بلدي نيوز - (عمر حاج حسين)
تتناثر المخيمات المبنية على عجل في شتى بقاع الشمال السوري، وتتوزع العشرات من المخيمات التي تحولت لواحدة من أكبر مأسي الحرب السورية، وتجمع هذه المخيمات بين مرارة النزوح، وشدة الفقر والبطالة، وأحوال إنسانية لا شبيه لها من انعدام لكل مقومات الحياة، لتصبح إحدى إشارات الانفجار القادم في المنطقة، والذي يترسخ ويتأكد قرب حدوثه يوما بعد يوم، بسبب الصمت والتواطؤ الدولي إزاء كل ما حدث في سوريا.
فبعد سبع سنين من الحرب والتهجير، ما يزال أهالي مدينة حماة وحلب وحمص ودمشق وغيرها من المحافظات الذين لجأوا إلى المخيمات يعيشون على أمل العودة إلى قراهم وبلداتهم، التي لم تفارقهم لحظة منذ رحيلهم عنها، فتحولت مخيماتهم إلى مدن جديدة، سمها بأسماء مدنهم وقراهم الأصلية.
المخيمات المؤقتة أو "العشوائية" كما يسميها البعض، سعى بعض ساكنيها في محاولة للتحايل على "السمع"، لتسميتها بأسماء قراهم وبلداتهم أو حاراتهم التي هجروا منها بفعل حرب الأسد، وخطته لخلق مجتمع "متجانس"، وكان البعض أكثر أملاً في المستقبل، فوضع لهذه المخيمات أسماء تدل على الأمل والتفاؤل وقرب العودة إلى الديار.
في هذه المخيمات، لا ينتظر السوريون أي حل سياسي، ولا أمم متحدة ولا مجلس أمن، فلسان حالهم يقول، من تخلى عنهم لسنوات تحت البراميل المتفجرة والقصف، لن يصادف مشكلة في إبقائهم في المخيمات إلى أجل غير مسمى، فالأسد نجح في خلق مجتمعه "المتجانس"، وهم بالتأكيد ليسوا من مكوناته، ونجح في إخراجهم من جميع المناطق التي يريد السيطرة عليها، ما يجعلهم غير مؤهلين في الكثير من الحالات للعودة إلى أرض آبائهم وأجدادهم، الأمر الذي يعتبر كارثة بكل المقاييس، وما يزيد الأمر خطورة أن الشعور بالغبن والظلم الذي يتعاظم مع كل دفعة جديدة من النازحين المهجرين من منطقة ما، يزيد الضغط في الأنفس التي لم تجد من ينصفها، ما ينذر بانفجار قريب، لا يمكن لأحد أن يتوقع نتائجه.
بلدي نيوز التقت الشاب (لؤي قسوم) النازح من مدينة طيبة الإمام، الواقعة في ريف حماة، وقال لبلدي نيوز "إن المخيمات في بلدة أطمة التي نقطن فيها مكونة من مجموعات، مقسمة لمجموعات فرعية عدة، كل منها لمدينة معينة أو ربما قرية أو بلدة معينة، وكل منها تحمل أسماء البلدات الأصلية للنازحين، في محاولة للتذكير بأصلهم ومرجعهم وقراهم وبيوتهم التي هجروا منها عنوة بسبب القصف الممنهج الذي طالهم من قبل الأسد".
مخيمات "حمص وكفرزيتا، الجزيرة والفرات، مخيم الكرامة، ومخيم عطاء، ومخيم الواصلون، ومخيم شام، ومخيم الحياة، ومخيم الامل"، ليست سوى مدن مهاجرة يعيش فيها الأمل والقهر في مكان واحد، الأمل الذي يذبل تدريجيا مع كل مؤتمر أو اتفاق سياسي، ومع كل تصريح لقوة عظمى عن بقاء النظام، يترك المجال مفتوحا للقهر، الذي يتعاظم يوما بعد يوم في النفوس، ولا أحد يستطيع أن يتنبأ ماذا سيكون حال هذه المخيمات بعد عدة سنين من الزمان، سوى كتلة من القهر المؤهلة للانفجار في أية لحظة.