بعد عزلة روسيا.. هل يسعى دي مستورا لإنقاذ الأسد؟ - It's Over 9000!

بعد عزلة روسيا.. هل يسعى دي مستورا لإنقاذ الأسد؟

بلدي نيوز – (ميرفت محمد)

في الوقت الذي سقطت فيه روسيا وباتت معزولة عالميًا، يدعو مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا  (ستفان دي مستورا) لجولة مفاوضات جديدة تعيد شرعنة نظام الأسد أو لتحقيق  الهدف النهائي (المحافظة على وحدة سوريا دولة واحدة) كما قال (دي مستورا).

يأتي هذا الإصرار الروسي في وقت لا تزال المعارضة السورية تواجه تحديات متزايدة، فلكي تحصل المبتغى السياسي من العملية التفاوضية عليها العمل على استراتيجية تحسين البنية والوظيفة السياسية، "بلدي نيوز" يطرح في التقرير التالي تساؤلات حول سعي (دي مستورا) لإنقاذ الأسد بالمفاوضات والحل السياسي؟ وهل تقع المعارضة في الفخ وتستجيب؟ 

(دي مستورا) ومهمة تذليل العقبات

ما تزال موسكو تواجه حقيقة عدم قدرة نظام الأسد على الصمود دون دعم روسي وإيراني دائم، فهو غير قادرة على حفظ "المكتسبات" العسكرية في حال غياب التغطية الجوية الروسية، وقد اتضح ذلك في  أحداث دمشق وريف حماه ودرعا الأخيرة التي قاومت استراتيجية الحل العسكري الصفري وحاولت كسر المعادلة التي جهد الروس في تكريسها منذ معركة حلب الشرقية.

يقول الباحث في مركز عمران للدراسات الإستراتيجية (معن طلّاع) إنه رغم ارتكاب القوى الجوية للنظام السوري مجزرة الكيماوي في خان شيخون، فإن موسكو لن تستغني تكتيكياً عن دعمها لنظام الأسد،  إذ تدرك أن ادعاءاتها في الحفاظ على الدولة السورية هو مدخلها الرئيسي لتبرير تثبيت دعائم عودتها النوعية لمنطقة الشرق الأوسط، ويتابع القول: "لذا ستبقى تقاوم رياح التغيير السورية وتراهن (تكتيكياً) على بقاء نظام الأسد في السلطة أكبر قدر ممكن، وستعمل على ضمان مشاركته في مكافحة الإرهاب، طالما أن شروطها الجيوسياسية غير مشمولة كلياً في أي اتفاق أو عملية".

ويؤكد (طلّاع) على أن (دي مستورا)، ومنذ التدخل الروسي "أحسن" قراءة المشهد وأدرك أنه بعد الاستعصاء السياسي فإن الروس سيتجهون بعد تطويع الميدان لمصلحتهم إلى المضمار السياسي، وهو ما تم في اجتماع الآستانة (الذي باركه دي مستورا) ثم تتابع في جولات جنيف الأخيرة التي وافق طرفا الصراع على آلياتها وسللها الأربع، لذا سيبقى دي مستورا منفذاً لمهمته التي أبدى مراراً وتكراراً عدم استقالته منها. ويوضح (طلّاع) أن هذه المرة  قد تبدو محادثات جنيف القادمة مخرجاً سياسياً مهماً لنظام الأسد للخروج من "ورطته" وفرصة لادعاء إبداء المرونة في التعامل السياسي، ويستدرك: "لكن لا أعتقد أن دي مستورا بدعوته تلك يخطط لمخرج ما للأسد بقدر ما هو وسيط ذكي يتابع تذليل العقبات القائمة لإتمام العملية السياسية".

