كيف سيستجيب الغرب لو كان معظم الثوار السوريين مسيحيين؟ - It's Over 9000!

كيف سيستجيب الغرب لو كان معظم الثوار السوريين مسيحيين؟

ميدل إيست آي – (ترجمة بلدي نيوز) 

طوال السنوات التي مضت كان الغرب مشلولاً تماماً أمام الأزمة السورية، بسبب عدم قدرته على إيجاد "رجل صالح" في الصراع المستعصي بين نظام الإبادة الجماعية الذي يرتكبه الأسد والثوار الذين يقودهم "الجهاديون" الآن، وهناك سبب وجيه جداً لذلك: فقد نجح الأسد في غزو الغرب من خلال عرض الصراع من خلال تلك العدسة الثنائية.

ففي العقل الغربي، لا يمكن لرئيس الحكومة العلمانية أن يكون أبداً "الرجل السيئ" إذا كان البديل هو جماعة إسلامية متشددة، بغض النظر عن مدى شناعة جرائم النظام مقارنة مع الأخير.

وكان الأسد متعمقاً في ذلك المنهج، فقد أدرك منذ اللحظة التي اختار فيها السجن والتعذيب والجوع والقتل ضد من قاوموا طغيانه بدلاً من سماع مطالبهم المتواضعة بالكرامة والحرية، بأن الغرب لن يكون قادراً على مقاومة الرغبة في التدخل.

وعلى كل حال، فإن مبدأ "المسؤولية عن الحماية" مكرس الآن في القانون الدولي، بمعنى أن المجتمع الدولي قد يتدخل بصورة قانونية لوقف الدول ذات السيادة عن ارتكاب أعمال عنف جماعي ضد مواطنيها.

لذلك، كان على الأسد أن يستخدم لعبة قذرة -لتخويف الغرب من التدخل- في الوقت الذي كان فيه يقوم بالعمل القذر لقتل شعبه فأكثر من نصف مليون ماتوا من جميع أطراف الحرب حتى الآن والعدد بازدياد مستمر!

ووضع الأسد في حساباته أن لا شيء يلوث الخطاب السياسي الغربي بشكل أكثر فعالية من مزيج من عبارة "جهادي" ، "أصولي إسلامي" أو "إرهابي".

فقد شاهد الأسد لسنوات- الدعاة الإسرائيليين يقوضون الإدانة الغربية للفظائع الإسرائيلية في غزة من خلال خلط المقاومة الفلسطينية مع "الإسلام الراديكالي" وتصوير حماس كواجهة للثورة.

وبذات الأسلوب وصف الأسد بشكل غير معقول حركات الاحتجاج السلمية في الشوارع السورية- بأنها مؤامرة إرهابية يقودها الإرهابيون ضده.

وهي حيلة قامت إسرائيل بنشرها بلا رحمة لسحق ثلاثة انتفاضات، وسجن مليوني من سكان غزة في معسكرات اعتقال في الهواء الطلق - في حين بالكاد لقيت هذه الممارسات أي اعتراض من الغرب!

كما راقب الأسد كيف أن الغرب لم يفعل شيئاً عندما أطاح عبد الفتاح السيسي بجماعة الإخوان المسلمين المنتخبة ديمقراطياً في مصر، ثم ذبح المئات من أنصارها السياسيين!

ورغم أن التغطية الإعلامية الواسعة الانتشار في الأيام الأولى للثورة السورية أوضحت للجمهور الغربي أن الاحتجاجات في جميع أنحاء سورية ضد الأسد- كانت غير طائفية وعلمانية في طبيعتها- وعلى الرغم من أن المتظاهرين في البدايات لم يطالبوا بتغيير النظام، إلا أن الأسد قد وصف حركات الاحتجاج السلمية في الشارع بأنها مؤامرة إرهابية يقودها الإرهابيون ضده، وبأنه قد تم شراءهم من قبل الدول الغربية.

ويُظهر تحقيق استغرق سنتان في أصل النزاع السوري- كيف أن أسد الأسد أطلق من سجونه الإسلاميين والمسلحين من تنظيم القاعدة ومن جميع المشارب من أجل وصم الثورة في عقول كل من الجمهور الغربي والمحلي.

وعندما أظهرت وسائل الإعلام أن الأسلحة الأمريكية انتهت بأيدي الجماعات الإسلامية، فقد القادة السياسيون الغربيون أي نوايا حسنة سياسية أو رأس مال كان من الممكن إنفاقه لتقديم الإغاثة للشعب السوري.

ولكن هل كان سيشعر الغرب بالقيود المفروضة عليه، لو كانت الأسلحة الأمريكية انتهت مع جماعات أصولية مسيحية؟

هذه الازدواجية بالمعايير هي ما يقيد التدخل الغربي في سورية_ هذه الازدواجية التي سمحت للأسد بقتل عشرات الآلاف من شعبه، في حين تشرد خارجياً أكثر من خمسة ملايين سوري، ونزح داخلياً ستة ملايين آخرين.

