بلدي نيوز – (عبد العزيز الخليفة، زياد الحلبي، أبو خطاب النميري)
عمد نظام الأسد إلى عزل المدن والأحياء الثائرة على نظام، ثم قطع عن هذه المدن كافة المؤن الغذائية ومنع الخروج والدخول إليها وبدأ بقصفها، وذلك ضمن سياسية العقاب الجماعي التي ينتهجها النظام بحق المدنيين الثائرين على حكم "بشار الأسد"، حيث يرفع النظام في وجهه معارضيه المقيمين في المدن المحررة شعار "الجوع أو الركوع"، إلا أن السوريين آثروا الصمود في مناطقهم المحررة وبدؤوا بالتكيف مع الحصار عبر الاستغناء عن غير الضروري وابتكار أساليب لإنتاج كل ما هو يحتاجونه لبقائهم صامدين.
واكتفت الأمم المتحدة بالتعبير عن قلقها حيال السكان الذين منع عنهم الطعام والدواء، واعتبرت في تصريحات لبعض مسؤوليها أن الحصار تكتيك حربي قديم يشكل خرقاً واضحاً للقانون الدولي، ووفقا للأمم المتحدة فإن حوالي 400000 يعيشون في المناطق المحاصرة.
وفي ريف دمشق حاصر نظام الأسد مدن وبلدات الغوطة الشرقية كما فرض حصاراً على مدن الريف الدمشقي الغربي المحررة، إضافة لجنوب دمشق، ضمن سياسته الممنهجة التي أطلق عليها "الجوع أو الركوع" منذ أواخر 2012م، ولجأ السكان في المنقطة إلى طرق مختلفة لسد احتياجاتهم.
بدائل ثورية
في هذه الشأن قال رئيس المجلس المحلي في مدينة سقبا، أبو عاصم، إننا نعيش منذ أربع سنوات في الغوطة الشرقية دون كهرباء وماء و شبكة اتصالات، لذلك لجأنا إلى توليدها من خلال النواعير، كما عمد السكان إلى تعويض النقص الكبير في الوقود عبر جمع البلاستيك وتكريره، أما بالنسبة للماء فلجأ المدنيون المحاصرون إلى حفر آبار واستغنوا بها عن شبكة المياه التي قطعها نظام الأسد.
وأضاف "أبو عاصم" في حديثة لبلدي نيوز، أن الأهالي زادوا مساحات الأراضي المزروعة، واستخدمت حتى باحات المنازل الصغيرة وزرعت بالخضروات، فيما زرعت المساحات الكبيرة بالقمح، أما فيما يخص الخبز فتعلمنا كيف نصنع خبزنا بأيدنا بعد توقف الأفران والمخابز الآلية في أغلبها وعدم قدرة الأفران القليلة المتبقية على سد حاجات السكان.
وعن الوضع الصحي والطبي، قال الطبيب "سعد" من الغوطة الشرقية، إن الكثير من الصعوبات واجهتنا بسبب قطع النظام للطرق بين العاصمة وريفها وبالتالي منع خروج المرضى لمشافي العاصمة ومنع دخول الأدوية إلى المناطق المحاصرة، ما أدى لموت العديد من المرضى بسبب نقص الأدوية وخاصة بين الأطفال الذين يحتاجون إلى "منفسة" إلا أنه في كل الغوطة لا يوجد إلا "منفسة" واحدة، وأشار الطبيب إلا أن الممرضات بالمراكز الطبية لجأن إلى التناوب للتنفيس الأطفال يدوياً.
وتابع الطبيب سعد، في حديثة لبلدي نيوز، بالقول: "هناك اختصاصات طبيبة لم يبق منها إلا طبيب واحد على مستوى الغوطة الشرقية بأكملها، وبعض الاختصاصات الأخرى لم تعد موجودة داخل الغوطة، مما اضطر الأطباء الموجودين المتخصصين للعمل بشكل إضافي وبغير اختصاصاتهم وذلك بشكل يومي ومستمر" .
