بلدي نيوز – (خاص)
مرت أمس ذكرى المولد النبوي الشريف، والذي يشكل حالة خاصة في الوجدان الجمعي السوري، كما في معظم البلدان الإسلامية، إلا أن الحرب الشرسة التي يشنها نظام الأسد وحلفاؤه على الشعب الثائر، وكذلك سيطرة بعض الذين يروا في الظاهرة أنها "بدعة"، على مفاصل القرار في بعض المناطق المحررة، جعل هذه الظاهرة تكاد تتلاشى وتنعدم.
وما من صغير أو كبير في المجتمع السوري إلا ويذكر كيف كان يكتسي سوق الحميدية الشهير بدمشق ثوبا خاصا في هذه المناسبة، كما أن كل محافظة ومدينة وقرية كان لها نصيب من الفرح والخصوصية في هذا اليوم.
أبو عمر، أحد أصحاب المعامل في ريف درعا والتي توقفت عن العمل بسبب قصف النظام وممارساته الهمجية قال لبلدي نيوز: "اعتدنا منذ الصغر على الاحتفال كل سنة بعيد المولد النبوي الشريف، فقد كنا نقيم الاحتفال في المعمل الذي يديره أبي ومن ثم أنا بعد وفاته، فكنا في أغلب السنوات نحتفل بهذه المناسبة التي تمر علينا بكل فرح وسعادة قبل أن ينغص إجرام النظام هذه الفرحة علينا".
ويوضح أبو عمر: "النظام لم يمنع تلك الاحتفالات بشكل مباشر، ولكن كانت لتصرفاته أثر كبير في غياب أجواء الاحتفال بهذا اليوم، فمن فقدان الأحبة وتفرقهم بين شهيد ومهاجر ومعتقل، إلى قتل الفرحة في قلوب السوريين، ولم يبق من احتفال بهذا اليوم سوى اسمه، ولا ننسى طبعا التغيرات في تفكير الناس وما اعتادوا عليه خلال سنوات الثورة والتي أثرت بشكل كبير على تعامل الناس مع هذه الاحتفالات وغيرها".
أما الرأي الأهم فهو للمؤسسات والمراجع الدينية التي أجاز بعضها الاحتفال وبعضها أنكره.
وفي هذا الصدد، قال الشيخ "باشق البحبوح"، العامل في إحدى المؤسسات الدعوية في ريف حماة: "إن تاريخ ولادة النبي عليه الصلاة والسلام صار من أهم عوامل تنافر الناس من بعضهم والأخطر من ذلك أن يصل الأمر إلى تكفير من يحتفل بميلاد النبي عليه الصلاة والسلام أو رميه بالبدعة، والطرف الآخر ينظر للطرف الأول على أنه إنسان قاسي القلب مبغضا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم".
ويضيف البحبوح: "لا ينكر مسلم سوري كيف كانت المساجد قبل الثورة تعج بالموالد في شهر ربيع الأول وتسمع الناس شيئا من شمائل النبي (ص)، ويتعلمون سنة من سننه الطاهرة، ولكن هذه الظاهرة قد تلاشت اليوم، حتى أصبح الكثير لا يعرف متى ولد النبي صلى الله عليه وسلم ومتى تاريخ ميلاده".
ورأى "البحبوح" أن هناك عدة أسباب لغياب طقوس الاحتفاء بمولد النبي محمد (ص) أبرزها الخوف من التجمع في مكان واحد خشية من قصف النظام لهم، إضافة خوف الناس من فكرة البدعة في قيام الاحتفال بهذه المناسبة.
ووجه "البحبوح" نداء قال فيه: "عندما جاء النبي صلى الله عليه وسلم انتهت أكبر المشاكل التي كانت بين الناس، وتآخى الأوس والخزرج بعد عداء طويل دام لفترات طويلة في الجاهلية، فكيف تدعون أنكم من أتباع النبي عليه الصلاة والسلام و بينكم ما بينكم من الخلاف والتنافر، وكيف جعلتم من ذكرى ولادته سبباً لهدم الأخوّة فيما بينكم؟".