لماذا قصفت روسيا القافلة.. ولماذا يكذب بوتين؟ - It's Over 9000!

لماذا قصفت روسيا القافلة.. ولماذا يكذب بوتين؟

ناشونال رفيو- (ترجمة بلدي نيوز)
قصفت القوات الروسية قافلة إنسانية في سوريا، يوم الاثنين الماضي، مدمرة 18 شاحنة مساعدات ومودية بحياة 20 مدنياً، ولكن لكي نفهم لماذا قام الروس بفعل ذلك، يجب علينا أولاً البحث عن "بوتين" في موقع اليوتيوب، وسنلاحظ اثنين من المبادئ المركزية لشخصية بوتين: أولاً، منطقه الصعب ذو الحدين في الفكاهة، وثانياً شخصيته بتصوير نفسه بشكل متفاوت، فبوتين يريد من البعض أن ينظروا إليه باعتباره رئيساً واقعياً صعب المراس، ويريد من آخرين أن يروه كمن يخدم عامة الشعب، والأهم من ذلك، أنه يريد من خصومه أن يعتقدوا بأنه هو الزعيم الذي لا يمكن له أبداً أن يتراجع أو يرتدع عن أهدافه، إن زراعة صورته تلك هو السبب بالضبط لقصف بوتين لهذه القافلة، إن الروس ينكرون أن طائراتهم كانت تعمل فوق حلب أثناء تلك الهجمة، ولكنهم يعلمون أن الحكومة الأمريكية علمت بسرعة أنهم كانوا المسؤولين.

فبعد كل شيء، في كل مرة يقوم فيها الروس أو النظام السوري بشن غاراته فإن الرادارات والاستخبارات الأمريكية تقوم بعناية بمراقبتهم، محذّرة القوات الأمريكية من أي هجوم جوي روسي أو سوري متعمد، كما تقدّم تلك المراقبة أيضاً معلومات قيّمة حول المكان الذي يتركّز فيه الاهتمام العسكري الروسي، وبغض النظر عن ذلك، فإن بوتين يعلم جيّداً قيام الولايات المتحدة بتوظيف هذه القدرات، وأنها تركّز على التغطية الجوية الروسية المكثفة على حلب، مما يؤدي إلى النقطة رئيسية وهي أن: بوتين لا يهتم مطلقاً إذا ما تمّ اكتشاف استراتيجيته، على العكس من ذلك، إذ أن استراتيجيته تُخدمُ في الواقع من خلال تقديمه كشخص لا يخشى ولا يرتدع، كما سبق أن أشرتُ في NRO عند بدء وقف إطلاق النار في الأسبوع الماضي، وكما هو الحال مع الطفل الصغير في حلب، وآلاف الضحايا الأبرياء لهجمات الكلور، والتجويع، والحصار، والبراميل المتفجرة، إنها الوسائل التي يمكن لروسيا بها الضغط على الغرب لإنتاج وقبول الأسد كحاكم دائم لسوريا، مقتبساً القول المأثور لـ"ماو" بأن السلطة السياسية تنمو من فوّهة البندقية"، لذلك يستخدم بوتين المجازر ضد المدنيين في سوريا في تعزيز نفوذه الدبلوماسي، وذلك ينجح، إن بوتين ليس لديه أي مصلحة استراتيجية في المساعدة على تحسين وضع المدنيين في سوريا، ولذلك لن يلتزم بأي صفقة أو هدنة، بسبب أنه وفي نهاية المطاف لا يريد لها أن تدوم.

وفي تدمير القافلة الإنسانية، قام بوتين ببساطة بتعزيز رسالته القائمة منذ فترة طويلة للغرب والتي قام بتقديمها بطرق عديدة، إن قافلة المساعدات ليست خارج الحدود، وبوتين يقول لأوباما بما يعني بأنه ينبغي له توقع ما هو أسوأ في المستقبل، وبعبارة أخرى، ما لم تقبل الولايات المتحدة بالإبقاء على بشار الأسد في السلطة، فسيستمرّ بوتين في حرق سوريا، و كذلك الأسد -الغير القابل للردع على الإطلاق بسبب الضعف المثير للشفقة لقوة الردع الأميركية- والذي سيستمر في استراتيجيته القائمة على الذبح منذ فترة طويلة.
و قد تشير روسيا بشكل ما أو بآخر إلى أن هذا الهجوم هو انتقام من القصف الأمريكي العرضي للجنود السوريين، ولكنها لم تفعل ذلك، وبدلاً منه أظهرت الأمر بأنه كان فقط تطبيق بوتين: المتعمد والوحشي للقوة في خدمة استراتيجيته طويلة الأجل.

وبطبيعة الحال، فإن هذا يثير سؤالاً آخر: إذا ما كانت تلك الضربة تخدم مصالح بوتين، فلماذا إذاً تنفي روسيا تورطها بالأمر؟ الجواب بسيط: بوتين يعلم بأن أوباما يعلم، وهذا هو كل ما يهمه، وللمحافظة على التظاهر بالمصداقية الأخلاقية، فإن روسيا تقوم بتوظيف استراتيجيّتها المألوفة في التضليل لإنكار ضلوعها ومسؤوليتها بتلك الغارة.

و هذا الإنكار سيقوم بتبريد أو صرف بعض الغضب العام العالمي ضده، ولكن بوتين يتوقع أيضاً أن هنالك تطورّين سيتبعان الآن، أولاً أن الولايات المتحدة لن تقوم بتقديم أي أدلة حول إدانة روسيا في قصفها للقافلة ثانياً، ستواصل الولايات المتحدة رقصها للفالس الدبلوماسي مع روسيا، من خلال إرسالها لجون كيري في جولة أخرى من المفاوضات غير المجدية.

ما ينبغي حقاً على الولايات المتحدة هو تحدّي توقّعات بوتين في كلا الحالتين، يجب على الولايات المتحدة استخدام مجلس الأمن الدولي لمواجهة الروس بدليل قاطع على إدانتهم، وينبغي على الولايات المتحدة أيضاً تعليق جميع المناقشات على المستوى الوزاري مع روسيا حول مستقبل سوريا، وبدلاً من ذلك، يجب عليها تصعيد دعمها للفصائل الثورية المعتدلة، وبالنسبة لبعض الفصائل، وأن يشمل هذا الدعم على توفير أنظمة صواريخ أرض-جو المحمولة على الكتف.

إن الأسباب الحقيقية وراء هذا العدوان الروسي الأخير ليست معقّدة، في النهاية هي مجرد ناتج آخر لخمول السياسة الخارجية للرئيس أوباما، كما هو الحال في دول البلطيق، فلا يزال بوتين ممسكاً بمقاليد الأمور، وهكذا فإن ثقة الأسد- ووقود نظامه لا يزال يمنحه إياه تنظيم "الدولة"- والذي أصبح ينمو بشكل أقوى أكثر من أي وقت مضى، في حين أن مصداقية الولايات المتحدة - الأخلاقية والاستراتيجية - أصبحت تزداد ضعفاً أكثر من أي وقت مضى.

- توم روغان الكاتب في -ناشونال ريفيو أونلاين- و -أبورتونيتي لايفز- وهو العضو السابق في مجموعة ماك لافلين، والزميل البارز في معهد ستيمبوت.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//