بلدي نيوز - (ليلى حامد)
عكست ظروف الحرب المأساوية مؤشرات سلبية على المستوى المعيشي في سوريا من غياب حليب الأطفال، وندرة الوقود من مازوت وغاز، إضافة لغلاء الأسعار، كلها مؤشرات على تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.
تصف غادة الأم الشابة ذات الـ25 عاما، واقعها الاجتماعي، بالقول: "أهرب من الواقع المؤلم لأحلم ببيت صغير يجمعني مع زوجي المعاق وولديّ الصغيرين، حاتم وأحمد.. نسيت بيتي الكبير في الغوطة والمؤلف من أربع غرف، نريد أن نحيا من جديد ولكن بشيء يعيد السعادة إلى قلوبنا ولو ببصيص أمل، فقد استأجرنا بيتاً بغرفة واحدة سقفه يسرّب المطر وجدرانه المتصدعة نتيجة القصف لمنزل مجاور تزيد من برودة الغرفة، لذا أتخيل وزوجي المسكين بيتا من غرفتين فقط بهما شرفة صغيرة نتناول فيها القهوة على أن تطل الشرفة على حي نظيف وحديقة قريبة، ونستمع فيها لترنيمات فيروز الصباحية متناسين فقرنا وعوزنا الشديدين".
وتتابع غادة؛ "كان زوجي المعاق بسبب إصابته في القصف على الغوطة الشرقية، معلماً، والآن هو بحاجة لرعاية، وأنا معلمة أيضاً التحقت بإحدى المدارس في مدينة إدلب، وبالكاد نتم شهرنا دون أن نستدين من الأقارب المهجرين إلى إدلب أيضاً".
وتضيف والغصة بادية على كلماتها المتقطعة؛ "هل ترانا نمتلك بيتا من جديد ذات يوم، "مملكتنا الصغيرة"؟ لا أرى سبيلاً لذلك في ظل إعاقة زوجي، وغياب المعيل الأساسي للأسرة؟ هل سنبقى في ترحل دائم وفقر شديد في ظل غياب الحلول التي تكفل عودة الناس لبيوتها.. والله لا نملك إلا أحلاماً في زمن المصالح الكبرى".
الباحثة الاجتماعية أمل الدهمان في إدلب، تقول لبلدي نيوز؛ "تعيش سوريا ظروفا اقتصادية واجتماعية قاهرة، كان للحرب الدور الكبير في اتساع معاناة الناس من تدهور الأوضاع المعيشية، وتفاقم معدلات الفقر لمستويات غير مسبوقة، إضافة إلى أن الحرب جعلت أكثر من نصف السوريين بين مهجر قسري ونازح أو لاجئ في دول العالم، كما تعتبر معاناة النازحين قسرياً إلى داخل سوريا الأشد وطأة من حيث وضعهم المعيشي وصعوبة السكن والتعليم والصحة والعمل".
وتضيف الدهمان؛ "بلغ العدد الإجمالي للنازحين واللاجئين 12.2 مليون نسمة منهم 6.6 مليون نازح داخل سوريا حسب التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة".
وتتابع متأسفة "يواجه النازحون إلى المناطق الحرة أوضاعا مؤسفة ومشكلات عديدة أهمها؛ مشكلة السكن فقد يصل إيجار البيت لعشرين ألف ليرة سورية في مدينة إدلب، بينما نلحظ أن هذه الأسعار ترتفع كثيراً في المناطق الشمالية مثل سرمدا وباب الهوى".
غادة ليست الوحيدة التي تحلم ببيت صغير، بل كل السوريين حلمهم الذي لا يبدو له أفقاً واضحاً، كما يقولون في ظل تشابك الحلول وكثرة العقد التي تكتنف الملف السوري التي تحول دون عودة الاستقرار ومن ثم تحقيق الأحلام.