بلدي نيوز - (عبدالعزيز الخليفة)
فرض حزب الاتحاد الديمقراطي "ب ي د" على كل أسرة في مناطق سيطرته، تقديم أحد أبنائها للخدمة الإجبارية في صفوفه منذ بداية العام 2014، ثم أعلنت الميليشيات العسكرية التابعة للحزب عن تأسيس ما سمي بقوات سورية الديمقراطية المعروفة بـ"قسد" وذلك في تشرين الأول/أكتوبر 2015، حيث أصبحت تتم عمليات التجنيد لصالحها وزادت وتيرتها بشكل كبير منذ مطلع العام الجاري.
لكن "ب ي د" يُتهم من قبل جهات محلية وإقليمية بالتبعية لحزب العمال الكردستاني "ب ك ك" الموضوع على لوائح الإرهاب في تركيا وأمريكا وأوروبا، رغم قيادته لقوات تسمى بقوات سورية الديمقراطية ودعمه من الولايات المتحدة الأمريكية.
وعن ظروف التجنيد وطريقة إدارة الميليشيات التابعة لـ"ب ي د"، قال (أ، م) وهو أحد المجندين إجباريا في صفوفه والفارين منه لاحقاً، قال، إن المجندين الذين يعتقلون من على حواجز وضعت على الطرق أو عن طريق مداهمة قراهم، ويساقون إلى معسكرات للتدريب، موضحا أنه تدرب في موقع عسكري بمنطقة تل بيدر بريف الحسكة.
ولفت المجند السابق -الذي طلب عدم ذكر اسمه- أن صاحب فكرة التجنيد الإجباري هو قيادي في حزب العمال يدعى "سيماند ولات"، مؤكدا أن "ولات" مبتور الساقين، نتيجة إصابة سابقة تعرض لها بعملية عسكرية للجيش التركي في ولاية هكاري التركية في العام 2000م، موضحا أنه كان معروفا لجميع أفراد الدورة المشكلة من المجندين إجباريا والبالغ عددها نحو 450 شاباً.
وأشار المصدر إلى أن الدورة العسكرية يطلق عليها اسم "وحدة"، يقودها عناصر أكراد، ولا يوجد بينهم أي قيادي ميداني عربي، ويتزعم الوحدة عادة قيادي من حزب العمال الكردستاني.
وأوضح أن الرتب العسكرية هي على الشكل التالي: (تيم) ويقود مجموعة من ستة عناصر، و(تيم قبتان) ويقود مجموعتين، و(قبتان) ويقود أربع مجموعات، و(طابور) ويعمل تحت إمرته أكثر من (قبتان)، و(طابور قمتان) وهذا يشرف على مجموعات تسمى بطابور وهي مجموعات الوحدة أو الدورة العسكرية، وتبقى ثلاث رتب عسكرية وهي قائد الوحدة ومعاونان هما (مشير ومشير قبتان).
وشدد على أنهم تعرضوا لدورات في التوعية والإرشاد السياسي في المعسكر، مستلهمة من أفكار عبدالله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في تركيا، وقال أنه "(أبّو) عبدالله أوجلان يحتل مكانة رمزية كبيرة لدى (ب ي د)"، مضيفا أن دورات الإرشاد السياسي تستغرق ثلاثة أشهر وربما أكثر للمتطوعين، أما المجندين فتكون أقل باعتبار أنهم بحاجة لهم على جبهات القتال بأسرع وقت.
وعن علاقة حزب الاتحاد الديمقراطي "ب ي د" بحزب العمال الكردستاني، قال الناطق باسم تيار المستقبل الكردي، جيان عمر، إن "المعضلة الأساسية للشعب الكُردي في سوريا مع قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي هي تبني هذا الحزب لسياسات بعيدة كل البعد عن مطالب الشعب الكُردي وتبعيته المطلقة لقيادة حزب العمال الكُردستاني التركي والذي يتّبع سياسة تابعة للمحور الإيراني السوري في المنطقة".
وأشار "عمر" في حديثه لبلدي نيوز، إلى أن "ب ي د" يستغل "القضية العادلة للشعب الكُردي في سوريا لخدمة مشاريع إقليمية مشبوهة على حساب دماء الشباب الكُرد"، مشددا على أن "الحاكم الفعلي في المناطق الكُردية السورية ليس حزب الاتحاد الديمقراطي بل هي قيادة من حزب العمال الكُردستاني العسكرية، في حين تقوم قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي بلعب دور الواجهة السياسية والإعلامية لإضفاء نوع من الشرعية على هذه السياسات والإدارة المعلنة من قبلهم كون القانون الدولي يمنع تدخل مجموعات خارجية في شؤون دولة أخرى".
