إيران تعيد هيكلة أذرعها في المنطقة وتوجه رسالة حاسمة لـ"بشار الأسد" - It's Over 9000!

إيران تعيد هيكلة أذرعها في المنطقة وتوجه رسالة حاسمة لـ"بشار الأسد"

بلدي نيوز - (أيمن محمد)

لا يمكن فصل ما يحدث من تطورات في حرب روسيا على أوكرانيا عما يحدث في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وسط تسارع الأحداث لصالح طهران وأذرعها مؤخرا، فبعد أشهر من التعثر الروسي في إحراز أهداف "العملية" التي أطلقتها موسكو في 24 فبراير الماضي، بدأت تظهر خارطة التحالفات بين الغرب وحلفائه الداعمين للأوكرانيين من جهة، وإيران وأذرعها المصطفين إلى جانب الروس من جهة أخرى.

تأثير هذه الاصطفافات بدأت تظهر معالمها في كل من سوريا والعراق ولبنان وغزة، التي تدعم طهران فيها ميليشيات عسكرية وجماعات سياسية.

فمن تشكيل حكومة في العراق مدعومة من إيران، إلى اتفاق ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان، وزيارة وفد من "حركة حماس" إلى دمشق ولقائهم ببشار الأسد، هذا على المستوى السياسي.

أما على المستوى العسكري؛ فتجلت بزيارة وزير الطرق الإيراني والجنرال السابق في "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني رستم قاسمي إلى دمشق ولقائه مع بشار الأسد وتوجيه رسالة حادة للنظام تبرز للمرة الأولى من مسؤول إيراني رفيع، كون أن "قاسمي" يعتبر من أبرز المساهمين في تطوير برنامج الصواريخ الإيراني، حينما كان قائدا لمقر "خاتم الأنبياء"، إضافة لدوره في التحايل على العقوبات الأمريكية لبيع النفط الإيراني في الخارج.

وأبرز ما جاء خلال زيارة "قاسمي" تغريدة على حسابه في تويتر، قال فيها إنه التقى بشار الأسد لتنفيذ الاتفاقيات الموقعة وتعزيز العلاقات الاقتصادية، وختمها قائلا (تعلل دیگرجایز نیست) وترجمتها الحرفية "التسويف لم يعد مسموحا به"، ما يشير إلى أن الرسائل التي يحملها للأسد "حاسمة وغير مطروحة للنقاش".

وبالرغم من الانتفاضة الشعبية العارمة منذ خمسة أسابيع في إيران، والتي تضاهي رقعتها الاحتجاجات -التي اندلعت عام 2019- على خلفية وفاة الشابة الكردية "مهسا أميني" ذات الـ22 عاما، والتي اتحد فيها أصحاب المطالب المعيشية نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية من عمال وموظفين، وأصحاب المطالب السياسية في ظل حكم ديني شمولي قمعي، وأصحاب المطالب الاجتماعية الرافضين لتدخل هذا النظام الحاكم بتفاصيل الحياة الاجتماعية ومنها مسألة الحجاب، وأبرزهم طبقة طلاب المدارس والجامعات التي تشهد احتجاجات يومية وإضرابات.

رغم هذه الانتفاضة إلا أن النظام الإيراني يعمل على إعادة هيكلة وترتيب أوراقه وأذرعه في الخارج.

حكومة موالية لإيران

وشهد العراق احتجاجات رافضة لتشكيل حكومة محسوبة على إيران، لكنّها فشلت في تحقيق النتائج المرجوة منها، بسبب تنحي رجل الدين الشيعي ومتزعم "التيار الصدري" مقتدى الصدر جانبا وسحب كتلته البرلمانية بغية الضغط على حلفاء طهران في "الإطار التنسيقي"، ودفعهم لقبول إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، إلا أنه فشل بذلك ومكّن حلفاء إيران في "الإطار التنسيقي" من السيطرة على البرلمان وتكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة الجديدة، وبالتالي فرض رؤية طهران على مستقبل العراق لسنوات قادمة من خلال شخصيات متهمة بسرقة مليارات الدولارات من أموال العراقيين، وعلى رأسهم رئيس "حزب الدعوة" ومتزعم "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي ومتزعم "تيار الفتح" هادي العامري، إضافة لفصائل عسكرية في "الحشد الشعبي" من أبرزها "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" و"كتائب سيد الشهداء"، وتوجيه رسالة للعراقيين المطالبين بالتغيير أنه لا يمكن الاعتماد على رجل دين لبناء مشروع وطني.

اتفاق ترسيم الحدود

أما لبنان الذي يعيش أزمة اقتصادية غير مسبوقة في تاريخه منذ انفجار مرفأ بيروت الدامي في 4 أغسطس 2020، فوقّع اتفاقا مفاجئا مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية بعد عامين من الوساطة الأميركية وتغيير عدد من المبعوثين، لتتضح حقيقة التهديدات التي أطلقها متزعم "حزب الله" حسن نصرالله.

