بلدي نيوز – (خاص)
أعلن رئيس المكتب السياسي في جيش الإسلام "محمد علوش" استقالته من منصبه، اليوم الخميس، من خلال بيان نشره على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".
وقال علوش في بيان الاستقالة "تشرفت بخدمتكم منذ تأسيس سرية الإسلام إلى الآن طيلة سنوات عديدة، عملت معكم في خدمة الثورة وخدمة إخواني في جيش الإسلام، كنت مكلفا بكثير من المهام وبعد العمل الدؤوب لإبراز قضيتنا العادلة وثورتنا المباركة في شتى المحافل السياسية، وما اعترى ذلك من جولات في ميدان الكفاح، أعلن استقالتي".
واعتبر "علوش" أن استقالته جاءت لـ"قناعته بوجوب فسح المجال أمام الطاقات الجديدة لتأخذ دورها في العمل الثوري والسياسي، ولتستلم المهام التي كان يقوم بها".
وختم بيانه قائلا "أرجو التفضل بقبولها وأؤكد أنني سأبقى جندياً في صفوف الثورة فاعلاً في خدمتها"، حسب قوله.
وتأتي استقالة علوش بعد إبرامه اتفاقا مع روسيا يقضي بخروج "جيش الإسلام" من الغوطة الشرقية نحو الشمال السوري، تنفيذاً لاتفاق التهجير القسري قبل نحو شهر.
من هو "جيش الإسلام"؟
بعد المجازر التي ارتكبتها عناصر قوات النظام بحق المدنيين في الغوطة الشرقية أثناء خروجهم بالمظاهرات السلمية ومنها بالتحديد مدينة "دوما"، شكلَ "زهران علوش" القائد السابق للجيش مجموعة باسم "سرية الإسلام" في عام 2011، ومع تحول المظاهرات إلى العمل المسلح ازداد أعداد المنضمين من شباب الثورة إلى السرية التي شكلها "علوش"، ووقتها قررَ "علوش" تغيير اسم التشكيل إلى "لواء الإسلام"، وذلك في مطلع عام 2012، وانضم بعد ذلك عدد من الفصائل العسكرية في الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي والشمال السوري إلى اللواء، ليضم أكثر من 60 كتيبة.
وفي مطلع عام 2013 قرر "زهران علوش" تشكيل فصيل "جيش الإسلام" بالتنسيق مع صديقه المقرب "محمد علوش"، والذي كان يوفر الدعم المادي للجيش، وانطلق منذ ذلك الوقت جيش الإسلام في عمليات عسكرية ضد النظام، وصد محاولات تقدم للنظام على عدّة جبهات في الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي.
ويعتبر الجيش من أكبر الفصائل العسكرية في منطقة الغوطة الشرقية وريف دمشق، وذلك بعد الاندماجات العسكرية الكبيرة، ومنذ تاريخ التشكيل بدأ الجيش بعدّة عمليات عسكرية في الغوطة الشرقية والقلمون ضد قوات النظام والميليشيات المساندة لها، ومن أهم المعارك التي قام بها معركة "الله غالب" في منطقة عدرا بريف دمشق، حيث سيطر خلالها على عدّة مواقع للنظام ومنها "قيادة الأركان الاحتياطية والسيطرة على الأنفاق المخدمة لها، وكتيبة المدفعية، ونقطة كازية الأمان بالله، وحاجز شركة جاك، ونقاط تلة نمر كاملة، وحاجز شركة الخرساني، وتجمع شركة بيجو وليفان، وحاجز شركة قاسيون، وقطاع حبق، ومباني مؤسسة العمران، ومستودعات الإسمنت العسكرية، ومكسرة رياض شاليش، ومجابل ذو الهمة، ووحدة المياه، وحاجز شركة جيمس، ونقاط كازية رحمة، وشركة الكهرباء، والإدارة العامة للبناء، وتجمع أبنية الخبراء الروس، وفرع الأمن العسكري كاملاً، وكتلة الأشغال العسكرية، وحاجز شركة شيري، وحاجز السكر، وبرج العظم بالإضافة لبعض المراصد".
في 25 كانون الأول عام 2015، قُتل قائد "جيش الإسلام" زهران علوش رفقة عدد من عناصره بغارة جوية روسية على مقر اجتماع لهم في الغوطة الشرقية بريف دمشق، ليلقي على عاتق صديقه "محمد علوش" والذي كان يشغل دوراً بارزاً في الدعم السياسي والإعلامي لجيش الإسلام مهمة توجيه الجيش سياسياً وعسكرياً بعد مقتل "زهران".