وأشار الطبيب، إلى أنه وبسبب شدة النقص في المواد الطبية بشكل عام والمسكنات بشكل خاص، بدأنا بتقليص كمية المسكنات الفموية والعضلية والوريدية التي يجب أن تقدم للمصاب، فعلى سبيل المثال مسكن عادة جرعته كل ثماني ساعات، ولكن مع النقص الحاصل حالياً، فإننا نقوم بإعطاء المسكن كل 24 ساعة أو نخفض الجرعة إلى النصف، لأنّه إذا قمنا بإعطاء المصاب الجرعات المسكنة كاملة كل ثماني ساعات، فإننا بذلك نفقد فرصة وقف ألم مصاب آخر.
وفي ريف دمشق الغربي، وتحديدا في بلدة مضايا أدى انقطاع التيار الكهربائي المستمر عن بلدة مضايا بريف دمشق الغربي، إلى تردي وشح كميات المياه في البلدة المحاصرة من قبل ميليشيا "حزب الله" اللبناني.
وقال فراس الحسين، وهو عضو المكتب الإعلامي في مضايا، إن أزمة قلة المياه في مضايا ليست جديدة فهي تعاني من شح المياه منذ 6 أشهر.
وأوضح في تصريحاته لبلدي نيوز، أن حلول فصل الصيف وموجة الحر الشديدة التي تضرب المنطقة، أدت إلى تفاقم أزمة المياه.
وأشار "الحسين" إلى أنه رغم وجود بعض عيون ومنابع المياه في الجبال، لكنها غير كافية لتوفير جميع المياه اللازمة لسكان مضايا، أما الحل فيتمثل بقيام الأمم المتحدة بإدخال الوقود الكافي لتشغيل الآبار الموجودة في البلدة.
بدورها، تحدثت "أم أمجد"، وهي أحد المحاصرات في مضايا، لبلدي نيوز، عن معاناتها، قائلة: "نحنا أسرة من 5 أفراد بحاجة للمياه بشكل يومي خاصة للأطفال، لذلك نلجأ بشكل يومي إلى استعارة حمار لجارنا ونذهب به إلى العين بعد أن نحمله بالأوعية لجلب المياه اللازمة للشرب والاستخدام المنزلي يومياً".
وأشارت "أم أمجد" إلى أن أهالي حيها في مضايا يتعاونون على إطعام الحمار، الذي يعد وسيلة النقل الوحيدة المتوفرة من أجل جلب المياه.
الإطارات المشتعلة.. وسيلة تشويش مدهشة!
في ظل غياب وسيلة تشويش فعالة تعطل كلياً أو جزئياً أجهزة الرؤيا للطائرات الروسية التي ترتكب مجازر يومية بحلب، أطلق نشطاء وعسكريون حملة لإشعال إطارات السيارات في مدينة حلب وريفها، مستخدمين الدخان الأسود المنبعث من احتراق الإطارات مشكلاً غمامة سوداء كبيرة في سماء المدينة، بهدف التمويه وشلّ قدرة سلاح الطيران الروسي عن قصف أهداف الثوار.
حيث انطلقت حملة حرق الإطارات، بالتزامن مع انطلاق معركة فك الحصار عن مدينة حلب المحاصرة التي أعلن عنها الثوار منذ خمسة أيام، لمساندة قوات الثوار المهاجمة في تضليل الطيران الحربي الروسي والسوري.
المقدم الطيار ياسر حميدي قائد لواء جنود الرحمن قال لبلدي نيوز: "انطلقت حملة إشعال إطارات السيارات مع إعلان الثوار معركة فك الحصار عن مدينة حلب، بطلب من القادة العسكريين القائمين على العمل، وبمساعدة كبيرة من قبل نشطاء وإعلاميي حلب، الذين كان لهم الدور الأكبر في عملية نشر الطلب".
