بلدي نيوز – (منى علي)
بعد عجز المجتمع الدولي أو إعراضه عن تقديم أي مساعدة فعالة تنقذ الشعب السوري من جحيم الدكتاتور الأسد إبان الثورة الشعبية السلمية، ومن ثم عن إنصافه والتدخل لمصلحته بعد تدخل دولتين محتلتين (روسيا وإيران) وعشرات الميلشيات الأجنبية الطائفية، لم يكتفِ المجتمع الدولي ومؤسسته الجامعة (الأمم المتحدة) بالوقوف متفرجاً، بل صار راعياً رسمياً لفعل مصنف من قبله على أنه "جريمة حرب" و"جريمة ضد الإنسانية"!.
فمشروع القرار الذي يناقشه مجلس الأمن الدولي اليوم الأحد، والذي يدعو إلى ضمان أن تكون الأمم المتحدة قادرة على عمليات الإجلاء من شرقي حلب، بإعادة نشر الموظفين الأمميين العاملين في المجال الإنساني، بهدف مراقبة ورصد عمليات الإجلاء، ما هو في حقيقته إلا رعاية كاملة لما تعتبره المنظمة الدولية جريمة حرب، ومع ذلك ستعترض موسكو على مشروع القرار كما قال سفيرها في الأمم المتحدة، لأنه يسعى لتأمين الحماية لمن لا يريد الخروج قسرياً من حلب.
فـ"التهجير القسري" للسوريين الذي يقر به العالم وتعترف به الأمم المتحدة، دون أن تمنع حدوثه "يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وفق قاموس القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتعتبر المواد (6)، (7)، (8) من نظام روما الأساسي، التهجير القسري جريمة حرب"، وفق المحامي صلاح شامية المتخصص في القانون الجنائي الدولي.
الذي يستطرد موضحاً في حديث خاص لبلدي نيوز: "جميع الاتفاقيات الدولية حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراضٍ أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة."
وهو ما يرى المحامي "شامية" أن النظام يمكن أن يتذرع به: "أخشى أن النظام سيتمسك بذلك وأن هذا التهجير وقع لمصلحة الأشخاص المقيمين في مناطق النزاع".
ومع مراقبة العالم أجمع لما يحدث وسكوته عنه أو عجزه عن تغييره، يرى "شامية" أن الحل ممكن في غير مجلس الأمن، يقول: "أتمنى أن يكون هناك تحرك دولي خارج مجلس الأمن لأنه معطل بفعل الفيتو الروسي والصيني"، وهو بالفعل ما تجنح إليه دول كثيرة لحل معضلة "الفيتو" الروسي، حيث طالبت تركيا وقطر والسعودية مؤخراً بإحالة القضية السورية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتحريك المسار الراكد ومحاولة القفز على "الفيتو" الروسي المعطل.
صحف غربية كثيرة هاجمت حكوماتها بخصوص مأساة العصر في حلب، وشبه تقرير لقناة الجزيرة تجول الطائفي الإيراني "قاسم سليماني" في حلب بعد استباحتها، بجولة "أرئيل شارون" في بيروت إبان استباحتها من إسرائيل في العام 1982، بينما قالت "الأوبزرفر" إن الرابح الحقيقي في معركة حلب هم الإيرانيون وليس الروس، فهم الذين يسعون إلى "هلال شيعي" وإلى منفذ على البحر المتوسط لا يمكن الوصول إليه بغير السيطرة على الموصل وحلب.
"وواقع الحال يؤكد أن التغيير الديموغرافي في سوريا يحصل على مرأى ومسمع العالم، وأن ما يحصل للشعب السوري لم يحصل لأي شعب في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، فلسطين وما حصل فيها يبقى صغيراً أمام ما يحدث في سوريا"، يقول "صلاح شامية".
إلا أن شيئاً ما يمكن فعله، ومن قبل السوريين أنفسهم، الذين حملوا كل الأعباء وقدموا كل التضحيات وحدهم، فمن الشعارات والوعود التي تركها الحلبيون "أمانة" على حيطان مدينتهم، إلى المظاهرات الشعبية العارمة التي تتصاعد في كل المناطق المحررة منادية برص الصفوف وتصويب المسار والتمسك بخيار الثورة، ثمة أمل كبير ببعث الثورة السورية الثانية، والثورات التي تجدد نفسها، محكومة بالأمل وابتكار أسبابه وأدواته.