بلدي نيوز – (نجم الدين النجم)
يسوّق المبعوث الأممي إلى سوريا "ستيفان دي ميستورا" للأفكار الروسية من خلال تصريحاته عن مؤتمر جنيف، المعني بإيجاد حل للقضية السورية، حيث كانت آخر تصريحات المبعوث الأممي أنه "لا يعلق آمالاً كبرى على جنيف" وأنه يتوقع جولة محادثات أخرى في العاصمة الكازاخية "أستانا" التي ترعاها روسيا بشكل أساسي.
في الوقت الذي تتجه فيه بوصلة المجتمع الدولي إلى جنيف، لإيجاد حل ناجع لوقف نزيف الدم في سوريا، يتجه دي ميستورا إلى المراوغة في التصريحات الصحفية، ترويجاً للأفكار الروسية الحالمة بإعادة تدوير نظام الأسد وتقديمه بشكل مختلف، عن طريق "أستانا"، حيث قال دي مستورا في تصريح مُستغرب يوم أمس الأربعاء أنه "لا يتوقع انفراجاً في الأزمة السورية" لكنه "يريد تحقيق قوة دافعة كبيرة خلالها!" وأردف المبعوث الأممي أنه يتوقع جولات محادثات أخرى في أستانا عاصمة كازاخستان التي دعت إليها روسيا وتركيا وإيران للتعامل مع وقف إطلاق النار والقضايا الإنسانية بما في ذلك قضية السجناء.
هذا وركز المبعوث الأممى في تصريحاته في الآونة الأخيرة على مسألة الدستور، التي أثارتها روسيا بعد تقديمها لدستور مكتوب من قبل مستشاريها القانونيين، إلى وفدي المعارضة والنظام، والذي رفضتها المعارضة جملة وتفصيلا، حيث قال دي ميستورا " إن صياغة الدستور من صلاحية الشعب السوري وليس من صلاحيتنا، وأن الأمم المتحدة ستعمل على مساعدة الشعب في صياغة دستوره" كما صرحت "يارا شريف" المتحدثة باسم دي ميستورا، يوم الجمعة الماضي، أن "المباحثات ستركز على الحكم والدستور الجديد والانتخابات".
وتأتي هذه التصريحات من المبعوث الأممي بعد أن كرر مراراً أن الهدف من جنيف، هو وضع آلية لانتقال الحكم في سوريا، كما تأتي هذه التصريحات بعد يوم واحد من تصريحات مدير مكتبه "مايكل كونتت بأنّ "محادثات جنيف بين وفدي النظام والمعارضة، ستبحث مسألة انتقال السلطة في سوريا"، هذا وأوضح كونتت أنّ "قرار مجلس الأمن 2254 هو الموجّه للأمم المتحدة خلال جنيف، وأتى على ذكر القرار الإجرائي في القرار والتي تطالب المبعوث الخاص بعقد المفاوضات الرسمية بشأن عملية الانتقال السياسي".
وحول هذا الموضوع يقول الكاتب والباحث السياسي نواف الركاد: " لم تظهر بعد ملامح الحل السياسي المأمول بسبب عدم اتفاق الدول العالمية الكبرى وذلك ناجم بشكل أو بآخر عن عدم انطلاق باخرة الإدارة الأمريكية الجديدة وعدم معرفة وجهتها الحقيقة".
وأوضح السيد نواف أن "روسيا لم تظهر الجدّية الكاملة في السعي لتطبيق بيان جنيف ، بل ترغب بطي ملفه تماماً و اعتباره غير ملزم في حين تركّز هي ومنصاتها التابعة لها على القرار الدولي 2254 و الذي لا يتحدث عن هيئة حكم انتقالي بل عن تشارك في السلطة بين المعارضة و النظام"، وأشار إلى أن " القضية السورية لا زالت تنتظر الكثير من الوقت و التفاعلات و إعادة تموضع القوى الدولية و الإقليمية".
من جهته يقول الكاتب والصحفي "يوسف دعيس" أن دي ميستورا مرتبط بشكل أو بآخر بالقوى الفاعلة في المسألة وليس أصحاب المشكلة وطرفيها وهما النظام والمعارضة، ويقول الدعيس أن "المتفاوضين مجرد كومبارس، يفعلون ما يؤمرون به، لا المعارضة استطاعت تمثيل حجم هذه التضحيات، ولا النظام استطاع القضاء على الثورة، وأتوقع أن دي مستورا لا يروج لروسيا بقدر ما يروج لحل ترضى عنه أمريكا بالدرجة الأولى، ومصالح الغرب، ومصالح إسرائيل أولاً وأخيراً، ومصالح هؤلاء ومعهم الدول الإقليمية الأُخرى، التي تقف على فوهة بركان، وليس في واردهم الشعب السوري، ولا تطلعاته بالحرية والكرامة".
وأوضح الدعيس أن الأطراف الدولية المؤثرة " تسعى إلى بقاء النظام، ولأجل ذلك يجب أن يتمسك المفاوضون من المعارضة بثوابت قرارات جنيف التي تؤكد على رحيل الأسد أولاً وأخيراً، وأن لا يأخذوا تصريحات دي ميستورا هذه بشكل جدي، فهو يريد أن يضفي شرعية ما على مقررات الروس والقوى الإقليمية الأُخرى".