بلدي نيوز – (محمد خضير)
أطلقت الفصائل العسكرية العاملة في درعا بتاريخ 12 شباط من العام الحالي، معركة "الموت ولا المذلة" بعد هدوء تام لمدة عام تقريبا، وذلك رداً على اعتداءات النظام المتكررة ومحاولة تقدمه على نقاط الثوار داخل حي المنشية في المدينة، استطاعت خلاله من التقدم على نقاط جديدة كانت بيد قوات النظام والميليشيات الطائفية في الحي.
ماذا حقق الثوار في المعركة؟
وقسمت المعركة على عدة مراحل، حيث حققت تقدما كبيراً لصالح الثوار داخل الحي في المرحلتين الأولى والثانية، كان أهمها سيطرتها على حواجز "أبو نجيب، وكتلة أبنية النجّار، والنقطة الطبية، ومخبز الرحمن، وخط الدفاع الأول الممثل بأكثر من 10 أبنية، إضافةً لقتل أكثر 100 عنصر خلال الأسبوع الأول للمعركة، بينهم قيادي إيراني، و11 ضباطاً لقوات النظام، إضافة لتدمير عدد من الآليات العسكرية والدبابات.
وتابعت الفصائل تقدمها في المعركة، وأعلنت إطلاق المراحل الثالثة والرابعة والخامسة، استطاعت خلالها من بسط سيطرتها كتل استراتيجية داخل حي المنشية، متمثلة بالمقسم، الذي يعتبر غرفة تواصل لقطاعات النظام ومقر قيادة العقيد (فراس) والعقيد (طلال)، إضافة للسيطرة على حاجز مدرسة معاوية، وحاجز مسجد عقبه بن نافع ذات الأهمية الاستراتيجية العالية، كونها قريبة من مبنى الارشادية وحديقة المنشية، التي تعتبر نقطة ارتكاز لمليشيات الاسد داخل الحي، والسيطرة على ما يقارب 90 كتلة سكنية، وتعلن الحي محرر بنسبة 85 %.
وفي هذا الصدد، يرى العقيد الركن علي ناصيف أن معركة المنشية ذات أهمية استراتيجية للثوار، وخاصة من حيث الهدف والمهمة، وليس من حيث المساحة، فهي تنهي آمال النظام والمليشيات المتعاونة معه في حصار درعا وتنفيذ مخطط وسيناريو حلب.
ما أهمية حي المنشية عسكريا؟
وأضاف ناصيف بحديثه لبلدي نيوز: "أن الثوار اختاروا حي المنشية للأهمية الاستراتيجية لتحقيق الهدف والغاية، حيث يعتبر الحي (الذروة العسكرية في مدينة درعا)، فإذا استطاع الثوار من السيطرة على الحي وإخراج النظام منه يصبح النظام على أطراف مدينة درعا وفي حي المحطة، وتصبح قوات النظام مكشوفة ومرصودة من حيث الرؤية والنار، وتصبح ميليشيات النظام تحت مرمى بندقية الثوار، ويصبح النظام غير قادر على رصد وتحديد مواقع الثوار في درعا البلد وينتهي حلم النظام بحصار درعا.
أسباب المعركة وتأخرها؟
وتابع "ناصيف"، "عندما حقق النظام انتصارا في حلب أراد أن ينفذ نفس الخطة في درعا، بأن يستخدم طريقة القضم والهضم للمناطق بهدف الوصول إلى الجمرك القديم، وبالتالي يكون استطاع من تحقيق الهدف الأول، وهو فصل الثوار عن بعضهم وتجزئة مناطقهم، وبالتالي يسهل عليه التعامل معهم منفردا بكل منطقة، وإحكام الحصار على هذه المناطق، لكن فصائل المعارضة السورية تنبهت لهذا المخطط، وعلمت بنوايا النظام بشكل مسبق، وخططت لمعركة ووجهت هجوما استباقيا على النظام مما أفشل مخطط النظام.
وعزا الضابط المنشق أسباب تأخر المعركة لعدة أسباب أهمها، أن المعركة تولد عنها معركة أخرى لا تقل أهمية عنها وهي معركة نزع الخناجر والتي كان سببها جيش خالد المبايع لتنظيم "الدولة"، حيث استغل التنظيم انشغال الثوار في المعركة، وشن هجوما مفاجئا على عدة مناطق مثل "تل الجموع، وتسيل، وجلين"، ما اضطر فصائل المعارضة للتصدي له وتوزيع الجهود والقوات بين المعركتين، وهجوم التنظيم يخدم النظام عسكريا. إضافة للتحليق المكثف للطيران الروسي واستخدامه للذخائر الموجهة والذكية، وطيران النظام الحربي والحوامات، واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا وخاصة في المدن والمناطق المأهولة مثل القنابل الفوسفورية والنابالم الحارق، وهذا النوع من القنابل له آثار سلبية كبيرة، فالفسفورية مثلا تؤدي إلى حرائق في مكان سقوطها ولا تنطفئ إلا بردمها بالتراب، بالإضافة إلى الغازات التي تصدر عنها. كما أن غياب المظلة الجوية للثوار (المضادات الجوية) كان سبب لتأخير المعركة، وذلك يتيح حرية كاملة للطيران لتنفيذ ضرباته بأسلوب البحث الذاتي عن الهدف وملاحقته وضربه، وشدد العقيد ناصيف على أن القتال في المدن له خصوصية ويحتاج إلى تدريب عال ولأسلحة وذخائر خاصة.
نصائح للمعركة
ووجه "ناصيف" عدة رسائل للثوار في معركتهم داخل الحي، أهمها الاستطلاع الجيد والمضمون، والاستخبارات الدقيقة التي تساعد في كشف نوايا العدو ومخططاته، إضافةً للتحصين الجيد، واعتماد أسلوب المجموعات الصغيرة في قتال المدن، وأسلوب الكمائن، وأردف بقوله أن على الثوار الاعتماد على الأسقف الترابية والاسمنتية والمعدنية، لمنع وصول القنابل الفوسفورية للمقاتلين والمعدات، وتجهير أكياس من التراب بجانب المواقع المهمة، من أجل إطفاء الحرائق، واعتماد السرية والمفاجئة، واستخدام أسلوب الصدمة والرعب في بدء المعركة، وتطبيق المقولة (المعرفة على قدر الحاجة)، إضافةً لعدم إعلام المقاتلين كلهم بالخطة العسكرية للمعركة.
ويعتبر قادة عسكريون، أن الـ15% التي تبقت في يد النظام بحي المنشية لا تشكل تهديداً كبيراً للثوار، فقد خسر النظام غالبية تحصيناته الدفاعية، إضافة إلى الكثير من الكتل السكينة التي تشرف على قسم كبير من الحي، وكانت تعقد تحركات الثوار، إلا أن سيطرتهم عليها أعطتهم أفضلية كبيرة للتقدم، وسط انهيار كبير في معنويات النظام، الذي يخسر العشرات من جنوده يوميا، بينهم ضباط وصف ضباط استطاعت غرفة البنيان المرصوص توثيق المئات منهم منذ انطلاق المعركة.