وزاد الطيار المنشق: "قام المدنيون وعلى رأسهم الأطفال الموجودون في ريف حلب بإشعال الإطارات على امتداد ريف حلب الغربي وحتى الجنوبي، كما تم إشعال الإطارات بكافة الأحياء المحررة داخل مدينة حلب المحاصرة، مما شكل غمامة سوداء ضخمة فوق سماء المدينة، شكت عائقاً امام الطيران الحربي عن قصف مواقع الثوار، الأمر الذي ساهم في تخفيف الضغط الكبير التي يحدثه الطيران والذي أحياناً ما يكون له الدور الأكبر في إيقاف الكثير من العمليات، كما ساهم في عملية التقدم السريع والسيطرة على عدة مناطق بدون أية خسائر".
بدائل الزراعة (حلب المحاصرة نموذجاً)
بعد تقدم قوات النظام والميليشيات الإيرانية والأفغانية المساندة لها والسيطرة على طريق الكاستيلو شريان حلب والمنفذ الوحيد والأخير أمام المدنيين للعبور باتجاه الريف وإدخال المواد الغذائية والخضروات.
قام المجلس المحلي وبعض مجالس الأحياء بالبحث عن بدائل يستطيعون من خلالها تحقيق الاكتفاء الذاتي للمدنيين المحاصرين داخل المدينة والذي يبلغ عددهم 300 ألف نسمة معظمهم نساء وأطفال.
كما قامت المئات من العائلات بالعمل بالخطط البديلة - كما وصفها البعض- وهي زراعة أسطح وحدائق المنازل ببعض أنواع الخضروات.
فارس مرعي، مدني من مدينة حلب المحاصرة، تحدث عن التجربة لبلدي نيوز بالقول: "بدأت بزراعة سطح المنزل منذ قرابة ثلاثة أشهر، عندما بدأت الميليشيات بشن أول هجوم على منطقة مزارع الملاح شمال حلب والسيطرة على عدة نقاط ورصدها للطريق نارياً وقصفه من تلة الشيخ يوسف المطلة على طريق الكاستيلو، وعدم قدرة سيارات الخضروات على العبور من الطريق باتجاه المدينة، حتى أصبحت الكثير من أنواع الخضروات غالية الثمن ولم أعد أستطيع شراء الكثير من الأنواع مقارنة بالمدخول المادي، حيث قمت بإحضار التراب الأحمر من الأراضي الزراعية الموجودة على أطراف المدينة، وفرشت بها سطح المنزل بالكامل بمساعدة زوجتي وأولادي الاثنين، وبدأت بزراعة المزرعة الصغيرة بعدة أنواع من الخضار اللازمة، نما الزرع ونضج وبدأنا نحصد محصولنا اليومي من البندورة والخيار، بالتزامن مع وصول قوات النظام لطريق الكاستيلو والسيطرة عليه بشكل كامل، وانعدام الخضروات في أسواق المدينة".
وتابع: "هناك المئات من العائلات بدأت عملية الزراعة مع بداية أيام الحصار الأولى، إما بزراعة أسطح المنازل أو الحدائق".
منوهاً إلى أنه "يوجد في الأسواق بعض الخضروات والتي تأتي من البساتين الموجودة داخل المدينة ولكن بأسعار مرتفعة جداً، كما أنه عند قدوم الخضروات للسوق نادراً ما يمكنك الحصول على البعض منها، بسبب الطلب الهائل عليها".
يذكر أنه لا يوجد خطط من قبل المجلس المحلي لاحتواء تلك الأراضي والبساتين وزراعتها والبيع بأسعار منتظمة، فكل بائع يضع الأسعار كما يريد ويناسبه من دون وجود جهة تحاسبه في ظل الحصار.
بدائل المياه (حلب وريفها نموذجاً)
يعاني سكان المدن والمناطق المحررة من مشكلة نقص المياه وندرتها، ففي مدينة حلب التي تحوي أسفلها أكبر كميات من المياه في العالم، انقطعت المياه بشكل نهائي منذ السنة الثانية للثورة، ما أجبر سكان المدينة على البحث عن مصادر مياه بديلة تعوضهم عن المياه الصالحة للشرب القادمة من المحطات.
الناشط الإعلامي أحمد الفداء، قال لبلدي نيوز: "انقطاع المياه في مدينة حلب مرتبط بانقطاع الكهرباء، كونه لا يمكن ضخ كميات المياه من المحطة الرئيسية باتجاه المحطات الفرعية الموجودة داخل المدينة وتوزيعها على المنازل السكنية إلا إذا توفرت الكهرباء".