الاتفاق الذي سيتم إقراره رسميا في 27 أكتوبر الجاري، أي قبل ثلاثة أيام من انتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون، وقبل أربعة أيام من الانتخابات الإسرائيلية، يفتح السؤال عن المستفيد منه في هذا التوقيت بالذات، ومحاولة إقراره بشكل عاجل.

إسرائيل بررت إبرام الاتفاق بذريعة أنه سيقلل من تبعية لبنان لإيران، على الرغم من أن الاتفاق تزامن مع صفقة إيرانية - أميركية لتبادل السجناء وتحرير 7 مليارات دولار لإيران كانت مجمدة بموجب العقوبات الأميركية، والتمهيد محليا لاستيراد النفط من إيران، وهو الأمر الذي يعزز حضورها في البلد الواقع تحت سيطرة "حزب الله".

رسالة حادة للأسد

الحال في سوريا لا يختلف عن لبنان اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، في ظل التمدد الإيراني ومحاولة طهران تثبيت وجود بعيد الأمد يمتد من ديرالزور شرقا إلى حلب شمالا وحمص غربا ودمشق ودرعا جنوبا، مستغلة الانسحاب الجزئي لروسيا وخلافها مع إسرائيل جراء مواقف الأخيرة من الحرب في أوكرانيا، وتوقف الضربات الجوية على مواقعها وشحنات أسلحتها منذ أكثر من شهر.

وزير الطرق الإيراني رستم قاسمي زار دمشق والتقى برأس النظام بشار الأسد بعد تعنته بملف المصالحة مع "حركة حماس" الذراع الإيرانية في قطاع غزة، لتأتي بعد أيام زيارة نائب رئيس الحركة في غزة "خليل الحية"، إلى دمشق ولقائه رفقة مجموعة قيادات رأس النظام بشار الأسد، ومحاولته التأكيد أكثر من مرة خلال مؤتمره الصحفي على عبارة "محور المقاومة" الذي تقوده طهران عبر أذرعها.

الوزير "قاسمي" يعتبر من الحلقة الضيقة المقربة من المرشد الإيراني علي خامنئي، وذو خلفية عسكرية منحدرة من "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني.

ويعمل "قاسمي" منذ مطلع العام على تفعيل كافة الاتفاقيات الاقتصادية مع نظام الأسد، وتفعيل مشروع الربط السككي الواصل بين إيران وميناء اللاذقية عبر العراق والتسريع بتنفيذه بهدف الوصول إلى البحر المتوسط، إضافة لزيادة حجم التبادل التجاري وتقديم التسهيلات للشركات الإيرانية المستثمرة في سوريا.

وأبرز ما جاء خلال زيارة "قاسمي" تغريدة على حسابه في تويتر قال فيها "التسويف لم يعد مسموحا به" ما يشير إلى أن الرسائل التي يحملها للأسد "حاسمة وغير مطروحة للنقاش".

انتفاضة شعبية

التحركات الإيرانية في المنطقة تتزامن أيضا مع وصول محادثات الاتفاق النووي في فيينا لطريق شبه مسدود، مع تعنت إيران بشرط وقف تحقيقات "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" في ثلاثة مواقع يشتبه بأنها شهدت أنشطة نووية.

كما تتزامن مع الانتخابات النصفية في مجلسي النواب والشيوخ في أميركا بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والتي يحاول الحزب الديمقراطي فيها تجاوز مطب ارتفاع أسعار الوقود قبل أسابيع من الانتخابات التي ستؤثر نتائجها مستقبلا على الانتخابات الرئاسية، كما ستحدد هذه الانتخابات مصير محادثات الاتفاق النووي مع إيران بالمواصلة وإبرام الاتفاق في حال فوز الديمقراطيين، أو عرقلته في حال كان الفوز بالانتخابات من نصيب الحزب الجمهوري.

كذلك تتزامن مع أزمة الطاقة في أوروبا وارتفاع معدلات التضخم، بعد الاستغناء عن النفط والغاز الروسي، ودعم أوكرانيا في حربها ضد الروس، وهو الأمر الذي تستغله طهران في محاولة منها لتثبيت نفوذها في المنطقة، لكن وحده الشارع الإيراني القادر حاليا على تقرير مستقبل هذا النظام في ظل التغاضي الدولي عن المظاهرات التي تتسع رقعتها يوما بعد يوم رغم سياسة القمع التي ينتهجها الأمن والشرطة الإيرانية وميليشيا "الباسيج" ضد المتظاهرين، وقتل ما يزيد عن 215 متظاهرا واعتقال الآلاف بعد خمسة أسابيع من اندلاع الاحتجاجات.

مقالات ذات صلة

"حكومة الإنقاذ" ترد على المزاعم الروسية بوجود استخبارات أوكرانية في إدلب

درعا.. تشكيل قوة تنفيذية أهلية في جاسم لمواجهة المخاطر الأمنية

"التفاوض السورية" للاتحاد الاوربي: التطبيع مع النظام ينسف القرار 2254

بالإدانة.. خارجية النظام ترد على تجاهل إسرائيل للنداءات الدولية لوقف الغارات على سوريا

قوات النظام يواصل قصفه على شمال غرب سوريا

غارات إسرائيلية جديدة على المزة بدمشق