بلدي نيوز – (شحود جدوع)
تعد مدينة اللطامنة بريف حماة الشمالي، من أقدم المناطق التي سكنها البشر في الشرق الأوسط، فهي عبارة عن موقع أثري اكتُشفت فيه لقى ووسائل بدائية تعود إلى العصر البالوتيكي، حيث كان إنسان تلك العصور صاحب حضارة شغلت الكثير من الدارسين.
وكما تبين للباحثين أن الإنسان الذي سكن المنطقة، استخدم الأبنية وهجر الكهوف، واستعمل النار والفؤوس الحجرية والمكاشط الصوانية، والأواني الفخارية.
وتعود اللقى الأثرية بحسب البعثات الدراسية إلى عدة عصور، مروراً بالعديد من العصور والحقب كالحجري، والآشوري والآرامي والأوسط والجديد وحتى العصور المتقدمة.
وتؤكد أغلب الدراسات إلى أن تسمية "اللطامنة" جاءت من كلمتي ( اللطى والأمن ) حيث اشتهرت المدينة بكثرة الكهوف، وعمق الوديان التي كانت تشكل منطقة محمية من الوحوش وأخطار الغزوات.
وفي القرون الماضية سكن مدينة اللطامنة أغلبية تمتهن الزراعة، مع اختلاف وتمايز في توزيع الممتلكات الزراعية، فظهرت فيها طبقات إقطاعية، وأخرى ذات أملاك زراعية صغيرة، لكنها حافظت على نسيجها الريفي البسيط الذي عانى ما عاناه الشعب السوري في فترة حكم البعث عبر الأسدين الابن والأب .
ومع انطلاق الحراك السلمي مطلع عام ٢٠١١ كانت مدينة اللطامنة من أولى مدن الريف الحموي التي انتفضت ضد نظام الأسد، حيث شهدت المدينة عشرات المظاهرات الحاشدة المناوئة لنظام الأسد الذي ارتكب فيها أبشع المجازر الانتقامية، فخلال يومي السابع والثامن من نيسان عام ٢٠١٢ اقتحم شبيحة الأسد المدينة، وقتلوا ما يزيد عن مئة من المدنيين.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، لا يزال الأسد وطيرانه وحلفائه يصبون جام حقدهم وإجرامهم على المدينة التي لم يسيطروا عليها إلا ليومين، فأصبحت مدينة أشباح مدمرة لم يسلم فيها البشر ولا الحجر فاقدةً لما وسمت به اسماً لها من (اللطى والأمن) .
(فياض الصطوف)، أحد نشطاء مدينة اللطامنة قال لبلدي نيوز: "منذ ما يقارب الأربعة أعوام لا تكاد تغيب شمس يوم، إلا وتتعرض فيه المدينة لقصف مدفعي وجوي، حيث أحصينا بدقة عدد الغارات التي تلقتها أحياء المدينة، فلقد شن طيران النظام الحربي 2426 غارة جوية وألقى 2670 اسطوانة وبرميلاً متفجرا، بينها تسعة غارات كانت فيها الاسطوانات مزودة بغاز الكلور".
وأضاف (الصطوف): "عدد شهداء المدينة فاق الـ 574شهيداً، ونسبة الدمار بلغت الستين بالمئة على أدنى تقدير، الأمر الذي جعل من معظم سكان المدينة البالغ تعدادهم العشرون ألفاً ينزحون خارج المدينة"، مشيراً إلى أن من بقي فيها لا يتجاوزون الألفي نسمة ممن لم يستطيع تحمل الأعباء المادية للنزوح، ومن لا يملك سبيلاً للمعيشة سوى أرضه التي يتشبث فيها ويزرعها رغم الأخطار اليومية.
ويسيطر على مدينة اللطامنة الواقعة شمال مدينة حماة، فصيل موحد تابع للجيش الحر هو (جيش العزة)، بقيادة ابن مدينة اللطامنة، الرائد المنشق جميل الصالح ، والذي جمع معظم حملة السلاح من الثوار والعسكريين المنشقين في مدينته تحت راية واحدة، في نموذج فريد قلَّ مثيله في معظم الأراضي السورية المحررة.