وأضاف موضحاً: "يعتمد المجلس المحلي في ضخ المياه باتجاه الأحياء السكنية الموجودة في مدينة حلب على الكهرباء النظامية الأساسية، إلا أن قوات النظام وبشكل متعمد تقوم إما بقصف محطات التحويل الموجودة على أطراف المدينة أو قطع الكابلات الممتدة بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة الثوار، والذي يؤدي بدوره إلى انقطاع الكهرباء لفترات زمنية طويلة في مناطق سيطرة الثوار، وقطع الكهرباء يؤدي إلى عدم القدرة على تشغيل محطات ضخ المياه، وبسبب تلك المشاكل بحث السكان في مدينة حلب عن وسائل أخرى يستطيعون تأمين المياه من خلالها، حيث قام الكثيرون بحفر آبار بعمق 20 إلى 30 متراً، وهي مسافة تكون فيها المياه غير صالحة للشرب، وقد نبهت كثير من الحملات الطبية السكان من أخطار شرب مياه تلك الآبار السطحية، إلا أن السكان لم تستجيبوا لتلك الحملات بسبب عدم توافر بديل عن الآبار وعدم قدرة المجلس المحلي على تأمين الديزل اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية الضخمة الموجودة لديه بسبب غلاء ثمنها وندرتها وعدم وجود طرق يستطيعون العبور منها باتجاه المدينة".
أما في الأرياف فيلجأ السكان إلى شراء "صهاريج" المياه العذبة من آبار المزارع التي تنتشر بكثرة في الأرياف السورية، وقد تحول بعض أصحاب المزارع من مهنة الزراعة إلى مهنة بيع المياه، نظراً لكثرة الطلب، ويصل سعر الصهريج الواحد إلى 500 ليرة سورية تقريباً أي ما يعادل دولاراً أمريكياً واحداً حسب سعر الصرف الحالي.
بدائل الكهرباء (القنيطرة نموذجاً)
بات البحث عن الوسائل البديلة للكهرباء، الشغل الشاغل لسكان المحافظات السورية وخاصةً تلك التي تخضع لسيطرة الثوار، وأصبح توفر التيار الكهربائي حلماً بعيد المنال في ظل انقطاعه الدائم عن مناطق المعارضة التي عمد النظام إلى استهداف جميع البنى التحتية فيها بما في ذلك محولات الكهرباء وأعمدة التوتر المنخفض والعالي، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن المدن والقرى السورية بشكل كامل، وهناك قرى وبلدات لم تصلها الكهرباء منذ حوالي أربعة أعوام، فلجأ السكان إلى استبدالها باستخدام بطاريات السيارات والطاقات الشمسية، ومولدات الكهرباء التي تعمل بالبنزين ومحركات الديزل والأمبيرات ذات التكلفة العالية بسبب غلاء الوقود اللازم لعملها ولا توفر الكهرباء إلا لساعات قليلة في اليوم وبالكاد تكفي لقضاء حاجات الأسر الرئيسية الطبيعية (من تعبئة خزانات المياه والغسيل).
أبو سعيد أحد المدنيين في بلدة نبع الصخر قال لبلدي نيوز: "ليس بإمكان كل الأسر شراء مولدات أو بطاريات"، وتابع الموظف السابق في دائرة حكومية وهو من قرية زبيدة بريف القنيطرة الجنوبي: "إن انعدام الكهرباء صار أمراً اعتيادياً، حيث إننا لم نر الكهرباء منذ أكثر من أربع سنوات أي منذ تحرير القرية، وليس باستطاعتنا شراء مولدة مازوت، فأصبحنا نعتمد على مولدة الجيران لبضع ساعات من اليوم، بينما أصبحنا نغسل ثيابنا على الطريقة البدائية، ونسخن مياه الغسيل على الحطب، وأصبحت الشموع خير رفيق لنا خلال الليل".
