بلدي نيوز- (حسام محمد)
يواصل نظام الأسد وشبيحته التلاعب والاستغلال في ملف المعتقلين، فيبيعون ذوي المعتقلين أوهاماً بآلاف الدولارات، ولا خيار أمام القلوب الملتاعة سوى الدفع مجبرة.
في العاصمة السورية دمشق، تواصلت شبكة "بلدي نيوز" مع "أم محمد" وهي زوجة معتقل شارك في الحراك المدني مطلع الثورة السورية في آذار 2011، فقالت "أم محمد" بأن زوجها اعتقل في الشهر الخامس من ذاك العام على يد المخابرات الجوية التي داهمت أحد الأحياء الدمشقية، دون أن تعلم إلى الآن ما هي تهمة زوجها.
"أم محمد" لم تيأس يوماً في البحث عن زوجها هنا وهناك، لتطرق أبواب ضباط في مخابرات الأسد عبر وساطات لمعرفة مصيره أو التهمة الموجهة إليه، على أمل أن تلقاه، وفي كل محاولة يكون الفشل سيد الموقف والنتيجة تصدمها مع طفلتيها اللتين كبرتا ستة أعوام منذ اعتقال أبيهم.
قبل شهر ونصف فقط، نجحت "أم محمد" عبر وسيط من لجان المصالحة في إحدى المناطق في التوصل لضباط في الفرقة "الرابعة" التي يتزعمها ماهر الأسد، ليؤكد لها قدرته على معرفة مصير زوجها المعتقل، وبعد يومين فقط طلب مبلغ ألفي دولار أمريكي مقابل إبلاغها بمصير زوجها "هل هو حي أو ميت".
وقالت "أم محمد" خلال حديثها لـ "بلدي نيوز": "حاولت عبر الوسيط أن أخفض المبلغ المطلوب، وبعد عناء طويل قبل ضابط الفرقة الرابعة التنازل عن 500 دولار"، ليقول لها بأن زوجها لا زال حيا، هذه العبارة فقط كلفت أم محمد مبلغ 1500 دولار أمريكي.
وبعد أسبوع من ذلك، أوصل لها الضابط عبر رجل المصالحة، بأنه قادر على جلب صورة ومقطع صوتي لزوجها، ولكن ذلك يتطلب مبلغ 7500 دولار أمريكي، ذهلت "أم محمد" فرحاً لهذا الخبر، فبدأت ببيع كامل الحلي الذهبي الذي بحوزتها، والاستدانة من عائلتها وإخوتها، لجمع المبلغ المطلوب.
لكن ضابط الفرقة الرابعة أصر على أن يتسلم المبلغ بداية قبل أن يقوم بالمهمة، ورضخت "أم محمد" لمطالب الضابط، وقامت بتسليمه المبلغ كاملاً، بعد أن تحجج الضابط بأنه يريد رشوة بقية ضباط مخابرات الأسد لتمرير المقطع الصوتي والصورة.
ولكن ما حصل كان كارثيا، قالت أم محمد: "وصلتني الصورة ولكن الصوت لم يصلني ولن يصلني بعد الآن، فالضابط كان تاجراً مجرما وسفاحاً، فقد أوصل لي صورة زوجي مطبوع على جبينه رقم وجسده نحيل، متلاصق ببعضه، لقد قتلوه وصورته مشابهة تماماً لصور سيزر، وكان مثلهم ملقى على الأرض وروحه غادرت هذه الحياة".
المؤامرة والجريمة التي ارتكبها ضابط الفرقة الرابعة مضاعفة، فقد قتلوا زوجها ضمن أقبية المخابرات الجوية، وقتلوا زوجته خارج السجن، وسرقوا مالها وآمال أطفالها، الذين باتوا بعد اليوم يتامى لا أب لهم ولا قاضي يأخذ حقهم ولا أرض تسع أحزانهم.