ويشدد (معن طلّاع) على أن المعارضة السورية اليوم ليست بموضع قوة بحكم أحداث مجزرة خان شيخون، ويقول لـ"بلدي نيوز": "تغييب المعارضة عن دائرة التفكير الدولي كبديل للحكم لا يزال قائماً لسببين: أولًا عدم توافر الرغبة الإقليمية والدولية بتغيير النظام ككل، والثاني عدم أهليتها لإدارة الدولة والتحكم في أضلع الدولة العميقة"، لذا لا مناص من الذهاب ومتابعة النضال السياسي والعمل جاهداً على استثمار هذه اللحظة بالحصول على أكبر قدر من المكتسبات وطنية، مزودين بالحرفية والتقنية وحسن التواصل مع القيادات المجتمعية والعسكرية في الداخل، فالغياب عن المشهد السياسي –حسب (طلّاع)- ساهم سابقاً في إعطاء الفرصة للروس في الإمعان في تمييع صف المعارضة التي أصبحت معارضات لا تتفق حتى على هدف إسقاط النظام، كمنصات القاهرة وحميميم والأستانة".

إعادة تأهيل مافيا النظام

أشرفت الأمم المتحدة على خمس جولات من المفاوضات غير المباشرة بين وفدي النظام والمعارضة دون التوصل إلى نتيجة، حيث بقي وفد النظام متمسكاً ببحث ملف مكافحة الإرهاب أولًا، مقابل تمسك المعارضة بالتركيز على الانتقال السياسي.

يقول الأمين العام المؤسس لمنظمة المنصة مجلس السوريين (محمد عامر الزكور) إن عمل دي مستورا لا ينفصل عن عمل الأمم المتحدة جملة وتفصيلًا, والتي تتلخص بأنها منظمة مرهونة لإرادة الدول الكبرى, التي تسعى اليوم لإعادة تأهيل مافيا النظام وهي تتصور أن في هذا الحل.

ولا يستبعد  (الزكور) ذهاب المعارضة للمفاوضات بنفس الشروط السابقة، وقال خلال حديثه لـ"بلدي نيوز": "ستقع المعارضة في الفخ وتستجيب وهي لا تملك اليوم من أمرها شيئًا تمامًا كالنظام، المعارضة ستذهب بالشروط التي تمليها عليها الدول الداعمة لها".
 ويتابع القول: "يجب على المعارضة السياسية السورية أن تعود للشعب السوري لتستمد منه القوة و القدرة في مواجهة مافيات المجتمع الدولي", مضيفًا: "نحن في منصة مجلس السوريين توجهنا بالدعوة إلى جميع السوريين المستقلين الأحرار, أفرادًا وجماعات وتيارات وأحزاب ومجالس وائتلافات وهيئات إلى المؤتمر الشعبي السوري العام وقدمنا آليات علمية وعملية وبمدخلات مختلفة لهذا المؤتمر حتى نخرج بمخرجات مختلفة عن كل ما سبق من مؤتمرات سورية خلت خلال سنوات ست عجاف".

ويشدد  (الزكور) على أن السوريين أحوج ما يكونوا اليوم إلى قيادة تجمع وتوحد الداخل وتنال ثقته وتفرض احترامها على الخارج بقوة الداخل وبقدرتها على قيادته وتوجيهه سياسيًا، بحيث تستطيع هذه القيادة أن تخوض لعبة السياسة كجسد واحد مع الدول.

توحيد القرار السياسي

يقول الباحث في السياسة الدولية (جلال سلمي) أن (دي مستورا) يهدف في المقام الأول إلى تجهيز ورقة تشكل مرجعًا لحل سياسي يجمع الطرفين، بعد تأكد عدم إمكانية الحسم العسكري، ويوضح: "دي مستورا ليس وحده الذي يسعى لتلك الخطوة بل كافة الدول تسعى لذلك، لكن النتيجة لا تخرج لمسعى الأطراف الفاعلة لتحقيق نفوذ ميدانية تقوي حجتها في إعادة ترتيب الأوراق وفقًا لأهدافها ومصالحها الإستراتيجية، فالأمر غير متعلق بدي ميستورا بل بالأطراف الفاعلة التي ترمي إلى صياغة توازن قوى لصالحها، قبل الذهاب لعملية حل سياسي نهائية".

