بلدي نيوز – (نور مارتيني)
تظهر التطورات الأخيرة في المشهد، على شواطئ البحر المتوسط، أن شتاء ساخناً ينتظر المنطقة، خاصة بعد فشل الانقلاب العسكري على الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، وما تبعه من تقارب روسي- تركي.
في آخر التطورات، نشرت صحيفة سبوتنيك الروسية صوراً لبوارج حربية روسية ضخمة ونووية، وقالت بأن هذه البوارج جاهزة ومستعدة لشن ضربات عسكرية قاتلة ضد تنظيم "الدولة"، كما تحدّثت وسائل الإعلام الموالية للنظام، عن مشاركة هذه البوارج في ما أسمته "عملية تحرير حلب"، بحسب المصادر الموالية للنظام.
تأتي هذه التطورات بعد قرابة الشهر من إعلان روسيا عن نشر منظومة صواريخ إس 300، وهو ما أثار حفيظة الدول الغربية، تجاه هذا الإجراء، الذي اعتبرته استفزازاً مباشراً لها.
هذه التطورات، رافقها تصعيد من قبل حلف شمال الأطلسي "الناتو"، الذي أعلن عن تحضيراته لنشر قوات برية ضخمة قادرة على ردع أي عدوان روسي.
حيث قالت التسريبات الإعلامية إن مئات الآلاف من جنود الحلف سيتم وضعهم في حالة تأهب قصوى في مواجهة الاستفزازات الروسية، موضحة أن الهدف الذي يرمي إليه الحلف هو تجهيز 300 ألف جندي ليكونوا على أهبة الاستعداد للانتشار خلال شهرين فقط. سيما وأنها حاليا تستغرق قوة بهذا الحجم أكثر من 6 أشهر لكي تكون جاهزة للانتشار.
هذه التطورات، تؤكد أن ثمة تطورات ستشهدها شواطئ البحر الأبيض المتوسط، خاصة بعد أن أطلقت تركيا، إحدى الدول الأعضاء في حلف الناتو، معارك عدة انطلاقاً من أراضيها، ترمي إلى طرد تنظيم "الدولة" من المناطق المحاذية لحدودها، كان آخرها الاتفاق على تحرير مدينة الرقة، عاصمة التنظيم، بالتعاون مع القوات الأمريكية.
وهنا يبرز تساؤل مهم حول دور "تركيا"، في خضم هذه الأحداث، سيما بعد التقارب التركي-الروسي الأخير، والذي فتح الطريق أمام البوارج الروسية لترسو على شواطئ المتوسط، وكيف ستتمكن من التوفيق بين موقعها كإحدى الدول الأعضاء في الناتو، وبين مستقبل تقاربها مع روسيا.
حول رؤيته للمشهد، يقول الصحفي السوري "هشام منور": "تحاول روسيا في الآونة الأخيرة، ولا سيما بعد رفض عضويتها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لملمة ما تبقى من هيبتها على المستوى الدولي، وتنفيس الاحتقان القائم ضد ممارساتها في العالم ولا سيما في سوريا وأوكرانيا، عبر محاولة إيهام العالم أنها تقوم بدور نزيه ووسيط في المسألتين السورية والأوكرانية".
وفي السياق ذاته، يوضح "منور" أن "واقع الحال، يقول إنها لا تعدو محاولة لخداع المجتمع الدولي، واستيعاب غضبه المتنامي عليها"، لافتا ًإلى أن "الاحتقان بين روسيا وحلف الناتو بلغ مداه في الآونة الأخيرة، مع قيام روسيا والناتو معا، بنشر المزيد من القوات البرية ومنظومات الصواريخ في شرق أوروبا وتحديداً بولندا، وكذلك في دول بحر البلطيق الثلاثة".
ويرى "هشام منور" أنه في هذه المناطق "يتزايد الخوف الأوروبي من محاولات تنامي النفوذ الروسي هناك، وتمدد الآلة العسكرية الروسية في منطقة معروفة بحساسيتها تجاه هذا النفوذ"، كما يوضح الصحفي السوري "هشام منور" أنه من وجهة نظره الشخصية، فإن "الصدام بين الجانبين قادم لا محالة بعد انتهاء الملفين الأكثر سخونة وهما أوكرانيا وسوريا".
يمكن التكهن بأن التسهيلات التي منحت لروسيا من أجل جلب أسطولها، وأهم قطعها البحرية، لا يعدو كونه فخاً لكسر شوكتها، وأنها ابتلعت الطعم الذي سيحطم أحلام بوتين القيصرية، سواء أكان على شواطئ المتوسط، أو في شرق أوروبا، وتحطيم كل أمل لها في إعادة بناء حلف "وارسو".
سوريا لن تكون بمنأى عن هذه التجاذبات الدولية والإقليمية، بل ستكون اللاعب الرئيسي الذي يتحكم بمسارها، وما إذا كانت روسيا ستبقى في شواطئ المتوسط، أو أنها ستخسر أسطولها فيها، خاصة وأن روسيا -فيما يبدو- قد بدأت تنحني لعاصفة الناتو، وأول المؤشرات هو إعلانها عن وقف إرسال المزيد من الأسلحة للنظام السوري، معتبرة أن ما أرسل من سلاح للنظام كان كافياً.