بلدي نيوز - (ليلى حامد)
غيّرت العائلات السورية الكثير من تقاليدها وعاداتها، فللحرب آثارها التي خيّمت منذ سبع سنواتٍ، وتفاوتت الآراء بين من يرى في التغيير خيراً، ومن يجده شؤماً، ولكلٍّ وجهته التي استمدها من خلال تجربته الشخصية، ومما سمع أو شاهد على أرض الواقع.
"الرجال عملةٌ نادرة"؛ عبارة تقولها سمية (25 عاما)، ترفض الزواج ممن تقدموا لها، كما تقول لبلدي نيوز، وحجتها أنّ الرجولة شيءٌ عزيزٌ ويكاد يكون نادراً.
وتضيف سمية "أرفض الزواج بالطريقة التقليدية وأن يتقدم لي شابٌ أعزب أو متزوج، فقط من أجل الإنجاب أو البقاء. نعم تلك حاجة إنسانية، لكن بتنا نحن النساء أداةً وظيفية، تقوم بدور الطاهية والمربية لأولاد ليسوا من رحمها".
على عكس "سمية"، تؤكد نيفين (20 عاما) طالبة في كلية الشريعة، بجامعة دمشق، لبلدي نيوز، أنّ الثورة غيرت تقاليد الأسر في الزواج إلى الأحسن، ويكفي بحسب وصفها، التخلي عن المتطلبات التعجيزية التي أرهقت الشباب، فكانت حجر عثرة وشرط قبولهم به، اتباعاً لمبدأ "إذا بدك ما تزوج بنتك ارفع مهرها".
وتضيف نيفين "القبول بالقليل أو التنازل عن المهر بصورةٍ نهائية، ليس مطلباً شرعياً، بل إنّ الله تعالى قال في القرآن الكريم (وآتوا النساء صدُقاتِهنّ نِحلة)".
محمد عبيد (35 عاما)، يعيش في تركيا بعد أن انشق عن قوات النظام، يقول لبلدي نيوز، بسخرية "انشقت عني أسرة خطيبتي، ورفض والدها القبول بي بعد حبٍّ زاد عن العامين، حجته أني أملك منزلاً في قدسيا غربي دمشق، وهذا يختلف مع طموحه في تزويجها من شابٍ يفترض أن تسكن معه إلى جوار أهلها شرقي حي المهاجرين وسط العاصمة".
ويكمل عبيد "توافق والدها وأمها على الشرط، مع سكوتها دون مبرر كان قاتلاً".
بدوره، يقول الدكتور محمد الشيخ، الباحث الاجتماعي، المقيم في العاصمة دمشق، لبلدي نيوز، إنّ "عادات الزواج قبل الثورة كانت أقرب إلى التعجيز، وتحديداً في محافظتي حلب ودمشق".
ويجزم عبيد بأنّ عزوف الشباب في وقتها، كان غلاء المهور، و"لمّا انتفى هذا السبب صار الأمر يسيراً، وشهدنا إقبالا من الشباب على الزواج في بعض المناطق، لتنحسر تدريجياً في مناطق أخرى بفعل انخفاض نسبة الشباب الذكور أمام الإناث، وإن لم تكن ثمة إحصائية دقيقة لأعداد المتزوجين، أو حتى مقارنة بين نسبتي الجنسين".
ويكمل "من جملة العادات التي تغيرت لدى الأسرة السورية، رفض الزوجة لوجود نظيرةٍ لها، في حين بات خطباء المساجد يحثون الشباب والرجال المقتدرين ويدفعونهم للاقتران بالثالثة والرابعة، باعتباره سبيلاً يحقق مقصد الشريعة، وصيانةً للمجتمع عن السقوط في أوحال الرذيلة".
ويؤكد الدكتور الشيخ أن "العائلة السورية كانت تعيش ضمن جزرٍ منعزلة، داخل طبقات اجتماعية منكفئة على نفسها، يحرم على بعضها الاقتراب من بعض، إلا في حالاتٍ نادرة".
مشهدٌ درامي تطور تدريجياً، من التعقيد إلى الحلول السريعة، ضمن إطارٍ غير مدروس، وعلى شاكلة "رد فعلٍ على معضلة سابقة"، لطرد شبح العنوسة، أو للخلاص من همِّ الفتاة وإلقاء الثقل على عاتق الزوج، وأسرته؛ ما يعني أن تغيراً جذرياً حدث في تقاليد الأسرة السورية فيما يتعلق بملف الزواج، والمؤسف؛ غياب إطارٍ ضابط لذلك التغيير.