ولكن ماذا لو كان الثوار السوريون مسيحيون؟

هل سيشعر الغرب بتلك القيود ، ولو انتهت الأسلحة الأمريكية مع جماعات أصولية مسيحية؟ هل سيقبل الغرب بان يتم تصنيف هذه الجماعات على أنها منظمات إرهابية؟

وكيف سترى الدول الغربية المسيحيين الذين سافروا إلى سورية، وخاطروا من أجل الدفاع عن السوريين من براميل الأسد المتفجرة والميليشيات الإيرانية؟

لن يروهم كإرهابيين بل ... "كأبطال"!

ولكن سوريا ليست دولة ذات أغلبية مسيحية، والمسلحين المسيحيين لا يقودون الآن الثورة- إنها دولة ذات أغلبية مسلمة ويقودها ثوار مسلمون.

ولهذا السبب، بدلاً من اعتبارهم أبطالاً، فإننا نؤمن تلقائياً بأن المسلمين الذين يسافرون إلى سورية لمحاربة الأسد هم "إرهابيين"، وبالتالي نجردهم من حقوقهم القانونية، وفي بعض الحالات، مواطنتهم، وحتى المسلمون الذين سافروا إلى سورية للعمل في وكالات الإغاثة اتهموا بالإرهاب.

فعند تغيير هوية الثوار من إسلاميين إلى أصوليين مسيحيين، يصبح  فجأةً من السهل إيجاد وضوح أخلاقي ومبرر أقل صعوبة!

إن الأسد، هو الرجل السيئ في هذه المعركة، وعلى الجانب الآخر يحدث أن يكون هناك هوية دينية تثير حساسية الغرب وهي "الإسلام".

لقد تغيرت الأوقات منذ أن كان الاتحاد السوفييتي هو العدو الأساسي للغرب ولم يجد حينها الغرب أية صعوبات بتصنيف الإسلاميين بـ"الأشخاص الجيدين" عند الاحتلال السوفييتي لأفغانستان ، كما ظهر في فيلم "رامبو3" "عندما تم إهداء الفيلم للمجاهدين الأفغان الشجعان"!

ما الذي يمكن قوله بهذا الشأن؟ إنها منطقة حرب، وبعض المتشددين قد يسيطروا على أي مجموعة من الأفراد، ولكن حفنة مقاطع الفيديو التي ينشرها الغرب عنهم تعني القليل أمام ذبح الأسد الذي يحدث على نطاق واسع.

إن أعمال داعش المتعطشة للدماء ليست رمزاً للجهاد، ولا لمعظم الجماعات الإسلامية المسلحة المنتشرة بين الثوار السوريين، ولكني في ذات الوقت لا أقترح على الولايات المتحدة أو حلفائها أن يتهاونوا مع الجماعات التابعة للقاعدة أو غيرهم.

ولكن إذا كنتم ترغبون بوقف القتل في سورية و إيقاف أزمة اللاجئين، مع وضع حد لنمو جماعات مثل داعش والقاعدة، فإن ما أقترحه هو أمر لا مفر منه: أن يكون للمسلحين الإسلاميين رأي في مستقبل سورية، أياً كانت الهوية الوطنية أو الهويات التي ستأتي في وقت لاحق في فترة ما بعد الحرب والتي من المتحمل أن تكون قريباً.

وإذا قبلنا هذه الفرضية، القائلة بأن الأصوليين المسلمين لا يختلفون حقاً عن الأصوليين المسيحيين أو المتطرفين اليهود أو أي مجموعة سياسية أخرى- تنشأ بشكل روتيني في الديمقراطيات الغربية، فإن خياراتنا لإنهاء المعاناة وإراقة الدماء في هذا البلد ستتسع فجأة.

وإذا أردنا إيجاد حلول حقيقية لإنهاء الصراع، يجب علينا أولاً رفض مقامرة الأسد، بأن الخيار هو بين دعمه أو دعم الإرهابيين، لأن الخيار الحقيقي هو بين الحرب الدائمة والسعي إلى السلام.

مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بتدريب عناصر من "الهيئة" بوساطة أمريكية

واشنطن تعلن موقفها من التصريحات التركية الأخيرة حول العلاقات مع النظام في سوريا

تركيا تجدد مطالبها للولايات المتحدة بعدم دعم وحدات حماية الشعب الكردية

أمريكا: نتحقق بشأن مقتل أحد مواطنينا بسجون النظام

"الوطني الكردي" يطالب أمريكا بوقف انتهاكات "العمال الكردستاني" في سوريا

روسيا تتهم أمريكا بخرق بروتوكول منع الاشتباك بالأجواء السورية