بلدي نيوز
أجبرت قسوة الحرب في سوريا والغارات التي لا ترحم كل من له مهارة ما على تقديمها للتقليل من الضحايا، خاصة وسط المدنيين، وظهرت إبداعات عديدة لم تتحدث عنها وسائل الإعلام كثيرا.
فقد كان السوريون المدنيون يستخدمون أجهزة "ووكي توكي" للتحذير من الطائرات المغيرة، كما طوّرت فرق الإنقاذ المزيد من الأساليب لتحرير المصابين وغير المصابين من تحت الركام. وفي المستشفيات طوّر الأطباء حلولا لمشكلة انقطاعات التيار الكهربائي وانعدام الأدوية، حسب صحيفة واشنطن بوست.
وفي 2016 توصل فريق من مطوّري البرامج بالحاسوب إلى وسيلة للربط بين كل هذه الجهود، وكانت النتيجة تصميم "نظام هلا" الذي اشتهر وسط كثير من السوريين باسم النظام الحارس.
و"نظام هلا" بإمكانه كسب دقائق حاسمة للسكان للعثور على مكان آمن عندما تكون الطائرات المغيرة في طريقها إليهم.
يقول صاحب المبادرة لتصميم "نظام هلا" الأميركي ديفد ليفين إنهم استهدفوا إعاقة الحرب حتى ولو بطرق صغيرة "كانت فكرة مجنونة، لكننا رأينا أنه ليس من الأخلاق ألا نخضعها للتجربة".
وأنشأ ليفين العملية مع دبلوماسي أميركي سابق اسمه جون جيغر، ومساعد من المنطقة، ومشفِّر حاسوب سوري طلب عدم ذكر اسمه، وموّلت المشروع حكومات غربية ومانحون وأصدقاء وإحدى الأسر.
في البداية كان الفريق الفني بحاجة لشبكة بشرية من الراصدين للطائرات المغيرة ممن يعيشون قرب القواعد الجوية الروسية والسورية وآخرين في قلب المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة. ونجح في الحصول عليها تدريجيا من المعلمين والمهندسين وحتى المزارعين.
ويقوم هؤلاء الراصدون المتطوعون المزودون بتطبيق بسيط على الهاتف الذكي بمراقبة السماء لفترة دوام تستغرق ثماني ساعات لكل واحد ونشر معلومات عن مكان الطائرات ووجهتها، ونوعها إذا كان ذلك ممكنا.
وتقوم مجسات حساسة مركبة بأعالي الأشجار وسطوح المباني العالية بتدقيق هذه المعلومات عن بعد ببيانات صوتية تكميلية تجمعها وتستخدمها لتحديد السرعة وموديل الطائرة المغيرة.
وبعد ثوان يقارن نظام هلا المعلومات الجديدة مع تلك المخزنة في أوقات سابقة وبحساب احتمالات الهدف الذي ستضربه الطائرة والوقت المتوقع.
ومن ثم تُبث هذه التوقعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تشتعل التحذيرات على الشبكة.
وعندما تقترب الطائرة، تدوي صافرات الإنذار في الشوارع ويهب الآباء لأخذ أطفالهم إلى الأقبية. وفي المستشفيات تتلألأ أضواء محددة لتنبيه الأطباء بالاستعداد لموجة من المصابين.
وتشير تحليلات أولية إلى أن هذه التقنية قد أنقذت مئات الأرواح من القتل والآلاف من الإصابات.
فعندما كانت الطائرات الروسية تدك الغوطة الشرقية هذا العام، كان السكان ينظمون حياتهم وفقا لتحذيرات هلا. ويقول أحد السكان السابقين إن هذا النظام كان أملهم الوحيد الذي تبقى لهم.
في الرابع من نيسان العام الماضي، التقط الراصد محمود الحسنا إشارة راديو بين طيار ومركز قيادة على جهازه الـ"ووكي توكي" وبثها على شبكة هلا لتحدث تأثيرا صادما لدى المتصلين بالشبكة. وظل الحسنا يلاحق قائد السرب لأشهر وعلم تماما أن هذه الطائرات تنفذ نوعا واحدا من المهمات.
وقُتل الحسنا في مايو/أيار الماضي ببلدته كفرنبل بمحافظة إدلب، لكن تطبيقه ظل يعمل ويرسل التحذيرات لأعضاء الشبكة مثلما كان يعمل قبل مقتله.
في اليوم التالي لمقتل الحسنا، وجدت زوجته ابنهما ذي السبع سنوات على مقعد والده. لقد كان يراقب والده لسنوات أثناء استخدامه الـ"ووكي توكي" وكذلك "نظام هلا". لذلك كلما بدأت طائرة تظهر على الأفق، كان الطفل يعرف ما يجب عليه عمله بأن يعثر على التطبيق على هاتف والده وينشر التحذير.
المصدر: الجزيرة نت