بلدي نيوز – (كنان سلطان)
وصل الرئيس الروسي "بوتين" في جولة للشرق الأوسط، "منتشيا" بما حققته قواته "الفضائية الجوية" كما يحلو للروس تسميتها، إلى جانب القوات البرية في سوريا على مدار سنتين، يحمل في جعبته رسائل وحلولاً، يتنقل بها بين الدول صاحبة الشراكة، في تحديد مصير سورية، التي يتزعمها رئيس لم يعد للعرف الدبلوماسي أية قيمة لديه، وهذا ليس خياره، بعد أن بات برتبة "شرطي"، لا يحق له المشاركة حتى بالسير إلى جانب "بوتين" وفق العرف البروتوكولي.
بعد أسابيع قليلة على استدعاء "بوتين" لـ "بشار الأسد" إلى روسيا، في زيارة لم تدم سوى ساعات قليلة، انطلق بها من قاعدة "حميميم" في الساحل السوري، التي تحولت لقاعدة عسكرية روسية، يختار مجددا "بوتين" أن تحط طائرته في "حميميم"، يكون في استقباله وزير دفاعه وبشار الأسد، إذ تصر روسيا على اعتبار هذه القاعدة أرضاً روسية.
ومرة أخرى يستقبل "بوتين" على سلم طائرته ضابط روسي، وليس من ضباط بشار الذي يبدو وحيدا دونما حاشية ولا مرافقة، لتأكد روسيا على أنها هي من تتسيد المشهد.
يقضي "بوتين" وقتاً قصيراً في "قاعدته" في الساحل السوري، ثم يمضي إلى القاهرة للقاء "السيسي"، الذي يقول إنه و"بوتين" بحثا سبل الحل في سوريا، في الوقت الذي اكتفى فيه "بشار الأسد" بالاستماع للتعليمات الجديدة المتعلقة بالمرحلة القادمة، يمليها عليه الروس في "حميميم"، ونال شرف مرافقة بوتين خلال كلمته للجند الروس في القاعدة.
بعيدا عن الحالة الهزيلة التي بدا عليها "بشار الأسد"، فإن "بوتين" خلال زيارته للشرق الأوسط، يبعث برسائل للعالم، تقول بأن روسيا هي من تنتج الحل، وهي من توزع مناطق النفوذ.
المعارض السوري (وليد البني) يقول إن روسيا تقول إنها الوحيدة القادرة على فرض الحل في سوريا، ويرى (البني) بأن زيارة "بوتين" هذه إلى قاعدة "حميميم" هي تأكيد على السطوة الروسية.
وأكد المعارض السوري في حديثه، بأن سوريا لن تقسم، وستبقى أرضا واحدة، وبأن إيران سينتهي وجودها على الأرض السورية مع أي حل قادم، وبالتالي سينتهي هذا الوجود سياسياً وعسكرياً.
ونقلت بعض وسائل الإعلام عن "بوتين" قوله لـ "بشار الأسد"، إنه يأمل بأن يكون بالإمكان بدء عمل المؤتمر السوري للحوار الوطني، وإنه سيبحث الأمر خلال اجتماعاته المقبلة مع رئيسي مصر وتركيا، وهنا ثمة إصرار روسي على المضي في تسويق رؤيتها للحل، وفرضه على النظام وحلفاؤه.
ويرى مراقبون بأن ثمة دلالة بالغة الأهمية، على أن يكون الروس قد اتخذوا من "حميميم" قاعدة لهم، في الساحل السوري، وذلك له أبعاد سياسية واقتصادية بالغة الخطورة على الحالة السورية مستقبلا، يرسخها تعهد النظام منح قاعدتين لروسيا في الساحل السوري لقاء دفاعها عنه.
وتنص الاتفاقية التي تدخلت روسيا بموجبها في حرب النظام على السوريين، على استخدام روسيا لقاعدة "حميميم" دون أي مقابل، واعتبار كل الممتلكات المنقولة والأجهزة والبنية التحتية في هذه القاعدة ملكية فدرالية روسيا، كما يحق للعاملين الروس الدخول والخروج إلى سوريا دون خضوع للتفتيش.
ومن بنود الاتفاق أيضا؛ حصانة لأفراد القوات الروسية من القضاء المدني والإداري في سوريا، وإعفاؤهم من أي متابعة أو مساءلة قانونية، ولعل الأمر الأكثر أهمية؛ هو أن لا يسمح للجهات السورية بالدخول إلى "حميميم" دون إذن مسبق، في اتفاق لم تحدد مدته.
وعلى الرغم من إعطاء "بوتين" أوامره للقوات الروسية ببدء الانسحاب إلى قواعدها الدائمة في روسيا، إلا إن روسيا ستحتفظ بقاعدة "حميميم" الجوية الروسية في اللاذقية، ومنشأة بحرية في طرطوس بشكل دائم، وهذا مؤشر إضافي على رغبة روسيا في احتلال الساحل السوري، وقرارها في البدء بإعادة الفائض من قواتها ما هو إلا إخلاء مناطق لاحتلالات أخرى ترى روسيا بأنها ليست بحاجة للبقاء فيها، وكمثال على ذلك مناطق للنفوذ الإيراني.