بلدي نيوز – إدلب (خاص)
مرَّت ستة أعوام على تحرير مدينة إدلب من قوات النظام بعد معارك استمرت لأيام عدّة، انتهت بسيطرة فصائل المعارضة على محيط المدينة بعد قطع طريق "الفوعة - إدلب"، وحصار مدينة الفوعة وتطويقها من الجهة الشرقية والشمالية والغربية ليبقى طريق إدلب المسطومة باتجاه مدينة أريحا منفذ لقوات النظام المتواجدة في المدينة.
معركة التحرير
انطلق "جيش الفتح" بالسيطرة على الحواجز المنتشرة كطوق على مداخل مدينة إدلب من الأطراف الشرقية والشمالية والغربية فتمكن من السيطرة على المدخل الشرقي بقطع طريق الفوعة إدلب، ومن ثم معمل الكونسروة ومعمل الغزل لينطلق عبر طريق "بنش - إدلب" إلى مدخل مدينة إدلب الشرقي ويسيطر على دوار المحراب الرئيسي بالتزامن مع تقدم قوات جيش الفتح من الجهة الغربية بعد تفجير ثماني عربات مفخخة ليسيطر على الأحياء الغربية والدخول إلى منطقة جامعة إدلب ومن ثم الدخول من الجهة الشمالية ليكون بذلك تمكن من فرض حصار كامل وبعد المعارك من تاريخ "24 إلى 28 أذار" من عام 2015 ليتمكن وقتها من فرض السيطرة على المربع الأمني".
الفصائل المشاركة
أعلن "جيش الفتح" لتحرير مدينة إدلب بعد تشكيل غرفة عمليات مكونة من سبعة فصائل "فيلق الشام، هيئة تحرير الشام، أحرار الشام، صقور الشام، جند الأقصى، لواء الحق، جيش السنة، أجناد الشام" ضمن تقسيم للمحاور بين الفصائل المشاركة بأسلحة ثقيلة تضمنت دبابات وعربات "بي أم بي" وأسلحة متوسطة وخفيفة بالإضافة لاستخدام العربات المفخخة للإعلان عن بدء الهجوم.
أهميتها الاستراتيجية
تحتل مدينة إدلب أهمية استراتيجية كبرى، من حيث موقعها على الطريق الدولي الواصل بين تركيا وسوريا والأردن والخليج، كما تعتبر من أهم المدن التي انطلقت فيها الثورة السورية ومن أوائل مراكز المدن التي خرجت من سيطرة قوات النظام بالإضافة لموقعها الاستراتيجي الذي يربط بين مدينة حلب واللاذقية ومدينة حلب وحماة، ويمر بها أهم طريقين رئيسين وهما شريان الحياة لسوريا طريق M5 والذي يربط بين حلب ودمشق والذي سيطرت عليه روسيا وقوات النظام مؤخرا، وطريق M4 والذي يربط بين مدينتي حلب واللاذقية.
الوصول إلى تخوم جورين
وفي حديث خاص لبلدي نيوز، قال القيادي في فيلق الشام "أيمن أبو ركان"، إن معركة إدلب كانت بزخم عسكري من قبل الفصائل الثورية بعتادها وعدتها وبتنسيق متكامل للمحاور بدأت بإطباق الحصار على المدينة من الجهات الشرقية والشمالية والغربية وبقاء منفذ واحد لقوات النظام من الجهة الجنوبية بسبب وجود معسكر المسطومة الداعم لقوات النظام آنذاك في المدينة.
وأضاف أبو راكان، أنه "بعد الحصار بدأت قواتنا بالتوغل في عمق المدينة لتخوض معارك عنيفة داخل المدينة وخاصة في المربع الأمني والذي أفضى بعد الاشتباكات إلى فرض السيطرة عليه".
وتابع قائلا "بعد تحرير مركز المدينة بثلاثة أيام كانت هناك أكثر من محاولة اقتحام لاستعادة المدينة من قبل النظام واستطعنا صد المحاولات التي انهكت قواته".
وأشار إلى أن تماسك قوة الفصائل الثورية ووجود ترسانة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة جعلت منه قوة ضاربة استطاعت تحرير عدّة مدن ومناطق استراتيجية جنوب وغرب المدينة منها مدينتي أريحا وجسر الشغور.
