بلدي نيوز - (فراس عزالدين)
نشرت جريدة "تشرين" الموالية منذ أيام تحذيراتٍ حول تصدع أحد الأبنية في منطقة المزة 86 بدمشق، ذات الغالبية الموالية للأسد، بالمقابل بقيت محافظة دمشق، التابعة للنظام، تأخذ وضع المزهرية؛ فالحي مستعصٍ عليها منذ نشأته!
الـ86 مستعصٍ
ونقلت جريدة "تشرين" عن عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق قوله؛ "هناك مشروع لتدعيم هذا البناء ويتم العمل على إبرام عقد وإجراء مناقصة لترميمه، ولكن حالياً ليس هناك أي خطورة على القاطنين في البناء".
يشار أنّ انهياراتٍ شهدها حي الـ 86 أكثر من مرة، عندما اختفت أبنية في تكهفات موجودة في الجبل، الذي يعدّ خلية مخالفات غير مضبوطة نتيجة لتحالف قوى النظام والمخابرات مع الفساد.
عصيانٌ قديم
بدأ تاريخياً ببناء حي الـ86 على شكل عشوائياتٍ بإشارةٍ من "رفعت الأسد"، شقيق "حافظ الأسد"، وقائد ما يعرف في حينها بـ"سرايا الدفاع"، سيئة السمعة.
والملفت أنّ الحي شهد صراعاتٍ بسبب ولاء قاطنيه لرفعت، على خلفية محاولات الأخير الانقلاب على شقيقه تسعينيات القرن الفائت، وأنهى العصيان في حينها "باسل الأسد" النجل الأكبر لحافظ.
وتمكنت المحافظة قبل الحراك الثوري من منع إدخال مواد البناء، عشوائياً، على خلفية نشاط حركة العمران المخالف.
ومع بداية الحراك ضد النظام، غض الطرف عن تلك المنطقة وفقاً لشهود رفضوا الكشف عن أسمائهم داخل محافظة دمشق، والسبب كسب الولاء من أبناء الحي، الذي تحول إلى مركز تصديرٍ للشبيحة.
وعاد الحي إلى مركزٍ للمخالفات أدت في الفترة الأخيرة إلى زيادة حالات انهيار الأبنية المخالفة، وفقاً لتقارير إعلامية موالية عزت ذلك لسببين، يتعلق الأول بتجارة البناء المخالف، والثاني ناتج عن تصدعات في كتلة الجبل الصغير وضعفه.
تلوث بصري
وتمتاز تلك المنطقة بأنها باتت حاضنةً ليس للمخالفات في البناء، بل الأمراض والأوبئة وفقاً لما تورده الصحف والمواقع الموالية، على لسان سكان الحي، الذين يشتكون من تراكم النفايات، ووعورة الطريق، وإهمالٍ صحي، وسبق أن انتشرت "حبة حلب" في الأعوام الفائتة، فضلاً عن الحرائق نتيجة الماس الكهربائي، نتيجةً لاستجرار التيار الكهربائي بطرقٍ غير شرعية.
وتصفها "ديانا عادل"، طالبة فنون جميلة، بأنها مثال شاهد على التلوث البصري في حاضرة سوريا دمشق، حسب وصفها.
فوق السلطة
وينظر الكثير من أبناء دمشق بما فيهم الموالون أنّ للحي رهبةً خاصة، وحافظ على شبه استقلاليةٍ عن السلطة التي يواليها، والتي دخل معها تناقضاتٍ بين مدٍّ وجذر.
وما يعزز تلك الرؤية عوامل كثيرة، يتحدث عنها الناشط الحقوقي، ملهم الشعراني، يقول؛ "كلّ شيء مستباحٌ في حي الـ86، فواتير الكهرباء والمياه ﻻ تدفع للنظام قبل الثورة، وهذا ببساطة لأنها دخلت بطرقٍ غير شرعية، غابت فيها العدادات".
وأضاف؛ "تجيّر فاتورة الكهرباء والماء على المناطق الموالية، أو القريبة من الحي، وهذا أمرٌ يعرفه عوام الناس".
ومع بداية الحراك الثوري، عاد للحي سطوته، فتضحيات أبنائه وولائهم للأسد، فرض غض الطرف عن ممارساتهم، وجعلت الحي "فوق السلطة"، بحسب وصف الشعراني.
علاقة جدلية
يذكر أنّ صحيفة "الوطن" الموالية، كشفت في شباط/فبراير الفائت، في تقرير لها حقيقة الخطر الذي يحدق بمنطقة المزة 86 نتيجة وجود تكهفات غير معروفة الحجم والمسار.
ووفقاً لـ"الوطن" فقد كلفت محافظة دمشق قسم الجيولوجيا لإعداد دراسة للتربة في تلك المنطقة، ولم تنجز هذه الدراسة بعد، وما زالت معظم مياه الصرف الصحي تتسرب تحت الأبنية وتتغلغل في التربة مسببة المزيد من التكهفات، التي تنذر بخطر الانهدام في أبنية، لا يمكن أن تحقق أدنى شروط السلامة.
والملفت في كل ما سبق حالة انعدام الثقة بين أبناء الحي والنظام، رغم وﻻء أبنائها للأسد، إلا أنّ العلاقة بدت مثيرةً للجدل وفق الناشط "براء الشامي"، الذي قال المحافظة ﻻ تجرؤ على دخول الحي، دون الحصول على إذنٍ مسبق من اﻷجهزة اﻷمنية التي تنشر حواجزها من جهتي بنايات الـ 14 وفلافل على كيفك.
يشار أنّ المزة 86 سميت بذلك نسبةً للكتيبة العسكرية رقم 86 التي اتخذت مقراً لها في نفس المنطقة، والحي يقسم إلى حيين، المدرسة والخزان، أمّا الأول فنسبة لأول مدرسة فتحت في تلك المنطقة، في حين استمد الثاني اسمه بعد بناء خزان للماء يروي كل مناطق المزة.