واستطرد: "هناك إقبال كبير على شراء الشواحن والمولدات، ما أدى إلى رفع أسعارها بطريقة خيالية وصلت إلى أضعاف أسعارها المعتادة، مع استغلال البعض للطلب الكبير، وأصبحت تجارتها وصيانتها مربحة جداً في زمن الحرب، ما أدى إلى تحول المدنيين لشراء الطاقات الشمسية التي تعد إلى حد كبير أوفر من الاعتماد على المولدات والوقود الطبيعي".
بدوره أحمد يوسف قال لبلدي نيوز: "غياب الكهرباء وارتفاع أسعار الوقود دفعني إلى شراء لوح طاقة شمسية 100 أمبير وبطارية 100 أمبير أيضاً ورافع جهد 1500واط، ما يكفي لتأمين الكهرباء لبيتي ثلاث ساعات يومياً وتشغيل ضوء LED يومياً ما يقارب 8 ساعات خلال الليل، لكنني عانيت من عدة مشاكل أيضاً في استخدامها، ففي أيام الشتاء لا يكون هناك ضوء وحرارة للشمس مما يضطرني لشحن البطارية على السيارة، الأمر لم يقتصر على البيوت فقط بل أصبح استخدام الطاقة الشمسية في المشافي الميدانية أمراً أكثر توفيراً للجهد والمال ".
نايف الخالد، طبيب جراح في المشفى الميداني في ريف القنيطرة، تحدث لبلدي نيوز عن البدائل المستخدمة في المشافي بالقول: "كنت أحد المكلفين بالإشراف على منظومة الطاقة الشمسية في المشفى التي تم إنشائها بدعم من منظمات دولية، وقد بلغت تكلفتها قرابة 25 ألف دولار أمريكي من بطاريات وألواح طاقة شمسية وغيرها من المعدات اللازمة، يتمّ عمل هذه الطاقة من خلال رفع جهد البطاريات، وتوليد الكهرباء للمشفى، كما يتمّ شحنها عبر لوحات الطاقة الشمسية، وبهذا يستطيع المشفى أن يقدم الخدمات الإسعافية بشكل أسرع"، مشيراً إلى أن "المنظومة وفّرت على المشفى شراء مادة الديزل التي تحتاج من15 إلى 20 لتر يومياً على أقل تقدير".
ومن بين البدائل التي اعتمد عليها المدنيون في الأراضي المحررة، "الأمبيرات"، كما أصبحت مهنة "الأمبيرات" منتشرة بشكل كبير في العديد من المناطق، حيث يقوم مالكو مولدات الديزل الكبيرة بتوزيع الكهرباء على عدد من البيوت بواسطة دارة يتم من خلالها التحكم بكمية الكهرباء لكل بيت أو محل تجاري، وتبلغ التكلفة الشهرية للكهرباء، لأربع ساعات يومياً، نحو أربعة آلاف ليرة سورية، وهو مبلغ كبير بالنسبة للسوريين الذين يعانون ظروفاً معيشية صعبة، ناهيك عن متطلبات الحياة الأخرى في ظل الحرب دون دخل كاف .
علي، مدني من ريف القنيطرة الأوسط، يقول: "إن انقطاع الكهرباء الدائم، جعلنا نعتمد على مولدات الديزل، ونحن نشترك بمولدة واحدة استطاعتها 20 ألف واط، 15 مشترك لمدة خمس ساعات، وندفع مقابل ذلك 100 ليرة سورية باليوم، أي بالشهر 3000 ليرة سورية، مع العلم أن الكثير من الأسر ليس بإمكانها الاشتراك، بسبب الفقر، ولكن تواجهنا مشاكل عدة، أبرزها صعوبة الحصول على المازوت، وحتى إن وجد فإن ثمنه باهظ".
المناطق المحاصرة.. احتداد المعاناة
وتعاني مناطق عدة في سوريا من الحصار، من قبل قوات النظام وميليشيا "حزب الله" اللبناني وميليشيات "قسد"، وتنظيم "الدولة"، وهي :
جيرود والرحيبة والضمير
وتعد بلدتا جيرود والرحيبة الواقعتان في منطقة القلمون (شرقي دمشق) ساحتان لهجمات النظام وتنظيم "الدولة"، فضلاً عن وقوعهما تحت حصار النظام منذ نسيان/أبريل2013.
