وهم الحل السياسي في جنيف: السوريون ضحيته - It's Over 9000!

وهم الحل السياسي في جنيف: السوريون ضحيته

بلدي نيوز – (خاص)
مع اقتراب كل جولة من المفاوضات في جنيف بخصوص الحل في سوريا، فإن ذلك يحظى بقدر كبير من اهتمام الناس، وتحتل عناوينها كبرى الصحف المحلية والعربية والدولية، وهو ما يعكس حاجة السوريين والمنطقة إلى وضع حد نهائي لما يجري من صراع امتد ناره إلى دول عدة وآخرها كانت العاصمة البريطانية لندن.
وأعلن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا قبل أيام من انطلاق الجولة الثانية من مفاوضات جنيف ٤ عن حضور جميع الأطراف إلى جنيف للمشاركة في المفاوضات التي ستناقش أربع سلال أساسية وهي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب، ويبقى السؤال الأهم الذي يشغل بال الجميع عن نتائج تلك المفاوضات وما إذا كانت مفاوضات جادة أم شكلية؟
وقال الباحث الجيوبوليتكي قمران بخاري إن "الكثير من تلك المؤتمرات إن لم يكن معظمها ينعقد لأن من يمولون الأطراف المتحاربة أو الوسطاء يريد كل منهم أن يقنع جمهوره إنه يعمل على تحقيق السلام حتى وإن كانوا يعلمون أن الحرب الدائرة الآن لن تضع أوزارها قبل وقت طويل"، وأضاف بخاري في بحث لفهم محادثات السلام نشرته مجلة "جيوبوليتيكال فيوتشرز" أن المفاوضات السورية "لا طائل منها".
بعد التقارب الروسي التركي اعتبر الكثير من المراقبين أن الأوضاع باتت مختلفة، وأن هناك بوادر لإيجاد حل سياسي بخصوص سوريا، وخاصة أن موسكو وأنقرة تملكان نفوذاً واسعاً داخل الأطراف المتحاربة، ويلفت بخاري الانتباه إلى أنه من خلال خبرته بتحليل المعلومات الجيوبوليتيكية فأن "اشتراك الجهات التي ترعي النظام والثوار في عملية التفاوض لا يعني أنها ستكلل بالنجاح".
ومن المهم أن نمعن النظر في السياق الذي تنعقد من خلاله المفاوضات، وذلك من أجل أن نفهم السبب وراء التخوف من فشل المفاوضات، حيث يُجمع أغلب الباحثين على أن تكافؤ الميزان العسكري هو أحد أهم الأسباب وراء نجاح أي عملية تفاوضية.
وبالعودة إلى الأحداث التي رافقت عقد المفاوضات، فقد شكل نجاح النظام في السيطرة على كامل مدينة حلب وهي كبرى المدن السورية ومن ثم إخراج المعارضة السورية من وادي بردى بريف دمشق، ومؤخراً من حي الوعر في حمص، على الرغم من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار؛ تتويجاً لتنامي قوة النظام في السنوات الأخيرة بفضل داعميه وعلى رأسهم موسكو، لكن الثوار لم ينهزموا هزيمة كاملة، حيث أنهم لا يزالون يسيطرون على إدلب وعلى القسم الأكبر من ريف حلب الشمالي ويحتفظون ببعض الجيوب بالقرب من العاصمة دمشق، وشنوا مؤخرا هجوماً على قوات النظام داخل العاصمة دمشق لفك الحصار عن حيي القابون وبرزة ومنع النظام من محاولة تهجير سكانها.
وهنا يجب الانتباه إلى أن "إذا كان النظام منتصراً ويلقى دعماً مستمراً فما الذي يجعله جاداً في التفاوض مع طرف لا يلقى الدعم من حلفائه كما يجب، كما أنه ما يزال غارقاً بانقساماته الداخلية ويتلقى الهزائم"، بالمقابل ما الذي تتوقعه المعارضة السورية أن تجنيه من عملية تفاوضية تسيطر عليها روسيا الحليف الأول للنظام نتيجة الانكفاء الأمريكي، وتقودها الأمم المتحدة التي عجزت عن إدخال علبة حليب واحدة إلى المناطق المحاصرة، كما قال المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب في مناسبة سابقة، وهنا يقول الباحث بخاري الذي ترجم بحثه موقع "العالم بالعربية" إنه "ليس هناك ما يدفع النظام للدخول في اتفاق يتقاسم فيه السلطة مع المعارضة السورية تعصف بهم رياح الفرقة عصفاً شديداً، وليس لدى الثوار أمل في الخروج ولو بشيء يسير من الكعكة السياسية".
واعتبر المعارض السوري سمير نشار أنه لا يوجد ما يشير أو مؤشرات جدية على أن هناك حلاً سياسياً في المدى المنظور.
وفي حديث خاص لبلدي نيوز لفت نشار الانتباه إلى أن "رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة لم تتضح تجاه الملف السوري، على العكس تماماً من وضوحها تجاه الموقف من الاٍرهاب ومن إيران"، مضيفاً أن على الإدارة الأمريكية أن تحسم موقفها من الأطراف والدول والمنظمات التي سوف تشاركها وتعتمد عليها في محاربة الاٍرهاب والتصدي للحضور الإيراني في سوريا أولاً وفِي العراق ثانياً.
وأشار المعارض السوري المستقيل عن الائتلاف الوطني حديثاً إلى أن هناك فكرة ما زالت قائمة لدى واشنطن على إشراك مقاتلون من العرب وربما تكون من قوات الجيش السوري الحر أو من دول عربية صديقة للولايات المتحدة وخاصة في مجال مكافحة الاٍرهاب مثل المملكة العربية السعودية والأردن وربما مصر، مشدداً أن قوات سوريا الديموقراطية التي يشكل الأكراد القسم الأكبر منها، هي إحدى الأدوات المشاركة في محاربة الاٍرهاب وليست الشريك الوحيد.