ويرى (سلمي) خلال حديثه لـ"بلدي نيوز" أنه إذ استمر (دي مستورا) في إصراره على مواقفه، كإصراره على مناقشة كافة المواضيع المتعلقة بالقضية السورية في وقت واحد متجاهلًا مطلب المعارضة في مناقشة عملية الانتقال السياسي في المقام الأول، فقد تعزف المعارضة عن المشاركة الفاعلة وليس المقاطعة الكاملة، ويعتقد (سلمي) أن ما قد يمنع المعارضة من مقاطعة المحادثات بشكل كامل تخوفها من إرساء (دي مستورا) والقوى الفاعلة أجنحة معارضة تم إنشاؤها على أنها معارضة، كمنصتي روسيا وحميميم وحزب الاتحاد الديمقراطي، كبديل عن المعارضة الحقيقية، وذلك لأن تكلفة القطيعة الكاملة التي تراها المقاطعة كوسيلة ضغط، قد تكلفها الكثير من الخسائر الاستراتيجية، لذا قد تبقي المعارضة على المشاركة، حسب (سلمي).

ويقترح (سلمي) على المعارضة السورية لتحقيق تأثير في المفاوضات، تحقيق استقلالية في القرار السياسي للتمتع بالإرادة السياسية، والاستقلالية السياسية ممكنة من خلال تنويع مصادر التمويل وإحراز تحركات ميدانية واسعة في الميدان، كما أن عليها استغلال حاجة الدول الداعمة، كبريطانيا وتركيا وقطر والسعودية، التي لها مصالح إستراتيجية حيوية في سوريا لصالح المسار الإيجابي للثورة، ويمكن تحقيق ذلك حسب سلمي -عبر توحيد القرار السياسي ولو بشكل نسبي الأمر الذي يضطر تلك الدول لاحترام المعارضة بموازنة أجندات الثورة مع أجنداتها القومية.

معارضة مغلوبة على أمرها

يقول المحلل السياسي (جميل عمار) إن المعارضة السياسية والفصائل المسلحة، هي معارضة مغلوبة على أمرها، وشخصياتها مستهلكة وخاضعة للإذعان سواء للروس أو الأمريكان، ويضيف: "لا توجد لدينا معارضة هي صاحبة القرار، لذلك وارد جدًا أن يلبوا الدعوة ويحضروا جولات جديدة من مفاوضات جنيف  أو الأستانة"، ويضيف (عمار) لـ"بلدي نيوز": "يجب أن ننتظر موقف النظام بعد الحوار الذي تم في روسيا، هل سيعود بقصف بالبراميل أو الكيماوي، هل سيكون هنالك مجزرة أخرى، وعلى ضوء ذلك سنحدد الموقف الأمريكي، كيف سيكون".

 ويتابع (عمار): "لا يوجد حل سياسي يمكن أن ينقذ الأسد، الأسد منتهٍ بشكل أو بآخر، ومعروف تماماً أنه لا يمكن صياغة أي حل سياسي بوجود الأسد، لا بواسطة دي مستورا ولا روسيا ولا حتى أمريكا، أي حل يفرض وجود الأسد سيبقى حلاً فاشلاً غير قابل للتطبيق نهائيًا"، ويعتقد (عمار) أن هناك قناعة عند العالم ككل أن بقاء الأسد في المنصب يعني أنه لا استقرار، وروسيا تطلب بقاءه كنوع من العناد، وربما روسيا أسهل من إيران في عملية استيعاب أن مصالحها في المنطقة مع رحيل الأسد.

 

مقالات ذات صلة

"التفاوض السورية" للاتحاد الاوربي: التطبيع مع النظام ينسف القرار 2254

الحسكة.. "قسد" تطلق عملية في مخيم الهول

"المجلة" تنشر وثيقة أوربية لدعم التعافي المبكر في سوريا

توثيق مقتل 89 مدنيا في سوريا خلال تشرين الثاني الماضي

صحيفة أمريكية توثق آلية تهريب نظام الأسد للممنوعات إلى الأردن

تقارير تكشف اعتقال نظام الأسد لـ9 من اللاجئين السوريين العائدين من لبنان