ولفت إلى أنه "تمّ تصفية بعض قيادات حزب الاتحاد الديمقراطي مثل عيسى حسو وغيره الذين كانت لهم رؤية واضحة من النظام السوري، وتبني لمطالب الشارع الكُردي السوري؛ فهكذا أصوات يتم الحكم عليها بكاتم الصوت ومن ثمّ يُشيّعون كشهداء للحزب ولذلك لا تتجرّأ بقية قيادات أو أعضاء الحزب على انتقاد سياسة مقررات قيادة الحزب في جبال قنديل، بل ينظرون إليها على أنّها أوامر عليا يجب تنفيذها دون أي تباطئ أو اعتراض".
بدوره، شدد عضو التجمع الوطني لقوى الثورة والمعارضة بالحسكة، محمود الماضي، على أن الإحصائيات تؤكد "أنّ الغالبية العظمى من القادة العسكريين في ميليشيات (ب ي د) والتي تشكّل بمجملها نواة وغالبية قوات سورية الديمقراطية هم عناصر في حزب العمال الكردستاني المصنف على قائمة الإرهاب".
ولفت "الماضي" أن حزب الاتحاد الديمقراطي يتباهى بتطبيق فلسفة أوجلان ويرفع صوره في مناطق سيطرته حتى وضع صور (أوجلان) في المناهج التعليمية التي طبعوها وأجبروا المدارس على تعليمها".
وأشار إلى أن "حزب الاتّحاد الديمقراطي قدم نفسه ممثّلا للأكراد بقوة السلاح، وهجّر واعتقل ونكّل كثيرا من مناوئيه، ومنذ انطلاق الثورة السورية عمد نظام الأسد لاحتضان هذه الميليشيا وقدّم لها المال والسلاح لمواجهة الحراك الثوري في المنطقة، وسلّمها كثيرا من المناطق في الشمال السوري بما فيها منابع النفط في رميلان وبعض مؤسسات الدولة".
وشدد على أن "هذه الميليشيات تقدم خدمات للنظام وإيران وروسيا وبالتأكيد الولايات المتحدة، مقابل مساعدات عسكرية لتنفيذ مشروعها في الشمال السوري، وهي اليوم تبتغي القيام بمشروع انفصالي بدايته فيدرالية على أسس قومية لاستقطاب الأكراد إلى صفوفها رغم أنّ الأكراد لا يشكلون أغلبية في شمال سوريا ولا حتى بالحسكة".
من جانبه، قال الباحث السوري عبد الوهاب عاصي لبلدي نيوز، إن في "صبيحة 25 نيسان/أبريل 2017، شنت المقاتلات التركية هجمات مركزة على جبل سنجار في العراق وكراتشوف شمال الحسكة، وبعد أيام قليلة من الضربة أظهرت الصور التي نشرتها وكالات أنباء غربية ضباطاً وجنوداً من قوات المارينز الأميركي، برفقة قادة عسكريين من قوات سوريا الديمقراطية، خلال جولة بالمناطق التي قصفتها تركيا. ولم تمر أيام أيضاً على هذه الصور حتى انتشرت صورة للقيادي البارز في حزب العمال الكردستاني، شاهين شيلو، برفقة أحد الضباط الأمريكيين في سوريا آثناء معاينة مواقع الحزب في جبال كراتشوك بريف الحسكة التي استهدفتها الطائرات التركية، في نيسان الماضي".
ويرى عاصي أن ما سبق يعطي مؤشراً حقيقياً إلى العلاقة المتينة بين حزب العمال الكردستاني وبين قسد، على عكس ما تحاول تصويره واشنطن، ونوه الباحث السوري أن العديد من التقارير الغربية أشارت إلى أن قيادات قسد ووحدات حماية الشعب في سوريا هم نقسهم قيادات حزب العمال الكردستاني في تركيا والعراق".
واعتبر "عاصي" في حديثه لبلدي نيوز، أن من أهداف قوات سورية الديمقراطية في سوريا، هو شرعنة "حزب العمال الكردستاني بصورة جديدة حيث تحاول واشنطن فرضها على تركيا، وهي أشبه بإعادة الإنتاج، بمعنى أن القسم السوري لحزب العمال الذي لا تصنفه واشنطن على قوائم الإرهاب وتعتبره شريكاً لها في محاربة تنظيم (الدولة)، هو ورقة ضغط قوية على تركيا في حيز جغرافي معترف فيه وهنا أقصد شمال شرق سوريا، أي الكونفدرالية الكردية في سوريا.