نساء درعا في ظل الثورة.. "لا ينكر حقهن إلا لئيم" - It's Over 9000!

نساء درعا في ظل الثورة.. "لا ينكر حقهن إلا لئيم"

بلدي نيوز- درعا (خاص)

شاركت المرأة السورية وأسهمت بشكل فعال في الثورة السورية منذ انطلاقتها، سواء في المشاركة في المظاهرات أو علاج الجرحى أو النشاط الإعلامي والإنساني، ومع طول أمد الثورة وانتقالها إلى العسكرة لردع آلة النظام العسكرية، التي نكلت وقتلت آلاف السوريين، وبعد ما يزيد عن ست سنين من عمر الثورة السورية ساهمت هذه المدة في بروز مشاكل كثيرة للمرأة السورية، وتفاقم أخرى، ساهم في ذلك الفلتان الأمني، إضافة انتشار الجهل خلال السنوات الماضية وتدني المستوى التعليمي وغُبن حقوق المرأة، وتجسد ذلك في انتشار زواج القاصرات وكثر حوادث الطلاق، وحرمان المرأة من إكمال تعليمها بسبب المشاكل الأمنية والخشية من الاعتقال والوقوع بيد قوات النظام.

أما اقتصادياً فقد باتت كثير من النساء في المناطق المحررة جنوباً تلعب دور المعيل للأسرة بعد غياب الزوج، بسبب الحرب القائمة في البلاد منذ ست سنين، مما فاقم أعباءها وانعكس ذلك سلباً على المجتمع، حيث لم تستطع المرأة تحصيل عمل محترم يؤمن لقمة العيش في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة البالغة الصعوبة نتيجة ندرة فرص العمل والاستغلال الحاصل لليد العاملة، التي لا تتقاضى سوى جزء ضئيل من حاجتها اليومية للابتعاد عن شبح الجوع.

 الوضع الاقتصادي للمرأة في محافظة درعا


إن طول أمد الصراع الذي دخل عامه السابع، فاقم بشكل كبير المشاكل الاقتصادية في حياة الأسرة السورية في المناطق المحررة في محافظة درعا، التي باتت تسعى لكسب لقمة العيش، حيث باتت المرأة تعمل بجانب الرجل لتحقيق تلك الغاية، التي تعتبر طموحاً كبيراً في ظل التحديات والظروف الاقتصادية الاستثنائية التي تمر بها البلاد.

فأكثر من 75% من سكان محافظة درعا يعيشون تحت خط الفقر حسب إحصائيات غير رسمية (النسبة قد تكون أكثر من ذلك)، مما أجبر المرأة على العمل أو زيادة ساعات عملها، لكسب لقمة العيش مع الغلاء الفاحش في الأسعار وانحسار فرص العمل.

تنوعت أعمال النساء في محافظة درعا فمنهن من لجأن إلى العمل في الخياطة والتطريز المنزلي، أو في الخارج في بعض الورش الصغيرة ذات الدخل المتواضع بالنسبة لساعات العمل والجهد المبذول فيه، وبعض النساء توجهن للعمل على بسطات بيع المحروقات والتبغ، لكن هامش الربح المتروك لهن من قبل تجار الجملة يعتبر قليلاً نسبة إلى الكمية المباعة، والانتشار الكبير لهذه البسطات في مناطق درعا المحررة.

أما بالنسبة لحملة الشهادات الجامعية، فقسم منهن ما يزال محافظاً على عمله ويقبض راتباً من النظام، ويبلغ متوسط مدخولهن الشهري قرابة 30 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 60 دولار أمريكي تقريباً، وهو مردود ضئيل جداً لا يكفي أي عائلة حتى لو كانت صغيرة لمدة أسبوعين في أعلى التقديرات.

أما القسم الأخر من حملة الشهادات واللواتي تخرجن مؤخراً، فلم يجدن فرص عمل، إلى ذلك لم تستطع حملة الشهادات من النساء إيجاد فرص عمل في المنظمات والهيئات الإغاثية ومنظمات المجتمع المدني، التي تنشط في المناطق المحررة خوفا من الملاحقة الأمنية من قبل أجهزة النظام، حيث تعتمد غالبية العائلات على النساء في تسيير الأمور المدنية والطبية لأسرهن وأطفالهن، والتي لا تتواجد إلا في مناطق النظام، مما يشكل مانعاً إضافياً لمشاركة المرأة في هذا المجال، الذي لا يوفر فرص عمل عديدة تستوعب كماً كبيراً منهن، أضف إلى ذلك أن هذه المنظمات لم تسلم أيضاً من المحسوبيات والواسطة.