كما تعاني مدينة الضمير في القلمون (شمال غربي دمشق) من حصار النظام، وتشهد اشتباكات بين عناصر تنظيم "الدولة" من جهة وفصائل (أجناد الشام، وجيش الإسلام، وجبهة النصرة، وأحرار الشام) من جهة أخرى.
الغوطة الشرقية
يعاني ما يقارب مليون شخص في منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق من حصار قوات النظام الذي فرضته على مدنها وبلدتها منذ كانون الأول/ ديسمبر 2012، فضلاً عن نقص في الطاقة الكهربائية والمياه الصالحة للشرب.
وبحسب سجلات لجان التنسيق المحلية في مدينة دوما بريف دمشق، لقي 601 شخص مصرعهم عام 2015 في المدينة فقط، 42% منهم جراء الغارات الجوية، أما الباقي فقضوا بسبب سوء التغذية.
مدينة التل
تفرض قوات النظام حصاراً عسكرياً وإنسانياً على نحو مليون مدني يعشون في مدينة التل شمال دمشق، منذ حزيران/يونيو 2015.
مخيم اليرموك، داريا، المعضمية، كناكر
ويعاني 18 ألف مدني في مخيم اليرموك (جنوب شرقي دمشق) من حصار قوات النظام منذ كانون الأول/ديسمبر 2012، حيث اضطر جزء من سكان المخيم (المحاصر أيضاً من قبل تنظيم الدولة)، إلى النزوح واللجوء خارجه، كما يفتقر قرابة 3500 من قاطنيه للمياه النظيفة، والغذاء، والمستلزمات الطبية، منذ عامين.
أمّا مدينة داريا (غربي دمشق) فيحاصر نظام الأسد منذ 2012، ما يقارب 10 آلاف مدني، كما استشهد بغارات النظام الجوية أكثر من 2000 شخص، جراء قصف طيران النظام وقواته المدينة، فيما ذكرت مصادر محلية في المدينة أن النظام قصف نحو 1000 برميل متفجر عليها.
ويعاني 40 ألف مدني يقطنون مدينة معضمية الشام بريف دمشق الغربي، حصاراً خانقاً فرضه النظام منذ نهاية العام 2015، كما تشهد بلدة كناكر (بريف دمشق الجنوبي) حصاراً منذ آذار/ مارس 2015.
الحولة وتلبيسة والرستن وحي الوعر في حمص
لا تزال قوات النظام وميلشيا حزب الله تفرض حصارا على بعض أجزاء من حي الوعر في مدينة حمص (وسط سوريا)، كما تعاني مدن الحولة وتلبيسة والرستن (شمالي حمص) حصاراً منذ 3 سنوات.
دير الزور
يحاصر تنظيم "الدولة" منذ نحو تسع أشهر عدة أحياء (القصور والجورة ومنطقة الجمعيات) في مدينة دير الزور الخاضعة لسيطرة النظام، ويعيش فيها أكثر من 100 ألف شخص.
ويتبع النظام أسلوب الحصار والتجويع ضد المدنيين في المدن والبلدات المحررة، بقصد دفعها لمصالحات معه، رافعا شعار طالما ردده "الجوع أو الركوع".
تجدر الإشارة إلى أن أزمة المجاعة التي عانتها مضايا المحاصرة منذ أكثر من 6 أشهر أحدثت تأثيراً كبيراً في الرأي العام العالمي، واستشهد أكثر من 20 مدنيا خلال كانون الأول/ ديسمبر الفائت، في البلدة التي أحاطها "حزب الله" بالألغام بقصد منع خروج المدنيين المحاصرين أو دخول المواد الغذائية إليها.
منبج:
وتقع شرقي مدينة حلب ويسيطر عليها تنظيم "الدولة" ويحاصر المدينة "ميليشيات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعومة من قبل طيران التحالف الدولي، منذ أكثر من شهرين، وحسب مصادر محلية فإنه يعيش في المدينة أكثر من 200 ألف مدني.