بلدي نيوز - (عبدالعزيز الخليفة)
عرضت روسيا على مقاتلي المعارضة السورية المسلحة، أمس الثلاثاء، "الخروج الآمن" من الغوطة الشرقية المحاصرة من قبل قوات النظام بريف دمشق، وذلك في اتفاق سيجعل المعارضة تتخلى عن الغوطة الشرقية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، إنه يمكن لمقاتلي المعارضة الخروج مع أسرهم وأسلحتهم الشخصية عبر ممر آمن من الجيب الذي تتقدم في قوات النظام، ولم يحدد الاقتراح الروسي إلى أي مكان سيذهب مقاتلو المعارضة لكنه يعيد إلى الأذهان اتفاق حلب ومناطق سوريا أخرى هجر فيها أهلها باتجاه إدلب ومناطق شمالي سوريا.
والغوطة آخر معقل كبير للمعارضة قرب دمشق، وإحدى مناطق "خفض التوتر"، التي تمّ الاتفاق عليها في محادثات العاصمة الكازاخية أستانا عام 2017، وتحاصر قوات النظام نحو 400 ألف مدني في المنطقة، منذ أواخر 2012، حيث تمنع دخول المواد الغذائية والمستلزمات الطبية لهم، وبموافقة روسيا، تبنى المجلس بالإجماع قراراً في 24 شباط/فبراير يطالب بوقف لإطلاق النار لمدة 30 يوماً للسماح بدخول المساعدات الإنسانية وعمليات إجلاء المرضى والجرحى.
وأسفرت حملة النظام المستمرة منذ 19 شباط/فبراير الماضي، ورغم قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2401 الذي ينص على فرض هدنة لشهر في سوريا، إلى استشهاد أكثر من 800 مدني، ونزوح آلاف المدنيين من بلدات المرج وهي (أوتايا، والنشابية، وحزرما، وحوش الصالحية، وبيت نايم، وتل النشابية، والقاسمية، والزريقية)، بالإضافة إلى بلدات ريف دوما وهي (حوش الضواهرة ، والشيفونية، والريحان)، كما شهدت بلدة الأشعري نزوحاً كبيراً للمدنيين حيث توجهوا نحو قطاع دوما والقطاع الأوسط بعد سيطرة قوات النظام على منطقة المرج بالكامل وتقدمها باتجاه فوج الشيفونية والأشعري.
وعن العرض الروسي، قال الناطق باسم فيلق الرحمن، وائل علوان، إن موسكو تخالف قرار مجلس الأمن بالاستمرار بالحملة العسكرية على الغوطة الشرقية وتصر على تهجير أهلها.
وأضاف علوان في تصريح لبلدي نيوز، إن موسكو تشارك قوات النظام والميليشيات الإيرانية الهجوم على الغوطة، وأبلغت قافلة المساعدات الأممية التي دخلت الغوطة الاثنين عن طريق الروس بالخروج قبل اتمام إنزال حمولتها لقصف المنطقة، مشيرا إلى أن المنطقة تعرضت لقصف بالكيميائي من النظام عقب مغادرة الوفد الأممي بقليل للغوطة، في إشارة لقصف بلدة حمورية.
وشدد المتحدث باسم فيلق الرحمن وهو من أبرز الفصائل المقاتلة في الغوطة الشرقية، على أن إصرار روسيا على التهجير القسري يعتبر جريمة لا يمكن السكوت عنها.
بدوره، اعتبر الباحث في الشأن السوري مجدي نعمة في حديثه لبلدي نيوز، أن الحسم العسكري لصالح النظام هو هدف الروس منذ بداية تدخلها في سوريا وحتى الآن، والحل السياسي من خلال المفاوضات والمؤتمرات والقنوات السياسية والدبلوماسية التي سلكها الروس كان هدفه المناورة، وكسب عامل الوقت لتحقيق الحسم العسكري.
ولفت "نعمة"، وهو المتحدث السابق باسم جيش الإسلام، أكبر فصائل المعارضة بالغوطة الشرقية، إلى أنه من الطبيعي أن النظام ومن خلفه الروس يتمنون تطبيق سيناريو حلب في الغوطة، مشددا على أن إمكانية تطبيقه متعلق بناحيتين، سياسية وعسكرية، فمن الناحية السياسية؛ تختلف قوتان كبيرتان على سوريا، روسيا تعمل على احتلال المناطق السورية وتهجير سكانها وهذا أفضل سيناريو بالنسبة لها، ولكن على صعيد آخر لم يمكن تجاهل الدور الأمريكي المحتمل بتوجيه ضربة عسكرية جديدة للنظام، وكما تتوارد الأنباء من بعض المطلعين بأن الولايات المتحدة جادة بدراسة الموضوع، لذلك لا يمكن القطع بالنتيجة على الصعيد السياسي، التي تجعل الاحتمالين واردين.
وذكر أنه بالنسبة للناحية العسكرية؛ فالأمر غاية في التعقيد، الفصائل العسكرية المتمركزة داخل الغوطة الشرقية شيدت خطوطا دفاعية احترافية استطاعت من خلالها إيقاف حملات عسكرية "جدية" للنظام السوري وحلفائه خلال السنتين الأخيرتين وكبدته خسائر في المعدات والأرواح، ولكن -خلافا للتوقعات-استطاع النظام السوري مؤخراً تجاوز هذه الخطوط الدفاعية وبدأ باحتلال مناطق كانت خارج سيطرته عبر استخدام قوة نارية كثيفة بمساندة الروس، كما واستعادت الفصائل بعض هذه المناطق، وهذا ما يجعل الحكم على النتيجة العسكرية مبكراً، وخاصة أن الفصائل العسكرية المتمركزة في الغوطة تعرضت في أوقات سابقة لحملات مشابهة واستطاعت إيقافها.
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، ياسر بدوي، أن العرض الروسي على المعارضة في الغوطة الشرقية هو محاولة لتكرار سيناريو حلب، من خلال التوصل إلى اتفاق يفضي إلى مصالحات وترحيل البقية كما حصل في حلب.
وشدد على بدوي في تصريحه لبلدي نيوز، أن هناك فارقا كبيرا بين الغوطة وحلب، حيث لا يوجد قرار دولي بتسليم الغوطة، إضافة إلى أن المساحة الجغرافية كبيرة ويتحصن فيها الثوار بشكل جيد وهي عامل مساعد لهم، ونوعية المقاتلين والفصائل الموجودة هناك مختلفة عن الفصائل التي كانت توجد في حلب، لافتا إلى أن ولاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شارفت على النهاية والانتخابات الرئاسية الروسية باتت "قريبة جدا"، معبرا عن اعتقاده أن الحملة العسكرية سوف تنخفض عقبها.