بلدي نيوز – (منى علي)
بدأت إيران منذ العام 2013 بتنفيذ خططها في التهجير تحت مسمى "المصالحات"، ولم تكترث نهائيا بالمناطق الشمالية والشرقية من البلاد، بل صبت اهتمامها خلال عامين كاملين على حمص التي رعت أول اتفاق فيها، ومن ثم توالى التهجير على أسوار العاصمة دمشق، إلى أن جاء التدخل الروسي وأزاح الإيرانيين ليحل مكانهم عسكريا وسياسيا، وليتابع سياسة التهجير القسري في المناطق ذاتها، وكان آخرها حي الوعر، آخر قلاع الثوار في عاصمة الثورة.
وباستثناء شرق حلب الذي أعادته روسيا إلى حظيرة النظام اسمياً وإلى احتلالها المباشر فعلياً، فإن مناطق شمال وشرق سوريا، بقيت خارج دائرة المصالحات، لتشهد وضعاً متأزماً ليس على صعيد الداخل فحسب، بل على الصعيد الدولي، حيث احتشدت القوى الكبرى الإقليمية والعالمية، متذرعة بحرب تنظيم "الدولة"، تلك الحرب التي أعرب "الأعداء" عن استعدادهم ليكونوا شركاء فيها، بينما تخلوا جميعاً، عسكريا وسياسيا، عن اتخاذ أي موقف من نظام الأسد المدان دولياً بجرائم حرب، وتركوا وسط وغرب سوريا والعاصمة ومحيطها، (سوريا المفيدة) تحت السلطة المطلقة لروسيا وشركائها وأذنابها، فهل انحسر الصراع بعيدا عن حدود (سوريا المفيدة)، وهل كان مخططا لذلك؟.. وما خيارات المعارضة لإعادة إنتاج الثورة؟
الصحفي السوري، أيمن محمد، عبر عن اعتقاده بأن "مسألة السيطرة على وسط سوريا لم تحسم إلى اليوم؛ فلا زال تنظيم "الدولة" حتى اللحظة صاحب الكلمة الفصل في البادية السورية الممتدة على مساحات واسعة في دير الزور والرقة وحمص وحماة إلى القلمون وصولا إلى ريف دمشق والسويداء، وبالتالي لا تزال سوريا المفيدة هدفاً بعيد المنال للنظام وحلفائه، أما من جهة الغرب فالثوار لا يبعدون سوى بضعة عشرات الكيلومترات عن معاقل النظام في الساحل وخاصة اللاذقية وسهل الغاب".
ورأى الصحفي "محمد" أن المعطيات السياسية والمؤتمرات الدولية "تشير إلى عجز في التوصل لحل بين الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وبالتالي إلى صعوبة تشكيل جبهة واحدة بين هذه الأطراف لقتال تنظيم (الدولة)، فتنظيم (الدولة) قائم على هذه التناقضات ومن الممكن أن يعيد بناء استراتيجياته من خلال التخلي عن مناطق بعينها على حساب مناطق يرى فيها بداية جديدة لمشروعه".
هذه التناقضات تغذي أيضاً نظام الأسد، وفق "محمد"، "ولهذا من الصعب إسقاطه عسكريا أو حتى سياسياً".
ويختم الصحفي السوري، بالقول: "في ظل العجز الدولي بإحراز أي تقدم يحقق للشعب السوري مطلبه الأساسي بإسقاط النظام أو على الأقل أركان النظام من الصعب الوصول لحل سياسي وبالتالي استمرار دوامة القتال على الأقل حتى نهاية العام الجاري".
رؤية لا تبدو متشائمة تماماً، لجهة ربطها بزمن محدد، قريب بعض الشيء، فيما يذهب محللون آخرون إلى أن الخروج من "النفق السوري" سيتطلب سنوات عجافاً ليست بالقليلة، خصوصاً في ظل محاولات روسيا تحييد "سوريا المفيدة" والعبور بها بأقل الخسائر الممكنة، في مقابل جعل شمال وشرق سوريا مسرحاً مفتوحاً للعمليات، والاحتمالات.