بلدي نيوز – (ميرفت محمد)
قبل أن يفيق النظام السوري من ضربة العمليات الشرسة التي تشنها ضده فصائل المعارضة السورية على مواقع عسكرية في العاصمة السورية (دمشق)، أطلقت عدة فصائل ثورية معركة جديدة ضده في ريف حماة الشمالي باسم (وقل اعملوا)، ليتلقى النظام بذلك هجوما على من أكثر من جبهة.
وهو ما يطرح التساؤل حول إمكانية وقوع الحل العسكري كمخرج للثورة السورية، بعد أن بدأت هذه المعارك تمهد لسقوط النظام سياسيًا.
حلول (سبطانات المدافع)
"مواصلة فتح الجبهات يعمل على تشتيت قوى النظام وخاصة سلاح الجو، وهو الآن لا يُحسن التركيز على منطقة وحادة كما يلاحظ المتابعون، فمثلًا كان النظام يقتحم الغوطة الشرقية من عدة محاور قبل بدء هذه المعارك، لكنه الآن اضطر لسحب مقاتليه بهدف سد العجز بعد عملية دمشق"، هذا ما قاله لنا أحد إعلاميي (مركز الغوطة الإعلامي) الذي تواصلت معه "بلدي نيوز"، وأضاف المصدر "يوجد تصعيد عسكري كبير من فصائل الغوطة والمعارك مستمرة ومن الصعب توقفها".
لقد أبطلت عملية دمشق وحماة والغوطة ادعاءات صعوبة الحسم العسكري، التي خلقها النظام وحلفائه بهدف تحويل القضية إلى ساحة للمقايضة والمساومة، وتسبب الهجوم المباغت الذي شنه مقاتلو المعارضة، على معاقل النظام في العاصمة دمشق بتغير المعادلة بعد إظهار هشاشة قوات النظام، والتي تلها قيام الفصائل بريف حماة الشمالي، بالانضمام للمعركة ضد مواقع قوات النظام تحت اسم "وقل اعملوا"، فوسط قصف مدفعي وصاروخي عنيف، أراد ثوار حماة إطلاق المعركة لتخفيف الضغط عن الثوار على أطراف مدينة دمشق، وتحرير ما يمكن تحريره في مدينة حماة والسعي لفك الحصار عن ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي.
ويرى المحلل العسكري (راني جابر) أن الحل السياسي مستحيل في سوريا، مضيفًا "الحل العسكري هو ما يحدث على الأرض على الرغم من أن المجتمع الدولي يتحدث عن مفاوضات واستحالة الحل العسكري، لكنه مجرد جزء من عملية تجهيز الوقائع لإجبار المعارضة السياسية على توقيع اتفاقيات الاستسلام".
ويشدد (جابر) خلال حديثه لـ"بلدي نيوز" على أن كلمة "لا حل عسكري" تُستهدف بها المعارضة وليس النظام الذي يتابع عملياته التي تعتبر الدول الكبرى أنها تمهد لحل سياسي، ويعتقد جابر أن "أكبر استفادة من المعارك الحالية ستحصل في حال قلبت المعارضة الطاولة وأوقفت التفاوض، فهي لن تحصل بالسياسة على شيء لا يستطيع الثوار الحصول عليه عبر سبطانات المدافع".
الحل تفرضه قوة الثورة
"الأزمة السورية مقبلة على تسوية سياسية، وكل الدول ابتعدت عن الحل العسكري"، لم يكن هذا التصريح الذي قاله وزير الخارجية المصري (سامح شكري) في العاشر من آذار الحالي إلا نهج دولي كما أسلفنا، نهج أكد دائما أن الحسم يعقد حل الأزمة السورية لكونه قائم على أساس إسقاط النظام وإدخال البلاد في دوامة عنف لا نهاية له.
يرى المحلل السياسي (أحمد الهواس) أن الحل العسكري كان محسوماً لصالح الثورة لولا تدخل أطراف دولية –برضا أمريكي- لدعم النظام في دمشق, وكذلك منع السلاح النوعي عن الثوّار فضلاً عن دور المخابرات الدولية وبعض الداعمين في صناعة التفرقة بين الفصائل ومنع توحدها.
ويقول (الهواس) أن معارك الغوطة الآن قد لا تدخل في إطار إسقاط النظام سياسيًا, ولكنها قد تغير في طريقة المفاوضات وهنا تكون حرب تحريك, وليست تحرير, مشيرًا إلى أنه في حالة وجود تنسيق بين الفصائل وفتح عدة جبهات فإن النظام سينتهي تماماً وستسارع القوى الكبرى التي لها وجود على الأرض لمفاوضة الثوّار على الحل الذي تفرضه قوة الثورة، حسب الهواس.
ويرفض الهواس خلال حديثه لـ"بلدي نيوز" محاولات تمييع النصر الذي حققه الثوّار، ويقول "عنصرا المفاجئة والدقة في التنفيذ فضلاً عما كشفه هجوم الثوار عن هشاشة الوضع العسكري للنظام وحلفائه في العاصمة وضع اعتبارا كبيرا للمعركة، خاصة في ظل توقف الدعم الأمريكي لبعض الفصائل التي تقول عنها معتدلة، وعدم وجود دعم خليجي لما يحصل في دمشق, فجيش الإسلام المدعوم من السعودية, وهو مشارك بالمفاوضات, ولكن لم يعلن مشاركته بمعارك دمشق".
طريق الحسم.. طويل
هناك من يرى أنه ليس من السهل تحقيق الحسم العسكري، فذلك يتطلب إنتاج قيادة عسكرية وسياسية قادرة على قيادة الثورة وإيصالها إلى أهدافها، ويرجع ذلك لاعتبار أن هناك غياب توافق بين القيادة السياسية والعسكرية وبين الداخل والخارج، وذلك هو من يضع الثورة في خطر، كما أن المعارضة ما زالت تعمل بطريقة تقليدية لا تضاهي إمكانيات النظام وحلفائه.
لذلك، يصف الصحافي السوري (فراس ديبة) طريق الحسم العسكري بأنه طويل جدًا وبحاجة إلى تغيير جذري في الاستراتيجية العسكرية للمعارضة، ويقول "لا يمكن فعلياً تغيير معادلة المعركتين العسكرية والسياسية إلا بكسر الخطوط الحمراء ونقل المعركة إلى حاضنة النظام الشعبية".
ويوضح (ديبة) خلال حديثه لـ"بلدي نيوز" أنه من المبكر جدًا الحديث عن حل سياسي أو حسم عسكري، في ظل غياب إرادة دولية في حسم القضية السورية، وفي ظل تعارض مصالح دول الإقليم والدول صاحبة القرار في المجتمع الدولي. ويقول "المعارك بشكلها الحالي توقف خسارة المناطق المحررة وتوقف مسارات الباصات الخضراء، وتمنع فرض استسلام سياسي في جنيف، وهي بالمطلق انتصار يحسب للثورة، ويعيد التوازن للثوار وفرصة للخروج من الهزائم النفسية المتوالية في العام الأخير من الثورة".