إن غياب أو فقدان المعيل بسبب الموت أو التغييب القسري في سجون النظام، ساهم بشكل أساسي في ازدياد العبء على المرأة التي أصبحت المعيل الوحيد للأسرة، ويتطلب ذلك منها جهداً إضافياً، غير المطلوب منها لرعاية أطفالها وأسرتها وشؤون بيتها، وقد انعكس ذلك سلباً على شكل الأسرة، التي أصبحت تفتقر لدور الأم التي أصبحت لا تستطيع أن توازن بين عملها وبيتها.

الوضع الاجتماعي للمرأة في المناطق المحررة بدرعا

بدا جلياً في سني الثورة السورية تفاقم المشاكل الاجتماعية لدى المرأة السورية، ومن أبرزها زواج القاصرات الذي أتى نتيجة عدم قدرة أرباب الأسر على توفير حياة كريمة لعائلاتهم مع أزمة المعيشة الصعبة، وغياب معيل الأسرة في بعض الأحيان.

وحسب تقديرات ناشطين فإن ما يزيد على قرابة 5000 آلاف امرأة تعرضت للترمل في درعا وحدها، بسبب الحرب القائمة في البلاد التي أضحى غالبية ضحاياها من الذكور، مما ترك فراغاً واسعاً في الأسرة، حيث يعتبر الأب عماد الأسرة.

ظاهرة الترمل هذه ساهمت في دعم فكرة تعدد الزوجات، فقد شهدت مناطق درعا المحررة كثيراً من حالات تعدد الزوجات، وذلك بعد دعوات من قبل المجتمع والمشايخ للمساهمة في إعالة هذه الأسر وتوفير المعونة الدائمة للأرامل اللواتي يواجهن مصاعب الحياة بمفردهن، إضافة لذلك ساهمت دعوات المجتمع إلى تعدد الزوجات أيضا للحد من ظاهرة "العنوسة" في المجتمع التي تهدد البنية الاجتماعية وتقوض السلامة النفسية لآلاف النساء، اللواتي لن يحصلن على الاستقرار في ظل استمرار عنوستهن.

 الوضع التعليمي للمرأة في درعا


لعل أبرز الجوانب التي تضررت خلال سني الثورة وأثرت بشكل كبير على حياة المرأة في درعا، هي الجانب التعليمي فاستمرار الحرب أدى لتسرب عدد كبير من الطالبات من المدارس، قدر عددهم بما يفوق 5 آلاف، وترك دراستهن لأسباب عديدة، منها الحالة الاقتصادية السيئة والتوجه للعمل بقصد إعالة الأسرة، والحملة العسكرية الشرسة للنظام والتي استهدفت كل مقومات الحياة في المناطق المحررة، ومنها استهداف المدارس بالقصف من قبل النظام وإخراج عدد كبير منها عن العمل، حيث تعرضت ثلث مدارس المناطق المحررة في درعا لدمار جزئي أوكلي بحسب مصادر في منظمات غير حكومية تعنى بالمجال التعليمي; بسبب قصف قوات النظام لها.

ومما لا شك فيه أن النزوح المستمر للأسر بين المناطق المحررة في درعا، بسبب القصف والغارات، أدى لفترات انقطاع طويلة ومتتالية عن مقاعد الدراسة، مما يهدد بضياع جيل كامل، كما أن النزوح خارج البلاد، ومحاولة العودة للمدارس بعد فترات انقطاع طويلة، أثرت بشكل سلبي على متابعة الدراسة، مما يسبب ترك المدرسة وتلجأ بعض المدارس التي انقطع فيها الدوام الدراسي لظروف معينة من قصف وغيرها، إلى اختزال التعليم على البعض المواد الرئيسية كالرياضيات واللغة العربية والعلوم، وإهمال مواد أقل أهمية، مما يهدد الطلاب بالرسوب في هذه المواد حال عادوا للمدارس.

إلى ذلك اضطرت الكثير من الفتيات إلى ترك الدراسة وعدم الذهاب للجامعات خشية الاعتقال أو التحرش من قبل عناصر النظام، علماً بأن كافة الجامعات والمعاهد الحكومة تقع في مناطق سيطرة النظام.

ولم تستطع الحكومة السورية المؤقتة تفعيل الشق التعليمي بشكل كافٍ، حيث اقتصرت في درعا على وجود معهد للقبالة، ومعهد لإعداد المدرسيين لم يحظَ باعتراف يشجع الطالبات على للإقبال عليه.

 

مقالات ذات صلة

نقابة أطباء حلب الحرة تدعو للاعتدال في استهلاك الحلويات احتفالاً بالأخبار السارة

إعلام النظام يعلن وصول ناقلة نفط إيرانية إلى طرطوس

إدلب.. "الإنقاذ" تشترط الحصول على موافقة لإقامة فعاليات

التحديات الاقتصادية للأسرة السورية في مواجهة تكاليف التعليم

السويداء تحتفل.. عام على الحراك السلمي

إعادة تفعيل المعابر بين مناطق سيطرة "الوطني" و"قسد"