بلدي نيوز - (شحود جدوع)
عقب الاجتماع الذي عقد في العاصمة الإيرانية طهران والذي حضره رؤساء الدول الثلاثة المعنية بشكل مباشر في القضية السورية (روسيا وتركيا وإيران)، ظهر وبشكل جلي تباين وجهات النظر والاختلاف الكبير بين الجانبين التركي والروسي، بينما شهدت القمة تناغماً وتوافقاً بين الجانبين التركي والإيراني.
التوافق الإيراني لا يمكن القول إنه تطابق تام بل هو نجاح تركي في ترحيل المشاكل مع إيران، بعد تنفيذ اتفاق بلدتي كفريا والفوعة، والحاجة الإيرانية الملحة للتهدئة على جبهات نبل والزهراء شمال غرب حلب والواقعتين على تماس مباشر مع مناطق المعارضة التي قبلت بالضامن التركي.
أما الخلاف الروسي التركي الذي ظهر جلياً في المؤتمر ونُقِل بشكل مباشر على شاشات التلفزة، والذي كان فحواه خلاف الرؤيتين الروسية والتركية لمستقبل المناطق المحررة شمالي سوريا؛ فتركيا أرادت وقفاً شاملاً لإطلاق النار والبدء بتهدئة، بينما روسيا أرادت أن يتم الأمر على غرار "المصالحات" التي أنجزتها بالقوة المفرطة شمالي حمص وجنوبي العاصمة ودرعا والقنيطرة.
الخلاف بين الروس والأتراك، أتاح للنظام فرصة متابعة إجرامه بضوء أخضر من قبل "ضامنه" الروسي الذي شارك أيضاً بشكل مباشر في القصف على المناطق المحررة بذرائع واهية اختلقها لتبرير القصف.
على الأرض استمر النظام والروس بالقصف الجوي والصاروخي، وشمل مناطق في حماة الشمالي والغربي وريفي إدلب الجنوبي والشرقي وريف اللاذقية الشمالي، وتسبب باستشهاد وإصابة عشرات المدنيين، بالإضافة إلى نزوح 30 ألف مدني حسب إحصائيات الأمم المتحدة.
بالتزامن مع استمرار النظام والروس بالتصعيد في شمالي غربي سوريا، ربط المسؤولون الأتراك أمن محافظة إدلب بأمن بلادهم، وحذروا في أكثر من مناسبة من الكارثة الإنسانية التي قد تطال أكثر من أربعة ملايين من سكان المناطق المحررة والتلويح بأزمة مهاجرين جديدة قد تطال دول أوروبا، بالتزامن مع استمرار تركيا بإرسال تعزيزات عسكرية ولوجستية لنقاط المراقبة التركية في أرياف حلب وحماة وإدلب، ونقل المئات من الأسلحة والمدرعات إلى الحدود السورية التركية المواجهة للمناطق المحررة، ورفع الجاهزية من قبل فصائل المعارضة المدعومة تركياً، والتلويح بفتح العديد من الجبهات في حال فكرت روسيا ومن خلفها نظام الأسد على التقدم نحو المناطق المحررة.
ومما لا شك فيه أن المظاهرات التي خرجت في المناطق المحررة وتزامنت مع عقد اجتماع طهران، رجحت شرعية المطالب التركية، خاصة أن المظاهرات طالبت بتمكين تفعيل الدور التركي في المناطق المحررة والإصرار على المقاومة كخيار وحيد للبقاء مما رفع من عزيمة الشارع الذي كان مشوشاً بين التهديدات والتصريحات الإعلامية للنظام والروس.
وعلى ضوء العرض السابق؛ فإن فشل النظام والروس في إحداث خلل أو ثغرة في المناطق المحررة بعد الحملة الجوية العنيفة التي طالتها والتي ترافقت مع قصف مدفعي وصاروخي والتماسك في خطوط التماس من جانب المعارضة، سيجبر إلى حد كبير روسيا والنظام للخضوع إلى المطلب التركي بالاتفاق على وقف إطلاق نار شامل وطويل الأمد في معظم الأراضي المحررة.