بلدي نيوز – (منى علي)
أخذ الدستور الذي اقترحته روسيا على السوريين حيزا واسعا من اهتمامات وسائل الإعلام واكتسح وسائل التواصل الاجتماعي، من حيث إنه خطوة جدية قامت بها روسيا ضمن سلسلة الخطوات المدروسة التي تنتهجها للوصول إلى حل سياسي على طريقتها في سوريا.
ومن خلال مسح شامل لما تداوله الناشطون ووسائل الإعلام بخصوص الدستور الروسي لسوريا، تبرز نقطتان حساستان حظيتا بمعظم الاهتمام، وهما ما يتعلق بالدين والعرق، فتم التركيز على "علمانية" الدولة السورية، وهو ما رفضته فصائل المعارضة في "أستانا" مع اعترافها بتنوع المجتمع السوري وتعدد أديانه وطوائفه، والنقطة الثانية تتعلق بالهوية القومية للدولة، حيث حذف الدستور المقترح الهوية العربية من اسم الدولة، لتصبح "الجمهورية السورية".
وبين مدافع عن الاسم المقترح ومندد به، ولكلٍّ حججه ومبرراته، غاب التساؤل السياسي الأبرز عن مصير "حزب البعث العربي الاشتراكي" الذي باسمه حكم آل الأسد سوريا قرابة نصف قرن، وباسمه أيضاً تم تسويق "سوريا الأسد" على أنها "قلب العروبة النابض"، وباسمه كذلك افتتحت عصابة الأسد فروعا "قومية" لها في أرجاء الوطن العربي، كانوا إبان الثورة السورية عوناً لها فضايقوا السوريين في المغتربات وأثروا في توجهات بلادهم السياسية والإعلامية، كما انخرط بعضهم في قتال السوريين بحجة الدفاع عن "القومية العربية التي هي مستهدفة بالمؤامرة"، فأين هم اليوم من دستور فرضه "حليفهم" الأقوى يجتث أسّ حزبهم ويقتلعه من جذوره ويفقده بالكامل أسس وجوده!..
الإعلامي السوري الشهير فيصل القاسم، تناول قضية "عروبة سوريا" في الدستور الروسي بعدة تغريدات على توتير، قال في إحداها: "الدستور الروسي الجديد لسوريا يذكرنا بدساتير بريمر للعراق. بريمر ألغى عروبة العراق وبوتين يلغي عروبة سوريا والمستهدف الهوية العربية في المنطقة".
وقال في تغريدة أخرى: "لا أعتقد أن روسيا هي من حذف كلمة "العربية" من اسم الجمهورية العربية السورية في مشروع الدستور السوري الجديد، بل إيران"، لافتاً إلى العداء القومي الذي تكنّه إيران للعرب.
وفيما يخص "القومجيين" أنصار سوريا الأسد، كتب في تغريدة أخرى باللهجة العامية وعلى طريقته الساخرة: "أول خازوق روسي للقومجية العرب بتوع المماتعة والمقاولة حذف كلمة "العربية" من اسم الجمهورية العربية السورية في الدستور الجديد. والخير لقدام".
وإلى نفس الفئة "القومجية" أشار الكاتب الصحفي السوري محمد منصور، إذ كتب في منشور له تعقيباً على اقتراح حذف العربية من اسم الدولة: "محور الممانعة والقومجية خرسوا أمام مقترح الدستور الروسي لسورية الذي يشطب صفة (العربية) من اسمها الرسمي.. فهم كلاب الطغاة وليسوا حراس العروبة!"
ومن مجمل التعليقات وغيرها مما ورد في كتابات المثقفين والسياسيين السوريين، نجد أن الأكثرية ذهبت للدفاع عن الهوية العربية للدولة، كما ذهب عدد غير قليل لتبني الاسم والقول بأنه اسم سوريا الأول قبل حكم القوميين، إلا أنهم جميعا تقريبا، أجمعوا على أن الصفعة كانت للذين حكموا وقتلوا ونهبوا واستبدوا باسم الهوية العربية، وهم وفق الدستور المقترح لن يجدوا لهم ولأحزابهم مكاناً لا في الحكم ولا حتى في الحياة السياسية التي لا تعترف بهم.
الجدير بالذكر والملاحظة والدهشة، أن سوريا الأسد "قلب العروبة النابض" رئيساً وبعثاً وأبواقا محليين ومستوردين، لم ينبسوا ببنت شفة رداً على اقتراح سيدهم بوتين بإلغائهم!!