النابض لشمالي سوريا، علما أن الأكراد يحاولون أخذها من النظام السوري بدعم من الولايات المتحدة، إلا أن عفرين تعتبر الأنسب للأكراد في الوقت الحالي. في المقابل، لا يمكن الوصول إلى القامشلي والحسكة إلا من خلال الأراضي التي تسيطر عليها القوات الموالية لنظام الأسد.
وفقاً لمصادر رسمية، بدأت روسيا في التفاعل بشكل نشيط مع الأكراد في أواخر سنة 2016، وقبل ذلك، أي بعد حادثة سقوط الطائرة الروسية سوخوي 24، كان للعلاقات الكردية الروسية خصوصية أخرى. ففي سنة 2017، وفي سبيل حث جميع الأطراف السورية على الحوار، اقترحت موسكو مسودة دستور روسي، طرحت من خلالها مسألة الحكم الذاتي الكردي في أحد بنودها.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد وجه واحد للنشاط دبلوماسي بين الأكراد وروسيا، ففي سنة 2016، أدى الطيران التابع لقوات النظام السورية، لأول مرة منذ خمس سنوات من الحرب الأهلية، سلسلة من الضربات الجوية على المواقع الكردية في الحسكة. وفي هذا السياق، لعب الجيش الروسي دوراً مباشراً في حل الصراع بين قوات الدفاع الوطني السوري الموالية للأسد، وميليشيا "الأسايش" التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي "ب ي د".