بلدي نيوز- (ليلى حامد)
عادت من عملها مساء، تشتكي الألم والتعب، ولا تستطيع إعداد الطعام لأولادها الصغار، تبكي بشيء من الحسرة، يقوم ابنها الكبير ذو العشرة أعوام بالبكاء خارج البيت، أسرة من أربعة أولاد ثلاثة صبية وابنة وحيدة عمرها ستة عشر عاماً، أرملة أيضاً بعد زواجها لمدة شهر غيب الموت زوجها إثر إصابته بلغم أرضي وهو يفلح الأرض التي يمتلكها في قرية البدرية.
تزداد معاناة أم عبد الكريم يوماً بعد اليوم، مهجرة من حمص بعد استشهاد زوجها في بابا عمر، تقول لبلدي نيوز، "أعمل مدة 9 ساعات في محل لبيع الأكسسوارات، ولكن للأسف بأجر زهيد جداً لا يتجاوز 15 ألف ليرة سورية فقط، أي ثمن خبزنا فقط".
تضيف أم عبد الكريم؛ أعمل لوقت طويل، واضطر لترك أولادي فترة طويلة، حيث يمضي أبنائي الصبية وقتهم بالشارع بدل المدرسة، الأمر الذي يحز في نفسي، بسبب غيابي الطويل عنهم، حتى عند عودتي للبيت، يتذمرون من عملي وغيابي ويطالبونني بالبقاء قريبة منهم.
بالرغم من تعبي وتقدمي في السن فأنا الآن أبلغ 35 عاما؛ قررت دراسة الثانوية العامة (البكالوريا الفرع العلمي) وبعد النجاح سأدرس في معهد إعداد المعلمين الكائن في بلدة البارة بجبل الزاوية لأصبح مدرسة وأعيل أولادي وعندها سيكون غيابي عنهم لفترة أقل.
تتابع كلامها والإصرار والتصميم باد عليها؛ أدرس في مكان عملي مستفيدة من وقتي وأملي بالله كبير أن أنجح وأحقق هدفي، صحيح أن صغاري يتذمرون من غيابي لكن في الأيام القادمة سأكون عوناً لهم وقريبة منهم.
تتم حديثها لبلدي نيوز والحزن باد عليها؛ لم أكن أعلم بأنني سأعود لأدرس يوماً فقد كنا في حمص من أسعد الناس نملك أرضا زراعية كبيرة تدر علينا مالاً وفيراً، تأتي الحرب لتأخذ مني كل جميل.. بيتي.. زوجي.. أرضي، لأجد نفسي المسؤولة عن استمرار عجلة الحياة بوجعها ومتاعبها.
"اليأس ليس طريقي" تقول أم عبد الكريم؛ فرغم التعب ورغم المعاناة طلبت من ابنتي العودة لمدرستها، وأجلس مساء مع أولادي أعلمهم واجباتهم المدرسية ثم أعود لدروسي، وكل الأمور تهون أمامي إلا أن ابني البكر بحاجة لرعاية خاصة، ففقده لوالده أثر في نفسه الكثير، فأنا أحزن عليه لأن نفسيته محطمة، ولكن عندما شاهد إصراري على التعلم عاد لمدرسته وأصبح يهتم بدروسه حتى في أثناء غيابي، تقول ذلك والأمل يداعب نفسها.