وقال إن "تهاوي النظام وعمليات التحرير السريعة التي استطعنا من خلالها الوصول إلى حدود "جورين" التي تعد منطقة لمعسكراته العسكرية الضخمة في ريف اللاذقية، جعلت روسيا تتدخل بطائراتها وقوتها الكبيرة لجانب قوات النظام لإنقاذه".
إدلب مسكن المهجرين
تعد إدلب الملجأ الذي بقي للسوريين الذين هجرتهم روسيا وقوات النظام بعد حملات القصف العشوائية ومن ثم احتلال بلداتهم وقراهم فأصبحت هي المأوى لمهجري دمشق وريفها ودرعا وحمص وأرياف حماة وأرياف إدلب الجنوبية والشرقية وحلب وريفها الغربي والجنوبي ودير الزور وغيرها من المناطق لتصبح من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان، حيث يقدر عدد السكان فيها ما يقارب 5 ملايين نسمة، وفق إحصائية فريق "منسقو استجابة سوريا".
إدلب في ظل "حكومة الإنقاذ" و"تحرير الشام"
تفردت "هيئة تحرير الشام" في حكم مدينة إدلب بعد معارك عدّة خاضتها مع خصومها من الفصائل التي كانت تتقاسم معها النفوذ في إدلب وريفها ولا سيما فصيل "أحرار الشام" في مجال الخدمات لتحكم سيطرتها على كافة منافذ الخدمات والمعابر بعد خوض صراعات مع الفصائل دامت أيام عدّة، وكان سببها المباشر الصراع بين تحرير الشام وفصيل حركة نور الدين الزنكي ثم ليمتد الصراع مع باقي الفصائل التي وقفت لجانب الزنكي، ما أدّى لفرض سيطرة تحرير الشام على كامل إدلب بعد تغلبها على الفصائل لتعطي بعد ذلك السيطرة الكاملة على إدلب وريفها والمناطق المتبقية من أرياف حماة واللاذقية وحلب لـ"حكومة الإنقاذ السورية" المدعومة من قبلها.
الانفتاح الاقتصادي
دخلت مدينة إدلب من بوابة واسعة في الانفتاح الاقتصادي عبر موقعها الاستراتيجي بالمنفذ التجاري البري "معبر باب الهوى" مع تركيا، وهي بوابة دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا، إذ يدخل منه شهريا حوالي ألف و500 شاحنة من المواد الإغاثية، بالإضافة إلى دخول 4 آلاف و500 شاحنة تجارية شهريا، بالإضافة لأصحاب المهن الذين تم تهجيرهم وافتتحوا الكثير من المصالح والمهن في ظل الحاجة إلى هذه الصناعات والمهن في ظل الكثافة السكانية بالإضافة إلى تصدير المواد الزراعية الفائضة عن الحاجيات إلى تركيا ومنها إلى دول العالم.
آخر القلاع
لم يتبق للسوريين الذين هجرتهم آلة الحرب الروسية وقوات النظام سوى إدلب كمتنفس وملجأ لهم خارج مناطق سيطرة النظام وأفرعه الأمنية التي كبتت الحريات، ما جعلهم يختارون النزوح إليها بعد سيطرة روسيا وقوات النظام على بلداتهم وقراهم لتصبح هي البلد الذي جمع فيها مختلف السوريين من كافة المحافظات والمناطق لتبقى المحافظة الوحيدة التي باتت خارج سيطرة النظام وتحت سيطرة فصائل المعارضة، رغم التهديدات المستمرة من قبل قوات النظام المدعومة من روسيا، والتي لا تبعد عن مركز مدينة إدلب سوى بضعة كيلو مترات من جهة الشرق.
هل الاتفاقات التركية - الروسية تحمي إدلب؟
بعد العام السادس على ذكرى تحرير مدينة إدلب من قوات النظام، وتحرير مدن عدّة منها "أريحا وجسر الشغور" وقبلها معسكري "وادي الضيف و الحامدية" بالقرب من مدينة "معرة النعمان"، استعادت قوات النظام السيطرة عليهما بالإضافة لمدينة خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب ليصبح التهديد بشكل مباشر لمركز المدينة "إدلب"، دون أن تكون الاتفاقيات بين تركيا وروسيا ضامنة لسلامة الريف الجنوبي لإدلب أو حتى الاقتراب من المدينة.