وتحدث نشار أيضاً عن تحديات دونالد ترامب في تفكيك التحالف بين إيران وروسيا، وقال إن "موضوع إيران أيضاً هو معقد بسبب علاقتها مع روسيا ودعمها لنظام الأسد"، متوقعاً أن تحاول واشنطن تفكيك تلك العلاقة تدريجياً وفتح قناة مع روسيا بقضايا أخرى وهي كثيرة مشتركة غير الملف السوري، وخاصة في قضايا العقوبات والمشاكل الأوروبية، وفي ختام حديثه نوّه نشار إلى أن كل ما ذكره "يعيق إنتاج حل سياسي يلبي طموحات السوريين، إلى أن تتضح المواقف أكثر".
وبالعودة إلى الباحث الجيوبوليتكي قمران بخاري الذي يفسر السبب الحقيقي وراء انعقاد هذه المفاوضات بأن "النظام يرى فيها فرصة لترميم مصداقيته التي فقدها على الساحة الدولية وللظهور بدور الطرف العاقل، من جهتهم يحتاج الثوار الحفاظ على أنفسهم كطرف في اللعبة".
بينما تحاول موسكو الراعي الأكبر للمفاوضات والمتسلطة عليها بأن تظهر كواحدة من اللاعبين الكبار على مسرح السياسة الدولية، في الوقت الذي تعاني منه على الناحية الاقتصادية، وبأن ذلك بشكل كبير خلال جلسات الجولة الأخيرة التي انعقدت في ٢٣ شباط الماضي، حيث أرسلت موسكو نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف إلى جنيف لعقد عدد من الاجتماعات مع الأطراف السورية، وشدد خلال مؤتمراته الصحفية على ضرورة مواصلة المفاوضات للتوصل إلى الحل السياسي، ويقول رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني السوري المعارض إن ما نراه في جنيف هو "إدارة الصراع وليس مفاوضات جادة لإيجاد حل سياسي"، معتبراً أن ذلك مهماً جداً في هذه الآونة، بسبب عدم وجود توافق دولي على ذلك الحل.
وهنا من المهم معرفته أن ما نراه هو محادثات لن تؤدي إلى حل، وإنما توظيفها من أجل أهداف أخرى، تختلف باختلاف الطرف، وبات من المعتقدات الخاطئة الشائعة أن وقف إطلاق النار هو مطلب ضروري قبل انطلاق المفاوضات، حيث أن التجارب التاريخية السابقة تثبت أن العكس هو الصحيح، حيث أن تصاعد المعارك وارتفاع وتيرتها بين الطرفين في الميدان بينما يجلس ممثليهم على طاولة واحدة هو دليل قوي بالنسبة لموظفي الأمم المتحدة أن العملية التفاوضية جادة وقد ينتج عنها حلا سياسيا.
وهنا يشرح بخاري هذه المعادلة من الناحية الجيوبوليتكية، حيث يقول إن "المفاوضات التي تأخذ منحى جاداً نحو إنهاء الصراع، يود كل طرف أن يتفاوض من منطلق قوة نسبي، بهدف إشعار الآخر بقدرته على مواصلة القتال وإلحاق خسائر أكبر به، لكنه مع ذلك يفضل السلام. وفي نفس الوقت يحاول كل طرف أن يظهر نقاط ضعف الطرف الآخر، وبهذه الصورة يأمل كل طرف في الضغط على الآخر حتى يذعن لأكبر عدد من الشروط"، مضيفاً أن الوصول إلى اتفاق هو "المحصلة لهذه العملية المضنية التي تنطوي على معادلة متوازنة يشعر كل طرف فيها أن الطرف الآخر قد قبل الحد الأدنى من مطالبه مقابل تنازلات"، بمعني أن مكاسب انهاء القتال تفوق تكلفة الحرب، وتبقى نقطة الانطلاق الأولى في هذه العملية هي عدم قدرة أي طرف منهما على فرض حل عسكري على الطرف الآخر.

مقالات ذات صلة

صحيفة غربية: تركيا تعرض على امريكا تولي ملف التظيم مقابل التخلي عن "قسد"

بدرسون يصل دمشق لإعادة تفعيل اجتماعات اللجنة الدستورية

خالفت الرواية الرسمية.. صفحات موالية تنعى أكثر من 100 قتيل بالغارات الإسرائيلية على تدمر

توغل إسرائيلي جديد في الأراضي السورية

ميليشيا إيرانية تختطف نازحين من شمالي حلب

أردوغان: مستعدون لما بعد الانسحاب الأمريكي من سوريا