بلدي نيوز – (نور مارتيني)
في كل مناسبة، تظهر مبادرات جديدة لإيجاد مخرج من الثقب الأسود في سوريا، والذي يتفاقم بشكلّ مطّرد ليبتلع مناطق جديدة في المنطقة، هذا الثقب الذي كلما اتسع، ظهرت على السطح قضايا جديدة كانت دفينة في قاع المجتمع السوري.
تحاول الدول الإقليمية كلها، أن تسدّد هدفاً يضاف إلى رصيدها في المجتمع الدولي، وتقطع الطريق على من هم سواها، لأن من يملك مفاتيح الحل في سوريا، سيكون قادراً على حلحلة الكثير من القضايا العالقة في الشرق الأوسط، ومن بينها استثمار احتياطي الغاز في المنطقة، فضلاً عن الملفات الساخنة المرتبطة بالجغرافيا، والديموغرافيا وغيرها.
ويبدو أن "قطر"، قررت أن تعلّم المجتمع الدولي أنه في الملفات الساخنة، ما من "فرصة أخيرة"، وأنه ثمة جديد يمكن أن يطرح لحل هذه القضايا، وليس بالضرورة أن يكون "الفودكا" و"البيتزا" هما عرّابا الحالة.
من هنا انطلقت "قطر" في اقتراحها لتطبيق "خطة أتشيسون" لإنقاذ الموقف في سوريا، خاصة في ظل "الفيتو الروسي" المشهر في وجه أي حل يتجاوز روسيا، ولا يلبّي مصالحها.
ويمكن اعتبار هذه الخطة على أنها ثغرة يمكن من خلالها للجمعية العامة للمنظمة الدولية تجاوز مجلس الأمن، في حال عجز المجلس عن التصرف حيال قضية ما، بسبب لجوء أحد أعضائه الدائمين لاستخدام حق النقض (الفيتو) لإفشال أي توافق بين أعضاء المجلس بشأن قضية يكون فيها تهديد واضح للسلام والأمن، أو في حالة وقوع عمل من أعمال العدوان.
يرى الحقوقي، والعضو في المركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والقانون الدولي في النرويج "صلاح شامية" أن "التحرك خارج مجلس الأمن لوقف شلال الدم من خلال الجمعية العمومية صار ضرورياً، وعلى الدول الأعضاء أن تقف وجها لوجه مع استحقاقاتها في الدفاع عن قانون حقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وأمام التعنت الروسي وتمسكه في استخدام حق الفيتو بصفته من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، فإن مزيداً من الدماء السورية سوف تهرق على عتبة العالم المتمدن، وأمام نظره، ويعد قرار الاتحاد من أجل السلام، أصل الخطة".
ويوضح "شامية" أن "قرار "الاتحاد من أجل السلام" أو قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 377 إيه، أو ما يعرف بـ "خطة آتشيسون" يعود إلى العام 1950، والتي كان عرابها دين آتشيسون، الذي قام ببناء السياسة الخارجية الأمريكية زمن الحرب الباردة، عقب انتهاء الحرب الباردة في ثلاث مواضع من العالم: مصر وهنغاريا وفلسطين".
ويلفت الحقوقي "صلاح شامية" إلى أنه "إذا كان العالم قد فشل في راوندا والبوسنة أمام المجازر التي حدثت، فإننا نتمنى أن يقف وجها لوجه مع تلك الانتهاكات التي تحدث في سوريا، وأعتقد أن جميع الظروف صارت مواتية للإطاحة بجميع المجرمين في سوريا، سيما وأن السوريين لم يعودوا قادرين على تحمل المزيد".
ويختم "صلاح شامية" العضو في المركز العربي الأوربي لحقوق الانسان والقانون الدولي في النرويج، بالقول: "نتمنى للمبادرة القطرية أن تلقى قبولاً وتأييداً من القوى الأوربية الفاعلة، ولاسيما أصدقاء سوريا، وعلى رأسهم فرنسا وبريطانيا، على أمل أن يطال العقاب كل من اقترف جرماً بحق الشعب السوري الذي حولوه إلى كبش محرقة".
الاتفاق الروسي- الأمريكي، الخطة "ب"، وأخيراً "خطة اتشيسون"، كلها محاولات لإنقاذ المركب السوري من الغرق، وفق ما هو معلن للرأي العام، إلا إنها في باطنها تشكل صراعاً على النفوذ في المنطقة، وبالطبع تبقى "تركيا" هي بيضة القبان التي لايمكن أن تمرّ أي مبادرة إلا من بوابتها، ويبدو أن خطة "اتشيسون" تتم دراستها بشكل جدّي من قبل الجانب التركي، خاصة مع زيارة أمير قطر اليوم.
تجدر الإشارة إلى أن خطة "اتشيسون" سبق واستخدمت 3 مرات تاريخياً، هي العدوان الثلاثي على مصر 1956، وضد تدخل حلف "وارسو" العسكري السوفييتي في هنغاريا 1958، وخلال طلب الرأي الاستشاري من محكمة العدل الدولية بالاعتماد على القانون، بخصوص الجدار العنصري الفاصل في فلسطين المحتلة عام 2003.