بلدي نيوز - (عمر يوسف)
يصادف اليوم السبت الذكرى السنوية الثانية للتدخل الروسي في سوريا، والذي تمكنت من خلاله موسكو من إعادة تثبيت حكم نظام الأسد، وإنقاذه من الانهيار تحت ضربات الجيش الحر في سوريا، حيث تمكنت من قلب المعادلة إلى صالحه وإعادة تعويم نظامه السياسي في المحافل الدولية على حساب دماء الشعب السوري، بذريعة محاربة "الإرهاب".
ولعل الآلة العسكرية الروسية المتمثلة بالطيران الحربي كان لها الدور الأبرز في حسم معارك واستعادة مناطق واسعة في سوريا، كانت بيد الجيش الحر لعدة سنوات منذ بدء الثورة السورية، ما يكشف هشاشة نظام الأسد عسكريا، وعدم قدرته على التقدم شبرا واحدا دون الحليف الروسي.
وبالنظر مليا لأبرز محطات ونتائج التدخل الروسي في سوريا تظهر في الواجهة مدينة حلب، والتي كانت إحدى أهم معاقل الجيش الحر منذ بدء المعارك في المدينة عام 2012، قبل أن يبدأ نظام الأسد حملة عسكرية شرسة بدعم روسي أفضت إلى خسارة الجيش الحر حلب، كان الطيران الروسي أحد أبرز عوامل تقدم القوات البرية والميليشيات الطائفية على الأرض، حيث ارتكبت موسكو عشرات المجازر المروعة في أحياء حلب الشرقية، إضافة إلى الجرائم التي نفذها نظام الأسد بالمدفعية الثقيلة والطيران الحربي.
هذا التدخل حسم المعركة ككل لصالح نظام الأسد، وجعل الجيش الحر ينسحب من مواقعه التي حافظ عليها لأكثر من أربعة أعوام، كما خلف كارثة إنسانية انتهت باتفاق مذل، قضى بخروج المدنيين من الأحياء الشرقية نحو الريف الغربي لحلب، وبداية صفحة جديدة من الاحتلال الروسي في سوريا.
لقد أسهم التدخل الروسي في مفاقمة عذابات السوريين، واستشهاد وجرح الآلاف من المدنيين، فضلًا عن الإمعان في تدمير مناطق واسعة من بعض المدن السورية.
ومن أخطر نتائج التدخل الروسي هو التغيير الديمغرافي الذي نجم عن الحصار، ومن ثم اتفاقيات التهجير القسري لآلاف المدنيين من ريف دمشق ومدينتي حمص وحلب، حيث صنع هذا التدخل الدموي خارطة على مقاس نظام الأسد، فزجت بمعارضي نظام الأسد في منطقة إدلب شمالا، وريفي حلب الشمالي والغربي، في الوقت الذي فرض على من رفض التهجير الخدمة في جيش النظام أو القتل والتصفية.
ومع بداية العام الجاري بدأت روسيا تروج لمؤتمر "أستانا"، لسحب البساط من مفاوضات جنيف وحرف مسار العملية السياسية ككل، جاهدة لإبراز نفسها كراعي "سلام" جديد في سوريا، حيث تمكنت من إقحام اتفاق جديد أطلق عليه "مناطق خفض التصعيد" الذي قسم سوريا إلى أربعة مناطق، زعمت من خلاله إعلان تهدئة عسكرية لمدة 6 أشهر قابلة للتمديد، في الوقت الذي استمرت هي ونظام الأسد بقتل السوريين وقصف المدن والبلدات السورية.
من المؤكد اليوم أن روسيا تحولت بعد عامين داميين من حليف للأسد إلى المتحكم بالقرار السياسي والعسكري في سوريا، وباتت تعلن عن الاتفاقيات والمعارك، دون أن تجد في ذلك حرجا للأسد، الذي أصبح مجرد دمية بيدها ليس عليه سوى المصادقة الشكلية على قراراتها ورغبات موسكو التوسعية في سوريا، فيما أصبحت قاعدة حميميم هي الآمر الناهي ولها مطلق الصلاحية، وما على الأسد سوى السمع والطاعة، مقابل أن يجلس على كرسيه مزيدا من الوقت.