بلدي نيوز – دمشق (حسام محمد)
طوت حكومتا نظام الأسد السابقة والحالية ملف فساد طبي تجاوزت قيمته 800 مليون ليرة سورية، تورط فيه عدد من مسؤولي الأسد الحكوميين وشخصيات نافذة، رغم صدور قرار لجنة التفتيش التي شكلتها حكومة "وائل الحلقي" السابقة، والتي أحيل على أساسها معاون وزير الصحة وعدد من المدراء والشخصيات النافذة إلى القضاء.
ملف الفساد الطبي الذي أخفت حكومتا الأسد حقائقه وأبطلتا نتائج التحقيق لأسباب غير معروفة، تسبب بإتلاف أكثر من مائتي ألف جرعة لقاح للأطفال في العشرين من شهر نيسان/أبريل من العام الحالي في مستودعات وزارة الصحة التابعة للأسد، بالإضافة إلى أدوية أخرى، جراء إهمال عملية التخزين والتبريد.
نائب أطباء الأسنان في نقابة النظام "صفوان قربي" أشار عبر صحيفة "الوطن" شبه الرسمية في 27 أكتوبر المنصرم، إلى وقوف رئيس وزراء الأسد السابق، الدكتور "وائل الحلقي" وراء قرار إلغاء نتائج لجنة التفتيش، رغم صدور قرار الحجز الاحتياطي على أملاك الشبكة المتورطة في ملف الفساد، لتستبدل نتائج التحقيق بأوامر بإلغاء نتائجها وإعادة التحقيق.
ولفت "قربي"، وهو أيضاً بمنصب "رئيس الخدمات في مجلس شعب الأسد"، إلى "موضة ترخيص مستودعات الأدوية بشكل غير مسوّغ وإلى نقص في الشروط أثناء الترخيص كاشفاً أن هناك أضابير تراخيص دواء تنام في الأدراج وأخرى تسير مثل الصاروخ في إنجازها".
الموظف المتقاعد من إدارة صحة دمشق التابعة للنظام "عمر أبو حسن" تحدث بدوره عن ضلوع كل من معاون وزير صحة الأسد، الدكتورة "هدى السيد" لشؤون الصيدلة والدواء في ملف الفساد الطبي، بالإضافة إلى مدراء عدة مديريات في صحة دمشق وريفها ومنهم "شبلي الخوري، رياض اليوسف، مي عودة" وغيرهم، وكذلك ثلاثة أمناء عن المستودعات الطبية في وزارة الصحة.
أبو الحسن، قال لـ "بلدي نيوز" خلال اتصال معه: "سبب طي ملف الفساد من قبل الحلقي هو المحسوبيات والرشاوى والعلاقات الشخصية للمسؤولين مع الأفرع الأمنية، والتي تعد توصياتها القانون الطبيعي الذي تسير وفقه دوائر النظام السوري، أما القانون المؤسساتي لا يُطبق سوى على من لا سند أمنياً لهم".
وكشف الموظف المتقاعد والمطلع على الحادثة، عن تدخل المخابرات الجوية في ملف الفساد ومطالبة رئيس الوزراء آنذاك "وائل الحلقي" بطي الملف، وإعادة التحقيق، وإزالة قرار حجز أملاك معاون الوزير واثنين آخرين من المدراء من قائمة التحويل إلى السلك القضائي، وعزل بقية المتورطين عن العمل، دون محاسبتهم.
وأشار المصدر إلى أن المخابرات الجوية في دمشق أمرت أيضاً رئيس الحكومة الجديد "عماد خميس" بعدم فتح ملف الفساد من جديد، والاكتفاء بتحويل اللقاح الفاسد وبقية الأدوية إلى لجنة إتلاف.
أبو الحسن، نوه إلى وجود عدة قضايا منذ مطلع عام 2016 الحالي بحق معاون وزير الصحة "هدى السيد" تتعلق بعقدها لصفقات طبية مشبوهة ومخالفة للشروط الطبية، من شراء لقاحات منتهية الصلاحية، وأخرى على وشك الانتهاء، وكذلك تسويق منتجات طبية لشركات خاصة على شركات أخرى بعد حصولها على مغريات مادية، منوهاً بأن معاون وزير الصحة بقيت رغم القضايا المرفوعة بحقها على رأس عملها.
تجار موالون يدخلون السوق الطبية
الموظف المتقاعد "أبو الحسن" أشار إلى أن فترة الأشهر الأخيرة قبل تقاعده من العمل في الشهر السادس من العام الحالي، شهدت سيطرة شبه كاملة لتجار دمشقيين وحلبيين وغيرهم على سوق الإنتاج الطبي ضمن أركان النظام السوري، وعلى رأسهم "رامي مخلوف"، وكذلك بعض التجار الموالون له.
واستطرد المصدر: "التلاعب بالمواصفات الطبية والمكونات الأساسية هي السمة الجامعة بين كافة المصانع الدوائية المستحدثة لأسباب ربحية لا طبية"، مؤكداً أن نسبة كبيرة من الأدوية المحلية المتوفرة في السوق غير مستوفية لشروط الإنتاج، وأن الرقابة والتفتيش في نظام الأسد حول الإنتاج مفقودة بشكل شبه كامل، على حد وصفه.