بلدي نيوز - (خالد وليد)
هدنة بعد هدنة يكرر النظام مجموع خطواته السابقة ويجدد تصرفاته القديمة، فهو يدرك أن الهدن ليست ضده بل هي لدعمه قلباً وقالبا، وأن كل هدنة بضغط دولي يتلوها تقدم لمصلحته، بعد أن يكون جهز نفسه وجنوده لجولة أخرى بعد أن التقط أنفاسه وجدد عتاده، وعمل على استكشاف مناطق الثوار ومواقعهم من جديد.
فالنظام والايرانيون يعملون على الاستفادة من فترة وقف اطلاق النار المفترضة، لحشد قواتهما على عدة محاور جنوبي حلب، حيث يسعيان إلى توسيع طريق خناصر والتمدد باتجاه كفريا و الفوعة، والعمل تدريجيا على عزل إدلب وتطويقها، وخلال ذلك يكونون قد قضوا على الثورة في ريف دمشق وريف حلب وريف حماة ودرعا حسب مخططاتهم.
فيما الثوار لا يزالون يعلقون أملاً بالمفاوضات في أستانة التي تعرضت للتلغيم بشكل غير مسبوق، فهم في حال وصلوا إليها سيكونون أقل من 15% من ثقل الحاضرين، والذين يفترض أنهم من "المعارضة"، ما يعني أن أي مفاوضات حاليا بهذا التمثيل ستكون كارثية، وخصوصاً أنها مدعومة من الروس الذين سيقولون للعالم أنهم يدعمون "مفاوضات سلام" سوف تنهي الحرب في سوريا، حيث أن الثوار في هذه المفاوضات لن يكونوا فعلياً قادرين على فرض أي رأي أو أي طلبات وسيكونون الحلقة الأضعف التي استدرجت لهذا الوضع، ما يعني أنهم سوف يصلون لمرحلة يرفضون فيها المفاوضات، ما يجعلهم عرضة لاتهامات روسية بأنهم يعرقلونها و أنهم "إرهابيون"، خصوصاً في حال استصدرت روسيا قرارا من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، ما يعني أن الثوار سوف يتحولون بفضل المفاوضات لإرهابيين، بعد أن كانوا حصلوا على اعتراف روسي ببعض الفصائل، فأي عملية تفجير أو اغتيال تنسب لأي فصيل، يمكن بفضلها اعتبار هذا الفصيل إرهابياً مباشرة، وإزالة أي غطاء أو اعتراف سياسي أو قانوني (لا يعرف تماماً إذا ما كانت روسيا أعطت اعترافاً سياسيا أو قانونيا للفصائل التي اعترفت بها).
ما هي خيارات الثوار بالنسبة للمفاوضات؟
يبدو أن الثوار وقعوا في الفخ الروسي الذي نصب بعناية لهم، فالروس فاوضوا الشيشانيين بمنتهى الذل عام 1996، ثم وبعد عدة سنوات عادوا للهجوم على غروزني وتدميرها، ما يعني أن الروس لن يكونوا مأموني الجانب مهما بلغوا من الضعف والتردد، فهم يحاولون الآن تجزئة القوى العسكرية على الأرض، لاستهداف بعضها وتأجيل البعض الأخر إلى حين، وقد يكون القتال الحاصل بين جيش الإسلام والنظام في الغوطة خير مثال، على عدم فاعلية الاعتراف الروسي الذي لم يجلب للثوار أي منفعة.
كذلك فروسيا اعترفت سابقاً بالميليشيات الكردية ودعمتها بالسلاح، ولكنها مع أول تقارب مع تركيا ألقت بها إلى قارعة الطريق، ما يعني أنه لا يوجد حصانة لأحد عند الروس والمصلحة هي السيد والحكم.
ما يعني أن الثوار أمام حل واحد وهو متابعة العمل العسكري، الذي يجب أن يشمل جميع الجبهات للضغط على النظام، الذي لن يرتدع إلا بوصول الثوار إلى قلب العاصمة دمشق، ومركز مدينة اللاذقية في الساحل السوري.