بلدي نيوز- (خاص)
يلاحظ المتابع للوضع السوري والوضع في المناطق التي تنتشر فيها إيران عموما، أن موضوع زراعة وصناعة والاتجار بالمخدرات، وما يرتبط بها من أعمال ينتعش بشدة في المناطق التي تدخلها وتستطيع الاستقرار فيها، بحيث تحول العديد من الأراضي مباشرة إلى مزارع لأنواع النباتات الأساسية لتصنيع المواد المخدرة، سواء الحشيش أو الخشاش أو أي مادة أخرى تفيد في الاتجار بها بهدف النشوة، مثل "القات" الذي ينتشر في اليمن وغيره.
حيث ترتبط الميليشيات الايرانية ارتباطا وثيقاً بكل ما يرتبط بهذه المواد وتجارتها، وطرق تهريبها والعمل بها، فهي تعتبر بداية أحد مصادر الدخل والتمويل الأساسي لها خلال الفترة الماضية، ويعود النشاط الايراني في هذا المجال إلى اللحظات الأولى لسيطرة نظام الملالي على إيران، وهو أحد الطرق التي تستخدمها لمد أذرعها عبر الدول المختلفة، وهي أحد أسلحتها المهمة ضد خصومها.
فعملية زراعة وتصنيع والاتجار بالمخدرات (في الظروف العادية)هي عملية طويلة ومعقدة، وبحاجة لشبكة كبيرة وواسعة من الأشخاص المختلفين في مواقع مختلفة، يؤدي كل منهم دوراً معينا في هذه العملية حتى تنجح وتكون ذات مردودية مفيدة.
حيث استفادت إيران من الوضع الذهبي لها بعد 2003 وسقوط العراق، واستخدمت نفوذها وميليشياتها لبناء طريق تهريب للمخدرات عبر العراق فسوريا، وصولاً إلى دول الخليج (المستهدفة) وأوروبا وأفريقيا، حمل هذا الطريق والذي (يعتبر النواة الأساسية للطريق الاستراتيجي الذي تبنيه إيران حالياً من طهران إلى البحر المتوسط) جميع أنواع المخدرات، بتسهيلات كبيرة من اتباعها في البلدين، والمنتمين للميليشيات الشيعية ونظام الأسد والمسيطرين على أجهزة حكومية كاملة، حيث كان هذا الجزء من خط التهريب يعتبر آمناً ولا مشاكل فيه لتجارتها، لتبداً العملية الحقيقية بعد المرور عبر نظام الأسد، الذي يعرف القاصي والداني أن عائلة الأسد من المتورطين بشكل مباشر في هذه التجارة، وهي إلى جانب الآثار والفساد الكبير أحد مصادر ثروتهم الهائلة غير المبررة (كذلك كانت تمر منتجات حزب الله المخدرة التي يصنعها في لبنان عبر سوريا، والتي ادعى لعقود أنه "مضطر" للتعامل بها لأنه يستخدمها لرشوة واصطياد الجنود الإسرائيليين!).
بعد 2011 أصبح الأمر أكثر إلحاحاً على إيران، فهي التي تورطت في الحرب بشكل كبير، فبعد أن كانت المخدرات التي عملت على نشرها في جميع الدول التي تستهدفها بشكل مباشر بكثافة، وخفضت أسعارها لتسهيل تدمير المجتمعات، أصبح الأمر بالنسبة لها ليس مجرد عملية هندسة اجتماعية عقائدية بهدف إحداث تغيير اجتماعي- عقائدي طويل الامد، بل مصدراً ضرورياً للأموال لعملية تسليح وتجهيز عناصرها المنخرطين هذه المرة بشكل مباشر في معركة مباشرة في سوريا.
الأمر الذي ساهم في تسريع استثمار ايران في المناطق التي تسيطر عليها في سوريا في انتاج المخدرات، ضمن عملية تشمل الزراعة والانتاج والتجارة سواء الداخلية أو الخارجية.
فاستغلت ايران "الخبرة الكبيرة" لعناصرها من الإيران والافغان، وخاصة عناصر الهازارا المشهورين بزراعة الخشخاش وزراعة الحشيش، من أجل زراعتهما وانتاج المواد المخدرة المختلفة منهما.
حيث حولت إيران الكثير من المناطق الزراعية في الكثير من المناطق المحيطة بمعسكرات الافغان إلى مناطق لزراعة المخدرات، وتستغل عناصر هذه الميليشيات للاهتمام بها، وتعتبرها قسماً من مكافاتهم المالية، وطريقا لتمويل معاركهم في سوريا.
الامر لا يتوقف عند ذلك، فايران تستخدم سلاح المخدرات في المناطق المحررة بهدف تجنيد شبكات العملاء، الذين تبدأ معهم بتجارة المخدرات، ثم تعمل على توريطهم في أمور أخرى مثل التجسس وزرع العبوات الناسفة وعمليات الاغتيالات والاختطاف، حيث دائماً ما ترافق ضبط أي عناصر تابعين للنظام في المناطق المحررة، بكشف علاقتهم بشبكة تجارة المخدرات التي تديرها إيران في المناطق المحررة ومناطق النظام، والتي تستهدف خلق العملاء واختراق المجتمع وتدميره وتنفيذ العمليات المختلفة، إضافة لأثرها الاجتماعي الكبير، والذي تستثمره إيران منذ عقود وتسعى عبره حالياً لمنع حدوث أي استقرار في المناطق المحررة، والعمل على توتير الوضع فيها دائماً لمنع بروز أي تجربة تحررية في أي منطقة محررة في سوريا تمثل تهديداً على مشروعها الكبير الذي تعتبر المخدرات إحدى ركائزه الأساسية، التي نادراً ما يتكلم أحد عنها.