بلدي نيوز – (منى علي)
قال المبعوث الدولي إلى سوريا؛ ستافان دي ميستورا؛ أمس الأربعاء، إنه قد يستأنف مفاوضات السلام بين نظام الأسد والمعارضة في جنيف في تموز/ يوليو المقبل، وإن ذلك يعتمد على مدى ما يتحقق من تقدم في تشكيل مناطق "خفض التصعيد".
وبربطه الموعد بتطورات اتفاق "خفض التصعيد"، يكون دي مستورا قد جعل من مفاوضات "جنيف" الأممية التي يقودها؛ تابعاً لمفاوضات "أستانا" التي أطلقتها روسيا حليفة الأسد الأبرز للالتفاف على الرعاية الدولية لمفاوضات "جنيف".
كما أن تحديد الموعد الأولي للجولة القادمة من "جنيف"، يأتي بعد يوم واحد من إعلان الخارجية الروسية أن الجولة القادمة من مفاوضات "أستانا" قد تكون في تموز/يوليو المقبل.
إذ رجح نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن تنطلق جولة جديدة من لقاءات "أستانا" حول سوريا في بداية شهر تموز/يوليو المقبل، وأن تعقد الجولة المقبلة من المفاوضات السورية في جنيف، بعدها مباشرة. وربط بوغدانوف التأجيل بانشغال الراعيين الآخرين المسلمين (تركيا وإيران) بشهر رمضان وعيد الفطر، وبعدها "سيبدأ كل شيء"، وفق قوله.
إلا أن مراقبين ومحليين عرب وأجانب، كانوا قد أجمعوا أن التأجيل الروسي المتكرر للجولة القادمة من "أستانا" يتعلق مباشرة بالهجوم غير المسبوق الذي تشنه قوات النظام وحلفاؤها بدعم هائل من سلاح الجو الروسي على مدينة درعا التي تقع ضمن مناطق "خفض التصعيد"، تلك المناطق التي من المقرر أن يتم رسم حدودها وخرائطها في الجولة القادمة، وهو ما يفسر تأجيل روسيا لجولة "أستانا" من 4 حزيران الجاري إلى 12 منه، ومن ثم إلى أجل غير معلوم!.
وكانت روسيا قد أطلقت منصة جديدة للحوار بين "أطراف الأزمة" السورية في "أستانا" عاصمة كازاخستان في الشهر الأول من العام الجاري 2017، وذلك بعد أن تم لها احتلال حلب الشرقية في الشهر الذي سبقه.
وبعد أن قاطعت دول فاعلة الجولة الأولى، معتبرة أنه لا داعي لإطلاق منصة غير "جنيف" التي تحتضن الحوار السوري وفق الشرعية الدولية، بدأت تلك الدول بالانضمام إلى تلك المحادثات بصفة "مراقب"، أو أنها عبرت عن دعمها لها كمسار مواز لجنيف. ومع مرور الوقت وإمساك الطرف الروسي بمعظم الأوراق في القضية السورية، بدا الوسيط الدولي دي مستورا منخرطاً في لعبة "أستانا"، حتى جعل من مسار "جنيف" الأصيل، تابعاً ومكملاً لمسار "أستانا" الدخيل!.
الكاتب السياسي السوري "محي الدين لاذقاني" كتب عن تلك المماحكة بين المسارين: "قال الروس لا حاجة لجنيف، فرد الأميركيون ضمنا بالقول لا حاجة للآستانة، فأجّل ديمستورا وتراجعت كازاخستان.. وبالأفق بعد أزمة الخليج نية لخلط الأوراق".
وعن هذا "الخلط" المقصود، أردف لاذقاني موضحا: "وما حيرة ديمستورا واتصال بوتن بالسعودية والإمارات أمس (أول أمس) للقول إن الخلاف مع قطر يعيق الحل في سوريا إلا أول ملامح هذا الخلط العجيب".
تأخير بوتين المقصود لأي حوار سياسي جاد، لخمس سنوات خلت، يؤكد نزوعه للحل العسكري، وهو ما اعترف به بشار الأسد حين قال صراحة في حوار صحفي إنه لا حل سياسيا في سوريا، وهو أيضاً ما تمارسه فعلاً لا قولاً إيران عبر ميليشيات قاسم سليماني العابرة للحدود والصحارى.
فهل يرى "الراعي الأممي" ذلك، أم أنه سيجعل من "جنيف" منصة للتوقيع على مقررات "أستانا" التي لن ينقصها إلا "الشرعية الدولية" لتصبح الخصم والحكم في القضية السورية المعقدة!.