أدوار محمد علوش ومصير جيش الإسلام
شارك "محمد علوش" في عدّة مؤتمرات للثورة السورية، منها مؤتمر "الإنقاذ" ومؤتمر "الرياض" وشارك بهما باسم جيش الإسلام، ليصبحَ بعدها عضواً في الهيئة التفاوضية قبل أن تختاره قوى المعارضة كبيراً للمفاوضين، وفي عام 2017، ترأس علوش وفد الفصائل السورية المعارضة في المفاوضات السورية بين المعارضة والنظام برعاية روسية تركية وحضور أميركي وإيراني في "أستانا".
ومع انطلاق عمليات التهجير والتغيير الديموغرافي من قبل النظام وبدعم من إيران وروسيا، بالتزامن مع الحصار المحكم على الغوطة الشرقية، خرجَ ثوار وأهالي داريا ومعضمية الشام ووادي بردى من مدنهم بعد 4 سنوات من الحصار والقتل، وذلك بعد اتفاق مع النظام خلال الحملة الجوية العسكرية بدعم من الروسية عليها، وخذلان المدن من قبل الفصائل القريبة منها، ومن ثم بدأت عمليات تهجير مدن وبلدات الغوطة الشرقية واحدةً تلو الأخرى.
أطلق النظام خلال عام 2017 – 2018 عمليات عسكرية كبيرة على مناطق الغوطة الشرقية، وذلك في محاولة التقدم والسيطرة، باءت خلالها جلّ المحاولات بالفشل، إضافة لمقتل الآلاف وتدمير مئات العربات العسكرية له، ومع حملات القصف المكثفة والمجازر، توصل فصيل "أحرار الشام" في حرستا لاتفاق مع النظام للخروج من المدينة إلى الشمال السوري المحرر، وكانت أول مدينة تهجر من الغوطة الشرقية، ومع ازدياد المجازر والحملات الجوية من طيران النظام وحليفه الروسي، بالتزامن مع التقدم برياً، اتفقت عدّة مناطق من الغوطة على التسليم وذلك برعاية روسية، ومنها فصيل "جيش الإسلام" العامل في منطقة دوما مع تسليم كامل العتاد الثقيل "مجنزرات وآليات عسكرية ودبابات".
وبعد مضيّ وقت على وصول "جيش الإسلام" إلى مدينة جرابلس بريف حلب الشمالي، أعلن "محمد علوش" استقالته من الجيش، وبررَ ذلك بوجوب فسح المجال أمام الطاقات الجديدة لتأخذ دورها في العمل الثوري والسياسي، ولتستلم المهام التي كان يقوم بها، وفق قوله.
وعن الموضوع قال الصحفي السوري "حسام محمد" لبلدي نيوز "من وجهة نظري الخاصة، أرى أن محمد علوش، أنهى الوظيفة الحقيقية التي كان يترأسها، وهي منع أي أعمال عسكرية تستهدف العاصمة دمشق، من قبل الجيش السوري الحر، وقد فعل جيش الإسلام ذلك لسنوات، وإعلان استقالة علوش في هذا الوقت، جاء لأن المهمة قد أنجزت، وجيش الإسلام بات خارج التأثير العسكري، وهنا المقصود بالتأثير دمشق".
وأضاف: "لا أعتقد أن علوش سيعتزل المناصب، بل أتوقع توجهه نحو ملفات أخرى، قد تكون سياسية أو ما شابه، والاستقالة لا يمكن وسمها بهذا الوسم، بل أرى فيها هروبا ما قبل المحاسبة، وحصد النتائج الايجابية، والهروب من كل ما هو دون ذلك".
وأشار "محمد" إلى أن "استقالة علوش، تؤكد بأن الثورة السورية تعرضت لخناجر كثيرة، كان ثمنها دماء سوريين، ومناطق تسلمتها إيران، ومدنيون بات اسمهم لاجئون اليوم".
وعن انتهاء "جيش الإسلام" فعلياً بعد وصوله إلى جرابلس، قال الصحفي "محمد": "لا أعتقد أن جيش الإسلام سيزول حاليا، بل كل ما يجري هو تحجيم له، فقوته الكبيرة التي كان يملكها لم تعد كذلك، ومع وصوله للشمال يعني أن الكثير من مقاتليه سيغادرون لأوروبا أو دول الجوار، أو سيرحلون عنه على أقل تقدير".